مسقط - الشبيبة
ما هو مرض السكري؟
مرض السكري هو مرض من أمراض العصور القديمة، وهو اضطراب في التمثيل الغذائي وله مسببات متعددة، ومن خصائصه ارتفاع السكر في الدم مع اضطرابات في التمثيل الغذائي للكربوهيدرات والدهون والبروتينات، وينتج ذلك عن عيوب في إفراز الأنسولين أو عمل الأنسولين أو كليهما. وتختلف المساهمة النسبية لهذه العيوب في حدوث مرض السكري باختلاف أنواع مرض السكري. والأعراض السريرية المعرفة لهذا المرض هي كثرة التبول والعطش المفرط وكثرة الأكل وعدم وضوح الرؤية وفقدان الوزن بدون سبب واضح.
ما الذي يسبب مرض السكري؟
المسببات غير الجينية الرئيسية لمرض السكري من النوع الثاني هي عوامل الخطر القابلة للتعديل مثل السمنة والنظام الغذائي غير الصحي وقلة النشاط البدني، كما أن الاستعداد الوراثي يلعب دورا مهما في خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
والسمنة (وهي أن يكون مؤشر كتلة الجسم 30 كجم/م2 أو أكثر) هي أقوى عوامل الخطر المسببة لمرض السكري من النوع الثاني، وهي ترتبط بخلل في التمثيل الغذائي يؤدي إلى مقاومة الأنسولين.
وهناك عامل خطر آخر للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وهو نمط الحياة الخامل كثير الجلوس وقليل الحركة. فهناك فوائد أساسية للنشاط البدني في تأخير ظهور مرض السكري من النوع الثاني منها زيادة امتصاص الجلوكوز في العضلات وتقليل الدهون داخل البطن، وتعمل التمارين متوسطة الشدة على تحسين امتصاص الجلوكوز بنسبة 40%.
من ناحية أخرى، هناك مرض السكري من النوع الأول، وهو أحد أمراض المناعة الذاتية التي تتوسط فيها الخلايا التائية، حيث يتسبب تدمير خلايا بيتا في البنكرياس في نقص الأنسولين المطلق مما يؤدي إلى ارتفاع السكر في الدم والميل إلى الحماض الكيتوني. ويظهر مرض السكري من النوع الأول بشكل شائع في مرحلة الطفولة أو المراهقة، كما يمكن أن يظهر في أي عمر آخر، ويمكن التعرف على الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الأول من خلال المحددات الجينية ووجود الأجسام المضادة الذاتية المميزة لهذا المرض.
كيف يتم تشخيص مرض السكري؟
لا ينبغي أبدا أن يتم تشخيص مرض السكري لدى الأفراد الذين لا تظهر عليهم أعراض بناء على قيمة غير طبيعية واحدة لجلوكوز الدم، بل ينبغي تشخيص مرض السكري على أساس قيمة جلوكوز البلازما في وضع الصيام عندما تبلغ 7.0 ملي مول / لتر (126 مجم / ديسيلتر) أو أكثر، أو عندما تبلغ قيمة جلوكوز البلازما 11.1 ملي مول / لتر (200 مجم / ديسيلتر) أو أكثر بعد ساعتين أثناء إجراء اختبار تحمل الجلوكوز، أو عندما تزيد قيمة فحص الهيموجلوبين السكري عن 6.5% أو لدى المريض الذي يعاني من أعراض كلاسيكية لفرط السكر في الدم عندما يكون جلوكوز البلازما العشوائي أكثر من 11.1 ملي مول / لتر (200 مجم / ديسيلتر).
هل يوصى بإجراء فحص بخصوص مرض السكري؟
قياس الأجسام المضادة الذاتية للجزيرة لدى الأفراد المعرضين وراثيا لخطر الإصابة بالنوع الأول من مرض السكري يحدد الأفراد الذين قد يصابون بمرض السكري من النوع الأول. وهذا الاختبار، إلى جانب التثقيف حول أعراض مرض السكري والمتابعة الدقيقة، يمكن أن يتيح التعرف المبكر على بداية مرض السكري من النوع الأول. ومع ذلك، يوجد حاليا نقص في برامج الفحص المقبولة والمشهود لها إكلينيكيا خارج إطار البحث، ولذلك لا يوصى حاليا بإجراء اختبار سريري واسع النطاق للأفراد الذين يعانون من مخاطر منخفضة لمرض السكري من النوع الأول بسبب نقص التدخلات العلاجية المعتمدة.
