بقلم : علي المطاعني
تدخل إنتخابات مجالس البلدية في سلطنة عُمان مرحلة جديدة، وذلك بعد إعلان قوائم المترشحين، لتضيف لبنة أخرى في جدران المشاركة في صنع القرار السياسي في البلاد، وترسيخ العمل الديمقراطي المؤسسي القائم على تمكين المؤسسات البرلمانية من نقل آراء الشعب العُماني ومتطلباته عبر هذه القنوات. الأمر الذي يتطلب منا جميعا المساهمة في إنجاح هذه التجارب وتطويرها من خلال المشاركة الفاعلة كناخبين عبر حسن إختيار من يمثلنا في هذه المجالس التي تُعد رافدا مهما من روافد تطوير التجربة الديمقراطية وجزءا لا يتجزأ من منظومة التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد، وعبرها وبالنتيجة يترسخ الوعي لدى شرائح المجتمع بحقوقهم وواجباتهم، بل أن المشاركة في الإنتخابات وممارسة العملية الديمقراطية يُعد تطورا يعكس وعي المواطن ودوره في البناء المؤسسي الديمقراطي. بلاشك أن مجالس البلدية إحدى التجارب التي تأخذ وضعها في البلاد شيئا فشيئا وتواكب تطور المجتمع ورغبته في المشاركة، وتلبي حاجة البلاد لتكريس العمل الوطني الذي يكفل المزيد من المشاركة الفاعلة، ولعل المرحلة المقبلة لعمل مجالس البلدية في السلطنة ستشهد تطورات إيجابية تدفع بمسيرة هذه التجربة قدما للأمام خاصة مع إتباع الحكومة للنظام اللامركزي في إدارة المحافظات وتعزيزها بكل الأطر والتشريعات التي تمكنها من إحداث تحول نوعي في تنمية المحافظات بشكل أكبر يتواكب مع تطورات المرحلة في إدارة الدولة وإتساقا مع رؤية عُمان 2040، وكل هذه المستجدات تعظم من أهمية مجالس البلدية ودورها في المشاركة في هذه التحولات الإدارية المفصلية المهمة. بيد أن كل ذلك لا يتأتى إلا من خلال العمل على النهوض بهذه التجربة إلى مستوى الطموحات الوطنية والشعبية، خاصة على العديد من المستويات وأهمها الإقبال على تسجيل الناخبين والترشيح والعمل بمسؤولية من جانب الأعضاء في ترجمة العضوية بكفاءة عالية ترتقي بالعمل البلدي إلى المستويات المأمولة والمرتجاة. ففي هذه الفترة بلغ عدد المترشحين 760 مترشحا ومترشحة، مقارنة مع الفترة الثانية حيث بلغ عدد الناخبين والناخبات أكثر من 623 الف ناخب وناخبة، بزيادة 137 مترشحا ومترشحة، وهي نسبة طيبة تعكس الإقبال على الترشح، ومن المنتظر أن يتضاعف أعداد الناخبين والمصوتين مقارنة مع ما شهدته إنتخابات الفترة الثانية التي بلغت نسبة التصويت فيها 39.85%، منهم 63.20% ناخبون، و36.8% ناخبات.لذا فإن الإقبال على الإنتخابات ترشيحا وترشحا لعضوية المجالس والممارسة الفاعلة هي المقياس الفيصل لعملية الإرتقاء بالمشاركة الشعبية ومن بينها مجالس البلدية، إذ لايمكن أن تتطور من تلقاء ذاتها مع وجود فتور في المشاركة. على ذلك يتطلب العمل على هذا الجانب كما وكيفا لتبقى هذه التجارب ناصعة في جبين التنمية الشاملة بالبلاد، وتتواكب مع التطورات والمتغيرات الوطنية والإقليمية والدولية. بالطبع التحديات لتعزيز المشاركة الوطنية في ظل ما نشهده من متغيرات كثيرة على مناخ الحياة أسهمت في تقليص المشاركة والعمل عن بعد واللجوء إلى المنصات الرقمية لإبداء الرأي والمشاركة، كلها عوامل يجب منازلتها والتغلب عليها حتى لا تؤثر سلبا على العملية الإنتخابية. نأمل أن تكلل هذه الإنتخابات بالنجاح والتوفيق وتمضي قدما نحو تحقيق أهدافها على كل المستويات، ولنرتقي بهذه التجربة بكل السبل سواء من قبل الدولة أو الشعب فالكل مسؤول عن تطويرها حرصا لرفعة سمعة هذا الوطن إلى ما نتطلع ونصبو إليه.