نقلة نوعية لمسار التعاون العماني الاماراتي

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٩/سبتمبر/٢٠٢٢ ٠٩:٠٦ ص
نقلة نوعية لمسار التعاون العماني الاماراتي

بقلم : علي المطاعني

أفرزت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة لسلطنة عمان عن توقيع 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم في العديد من المجالات الاقتصادية والتقنية الهادفة إلى إحداث نقلة نوعية في مسار العلاقات بين البلدين التي لها أرضية صلبة بنيت طوال السنوات الماضية من العمل المشترك وكل ما يربط بين لبلدين والشعبين الشقيقين ، الأمر الذي يفرض على حكومتي البلدين أن تترجم هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم إلى واقع ملموس يلمسه المواطنين في البلدين ويعكس تطلعات القيادة ان ترى المواطنين ينعموا بكل ما يتوفر لهذه العلاقات من اهتمام وعناية كبيرتين ، وان تسهم هذه العلاقات في فتح آفاق أوسع نحو التطور والتقدم في كل المجالات. فبلاشك أن زيارة سمو الشيخ محمد بن زايد على رأس وفد رفيع المستوى لها مدلولات كبيرة تعكس رغبة البلدين والقيادتين العمانية و الإماراتية بمواصلة العمل الثنائي المشترك في كل الجوانب الاقتصادية و الفنية وغيرها التي تستثمر إمكانيات البلدين الشقيقين و توظيفها بشكل أفضل مما هو عليه، ومعالجة كل الإشكاليات التي تعوق مسيرة العمل إلى ما يطمح إليه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق وأخيه سمو الشيخ محمد بن زايد. تكمن أهمية توقيع الاتفاقيات و مذكرات التفاهم بين سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة كونها تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، اللذان لديهما سجل حافل بالتعاون الاقتصادي يمتد إلى 50 عاما،أسسه المغفور لهما جلالة السلطان قابوس بن سعيد والشيخ زايد، وكذلك الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله، لذا فإن فمن الطبيعي أن القيادة الجديدة في سلطنة عمان والامارات سوف تختط نفس النهج وإحداث نقلة نوعية لمسار العلاقات يتواكب مع المستجد الجديدة و التطورات و المتغيرات في العالم، و لكن كل يبقى أو يفرض وضع الآليات واضحة و مسار زمني يتم فيه تنفيذ هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لعكس هذه العلاقات لما يتطلع إليه الشعبين الشقيقين. وأعتقد بأن الوضع الآن سيكون أكثر ملائم ومنسجما لتطوير التعاون بين البلدين بشكل أكثر وبما يسهم في تعظيم من هذه الاتفاقيات.

وحتى لا نغيب ما تحقق في السنوات الماضية , و لكي يكون منطلقا للعمل الاقتصادي القادم ، فانه من الاهمية ذكر ان هناك الكثير من مجالات التعاون تحققت في الفترة الماضية ، فالعلاقات الاقتصادية العمانية الاماراتية تعد الافضل و الارقام و الاحصائيات توضح ذلك بجلاء ، حيث يبلغ التبادل التجاري حوالي 5 بليون ريال حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين 2021م ، بزيادة 9 بالمائة عن عام 2020، فمتوسط نمو التجارة بين البلدين خلال 5 سنوات بنحو 10 بالمائة .

وتعد الإمارات أكبر شريك تجاري لسلطنة عمان و أكبر مصدر إلى سلطنة عمان وأكبر مستورد منها، وتستحوذ الإمارات على أكثر ب 40 بالمائة من مجمل الواردات الى سلطنة عمان من العالم وتستاثر ب 20 بالمائة من صادرات سلطنة عمان للأسواق العالمية.

وكذلك تعد الإمارات أكبر مستثمر عربي وثالث عالمي في سلطنة عمان بحوالي 8.2 بالمائة من إجمالي الاستثمار المباشر في عمان ، ويبلغ عدد الشركات العمانية العاملة في الإمارات 230 شركة و22 وكالة تجارية في نهاية 2021م. ، وفي حين بلغ عدد الشركات الإماراتية العاملة في سلطنة عمان 3300 شركة.

في الجانب السياحي يبلغ عدد نزلاء العمانيين في فنادق بالإمارات في عام 2021 256 الف نزيل من سلطنة عمان بنمو 32 بالمائة عن 2020، في حين استقبلت سلطنة عمان 131 الف سائح إماراتي، و بلغ رحلات شركات الطيران ما بين 132 إلى 137 رحلة أسبوعية من قبل شركات الطيران في البلدين ، كل ذلك يفرض على البلدين الارتقاء بهذه العلاقات والبناء عليها بشكل اكبر مما هو عليه .بل لهذه الامور وغيرها يجب ان تكون العلاقات العمانية الإماراتية أفضل العلاقات التي تربط البلدين بدول العالم أجمع. فاليوم تقف البلدين أمام مرحلة مفصلية من التعاون سوف يكتبها التاريخ ، إذا ترجمت مجالات التعاون على أرض الواقع بنفس الزخم الذي بدأت فيه العلاقات الاقتصادية للوصول إلى مرحلة التكامل بينهما وتلبية لتطلعات المواطنين.

بالطبع المسؤولية تقع على الحكومات في ترجمة ذلك ولكن لايعني بأن الطريق مفروش بالورد أمام الجميع، فيحتاج الأمر إلى متابعات و تذليل للتحديات وإزالة المصاعب من كل الأطراف، والمبادرة قبل كل شيء.

نأمل أن تكون هذه الاتفاقيات بادرة خير تبلور مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين و تمهد لعلاقات أكبر و تفاهمات أعمق تجسد كل ما يتوفر لهذه العلاقات من إرث تاريخي ومصير مشترك و تكامل اقتصادي مطلوب. ونحن بالطبع متفائلين ويجب أن يكون الجميع متفائلا بهذه التطورات الإيجابية ويعمل من جانبه في انجاحها حتى لو بكلمة خير.