لكن ينبغي التخطيط لإجراء اختبار مقدمات السكري و/أو مرض السكري من النوع الثاني عند الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض، وذلك عند البالغين من أي عمر الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة (وهي عندما يكون مؤشر كتلة الجسم 25 كجم / / م2 أو أكثر) والذين لديهم عامل واحد أو أكثر من عوامل الخطر الإضافية لمرض السكري.
أما الأشخاص الذين يعانون من مقدمات السكري (أي عندما تكون قيمة فحص الهيموجلوبين السكري أكثر من 5.7% أو وجود اختلال في تحمل الجلوكوز أو الخلل في الجلوكوز بالصوم) فيجب أن يتم فحصهم سنويا.
أما النساء المصابات بسكري الحمل فيجب أن يخضعن للفحص مدى الحياة كل ثلاث سنوات على الأقل.
وبالنسبة لجميع الأشخاص الآخرين، يجب أن يبدأ الفحص في سن 35 عاما، وإذا كانت النتائج طبيعية يجب تكرار الفحص على فترات لا تقل عن ثلاث سنوات، مع مراعاة إجراء المزيد من الفحوصات المتكررة بناء على النتائج الأولية وحالة الخطر.
ما هي أنواع مرض السكري؟
مرض السكري من النوع الأول: يحدث بسبب تدمير خلايا المناعة الذاتية بيتا، مما يؤدي عادة إلى نقص الأنسولين المطلق.
مرض السكري من النوع الثاني: يحدث بسبب الفقد التدريجي لإفراز خلايا بيتا للأنسولين الكافي بشكل متكرر على خلفية مقاومة الأنسولين.
مرض السكري أثناء الحمل: هو السكري الذي يتم تشخيصه في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل والذي لم يكن سكري واضح قبل الحمل.
أنواع محددة من مرض السكري: متلازمات مرض السكري أحادي المنشأ، وأمراض البنكرياس الإفرازي، ومرض السكري الناجم عن الأدوية أو المواد الكيميائية.
ما هي مقاومة الأنسولين، وكيف يمكن قياسها؟
مقاومة الأنسولين هي سبب أساسي من أسباب أمراض القلب والأوعية الدموية وهي تزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وتعرف مقاومة الأنسولين بأنها "حالة مطلوب فيها كمية أكبر من المعتاد من الأنسولين للحصول على استجابة طبيعية من الناحية الكمية". ومقاومة الأنسولين هي السمة المميزة لمرض السكري من النوع الثاني. وتعمل السمنة على تصعيد التسبب في مرض السكري من النوع الثاني من خلال تحفيز مقاومة الأنسولين.
ويعتبر مشبك قياس ارتفاع نسبة السكر في الدم (Euglycemic Hyperinsulinemic Clamp) هو المعيار الذهبي لقياس مقاومة الأنسولين. ومع ذلك، فهو اختبار غير فسيولوجي يعتمد على المشغل ويستغرق وقتا طويلا ومكلف ويتطلب الحقن في الوريد ويقتصر على الأشخاص الذين يمكنهم تحمل الإجراء بأمان.
كما يحظى اختبار نموذج الاتزان لمقاومة الأنسولين (HOMA-IR) بجاذبية كبيرة من الناحية الإكلينيكية نظرا لسهولة تنفيذه، حيث يتم حساب قيمة نموذج الاتزان لمقاومة الأنسولين باستخدام الصيغة التي تستخدم جلوكوز البلازما أثناء الصيام ومستويات الأنسولين في المصل أثناء الصيام. وتشير قيم نموذج الاتزان لمقاومة الأنسولين المنخفضة إلى حساسية عالية للأنسولين، بينما تشير القيم المرتفعة إلى حساسية منخفضة للأنسولين (مقاومة الأنسولين).
كيف يتم علاج مرض السكري؟
بالنسبة لمرض السكري من النوع الأول، ينبغي أن يكون هناك فريق متعدد التخصصات مدرب على التعامل مع مرض السكري لدى الأطفال وعلى دراية بالصعاب التي يواجهها الأطفال والمراهقون المصابون بمرض السكري من النوع الأول وعائلاتهم، ويجب على هذا الفريق توفير رعاية خاصة بمرض السكري لهذه الفئة من السكان. وينصح باستخدام علاج غذائي مصمم بشكل فردي للأطفال والمراهقين المصابين بمرض السكر من النوع الأول كعنصر أساسي في خطة العلاج الشاملة. وخيار العلاج الوحيد المتاح لمرضى السكري من النوع الأول هو حقن الأنسولين الأولي والأساسي عدة مرات يوميا أو الحقن المستمر للأنسولين تحت الجلد مدى الحياة.
كما يوصى باتباع نظام غذائي وممارسة النشاط البدني والعلاج السلوكي لتحقيق فقدان الوزن بنسبة 5% أو أكثر والمحافظة عليه لدى معظم الأشخاص المصابين بمرض السكري من النوع الثاني والذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.
أما بالنسبة لمرض السكري من النوع الثاني، فإن علاج الخط الأول يعتمد على الأمراض المصاحبة وعوامل العلاج التي تركز على المريض واحتياجات العلاج ويشمل بشكل عام دواء الميتفورمين وتعديل شامل لنمط الحياة. ويمكن اللجوء للعلاج المركب المبكر لدى بعض المرضى عند بدء العلاج لتمديد الوقت تجنبا لفشل العلاج. وينبغي الوضع في الاعتبار التأثيرات على أمراض القلب والأوعية الدموية والكلى، والفعالية، ومخاطر نقص السكر في الدم، والتأثير على الوزن، والتكلفة وإمكانية الحصول على العلاج، ومخاطر الآثار الجانبية، وتفضيلات المريض.
كما ينبغي التفكير في الاستخدام المبكر للأنسولين إن كان هناك دليل على استمرار فقدان الوزن أو في حالة ظهور أعراض ارتفاع السكر في الدم أو عند الزيادة الكبيرة في مستويات الهيموجلوبين السكري (10% أو أكثر) أو مستويات جلوكوز الدم (16.6 ملي مول / لتر (300 مجم / لتر) أو أكثر).
هل يمكن أن تسبب أدوية السكري أي آثار جانبية؟
هناك بعض الآثار الجانبية الخفيفة المرتبطة بأدوية مرض السكري مثل عدم تحمل الجهاز الهضمي لها بسبب الانتفاخ وعدم الراحة في البطن والإسهال، ويمكن تخفيف هذه الآثار الجانبية عن طريق المعايرة التدريجية للجرعة. ويمكن لبعض أدوية السكري من الجيل القديم أن تسبب زيادة الوزن ونقص السكر في الدم. ويعد نقص السكر في الدم أحد الآثار الجانبية الشائعة مع الجيل القديم من أدوية الأنسولين. وليس كل المرضى متشابهين، ولذلك يجب أن يتم تحديد العلاج لكل فرد على حدة وليس تعميمه.
هل يمكن الشفاء التام من مرض السكري؟
لا يمكن الشفاء التام من مرض السكري من النوع الأول.
ومرض السكري من النوع الثاني يعتبر منذ زمن طويل مرضا مزمنا لا شفاء منه، ويتطلب معايرة مستمرة للعلاج الدوائي، وهو يتطور بشكل حاد لدى أكثر من 50% من المرضى إلى الاعتماد على الأنسولين على مدى تسعة إلى عشر سنوات. وتقر الآن منظمات مرموقة، مثل منظمة الصحة العالمية ومؤسسة السكري في المملكة المتحدة، بشكل صريح أن مرض السكري يمكن الشفاء منه من الناحية الأيضية (من حيث التمثيل الغذائي) – على الأقل لفترة من الزمن.
ويعرّف الموقف الإجماعي الآن "هدوء المرض" على أنه العودة إلى ما دون الحدود التشخيصية الأصلية لمنظمة الصحة العالمية / جمعية السكري الأمريكية لمرضى السكري، ويجب الحفاظ على هذه العودة لمدة ثلاثة أشهر دون أي علاج دوائي لخفض الجلوكوز. ويمكن استخدام قياس نسبة الهيموجلوبين السكري أو نسبة الجلوكوز في الدم لتأكيد هدوء المرض. ومن المهم ملاحظة أن مصطلح "شفاء" لم يتم تطبيقه على مرض السكري من النوع الثاني حيث إن استعادة الوزن هي دائما عامل خطر لتكرار الإصابة به. وعلى الرغم من استخدام المصطلحين "الشفاء" و"هدوء المرض" بالتبادل، فإن الإجماع الأخير يدعم استخدام "هدوء المرض" في سياق مرض السكري من النوع الثاني.
هل مرض السكري هو الوباء الصامت في عُمان؟
نعم، يعتبر مرض السكري وباء صامتا في سلطنة عمان حيث إن الأعداد تتزايد بسرعة كبيرة بسبب العادات الغذائية غير الصحية ونمط الحياة الخامل وزيادة الوزن والسمنة.
وأنا شخصيا أعتقد أن ممارسة الرياضة البدنية بانتظام ونمط الحياة الصحي هما مفتاح الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني.