مسقط - الشبيبة
وصلت السلطنة مؤخرا شحنة من القمح الاوكراني تزن 32 ألف طن حيث أضيفت الشحنة الأخيرة المقدّرة إلى مخزون السلطنة، ويساعد الدعم الحكومي المقدم للشركات كثيرًا في هذا الجانب وفي الوصول إلى مختلف الأسواق، مثل السوق الأسترالي والأوكراني والأرجنتيني، كما تم استلام شحنات من الشعير حيث أن الانتاج لا يشمل الطحين فقط، فهناك حاجة إلى الأعلاف وغيرها لتغطية حاجة الثروة الحيوانية.بحسب مسؤول في شركة المطاحن العمانية.
وتحدث المهندس إبراهيم بن سعيد العامري؛ الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة المطاحن العمانية، في برنامج «مع الشبيبة» حول القوة والسعة التخزينية للقمح؛ مشيرا إلى أن الصوامع في ميناء السلطان قابوس تتسع لحوالي 120 ألف طن، إضافةً إلى مخازن ومستودعات في الميناء، حيث تستخدم الشركة السعة التخزينية لتخزين جميع أنواع الحبوب وليس القمح فقط، ولكن تم تخصيصها في الوقت الحالي بشكلٍ كامل للقمح، إلى جانب الحبوب المستخدمة في الأعلاف مثل الذرة والشعير وغيرها، وتم إيجاد مخازن خاصة تم فيها مراعاة كافة معايير الأمن والسلامة الغذائية، ومر على هذا العمل أكثر من عامين وتم تحقيق نجاح باهر فيها زادت من خلالها خبرة فريق العمل في هذا المجال، كما توجد دراسات ومساعٍ مع الحكومة لأجل زيادة السعة التخزينية من أجل ضمان الاستدامة والاستمرارية، كما يتم استهلاك سعة التخزين ذات 120 ألف طن لجميع الحبوب كل 3 أشهر، ويتراوح الاعتماد السنوي الاستهلاكي للقمح بحوالي 300 ألف طن تقريبًا سابقًا، كما يتم الاعتماد على الشركة للتزويد بالقمح من قبل شركات من خارج السلطنة، ولا زالت الشركة مستمرة في التصدير إلى ساحل الشرق الأفريقي واليمن إلى جانب التزامات مع شركات عالمية في المنطقة مثل سلاسل مطاعم دومينوز وبابا جونز وغيرها.
وأوضح العامري أن قدرات التفاوض في إتمام العقود يساعد في أوقات الأزمات، حيث تتعامل الشركة مع شركات مورّدة كبيرة في المنطقة، حيث لوحظ عدة نقاط قوة على المطاحن العمانية منها القدرة على تفريغ 2000 طن في الساعة والالتزام بالرقم الممنوح للتفريغ، والمقدرة المالية على دفع المستحقات في وقتها دون تأخير، إلى جانب الدعم الحكومي المقدم إلى مختلف الشركات والتجّار، إضافة إلى قدرات شركة المطاحن العمانية على إدارة واستغلال تغير الأسعار وإتمام الصفقات بما يضمن الفائدة والنجاح للطرفين، وأشار إلى أن عملية الشراء تتم بالمناقصات ويتم خلالها توضيح بعض الحدود وغيرها لضمان عدم تخلف أي من الأطراف.
وحول تعدد وجهات استيراد القمح؛ أجاب العامري أنه توجد الكثير من الدول التي تستورد السلطنة منها حبوب القمح مثل أستراليا والهند والأرجنتين وهي من الدول التي يعتمد عليها في هذا المجال، إلى جانب دول أخرى مثل باكستان، وأكد وجود القمح في العديد من الدول خارج البحر الأسود ولكن الأسعار تتفاوت ويسعى الجميع لاستغلال الفرص من أجل خلق الربح في ظل عدم مقدرة أوكرانيا على التصدير، وهذا الجانب يخضع للكثير من المتغيرات، كما توجد علاقات وعقود بين الشركات الكبيرة في هذا المجال، ويتم بناء العقود مع الزبون الدائم بحيث يتم النظر إلى تاريخ الشركات وتواجدها والتزامها.
كما أكّد العامري وجود دعم للمزارع العماني من أجل دخول القمح العماني في التصنيع، ولكون الشركة ربحية فإنها تنظر إلى الأرقام وإمكانية الربحية، والأرقام الحالية تبشر بالخير، حيث تضاعف الانتاج إلى حوالي 3 أضعاف خلال سنة، والمنتج جيد جدًا وأثبت جدارته في السوق، إلى جانب وجود خطط لزيادة دخول القمح العماني ومنتجاته إلى السوق، وتحقيق التنافسية، وأوضح العامري أن أسباب نجاح المنتج ليس فقط المادة الخام، ولكن اختلاف القمح العماني وتمايزه يختلف من محافظة إلى أخرى، ويوجد تحدي في هذا الموضوع من أجل تحقيق الديمومة، وتحقيق نمو واضح وأداء جيد في السوق، وهناك الكثير من العوامل التي أسهمت وتعمل على نجاح هذه العملية، كما يوجد دعم كبير من قبل الحكومة للمزارعين في جانب زراعة القمح العماني.
وحول تحمل الحكومة لفرق السعر نظرًا لما يمر به إنتاج القمح من عمليات وخطوات مما أدى إلى خلق نوع من الاستقرار والثبات في هذا المنتج للمستهلكين في السلطنة، أوضح العامري أن دعم الحكومة متواصل للتأكد من ثبات السوق، كما أن شركات المطاحن الموجودة في السلطنة تستهلك حوالي 900 ألف طن في العام ولكن الاستهلاك المحلي من القمح يتراوح بين 320 إلى 340 ألف طن، لذلك الكميات الكيبرة التي تدخل إلى السلطنة من القمح فهي تدخل للسلطنة كدولة منتجة، بحيث يتم بيع الطحين في الأسواق العالمية حاله حال منتجات أخرى مثل النفط وغيره، ويتأثر سعره بتأثر السوق العالمي مثل باقي المجالات، وهنا تسعى السلطنة لتغطية هذا الفارق في فارق سعر الشراء واستيراد القمح بحيث لا يشعر المستهلك بأي فارق في السوق المحلي، وأكد وجود مخزون كبير من القمح في السلطنة مما يضمن وجود أمان غذائي.
وحول مساعي السلطنة لتلافي مايثار عن أزمة غذاء عالمية في هذا الجانب وصحة ما يتم تداوله أجاب العامري بأن الأمن الغذائي هو هاجس دائم لجميع الدول والحكومات قبل بدء التوترات السياسية والحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث توضح البيانات والدراسات وجود تنافس بين المنتج والقوة الاستهلاكية والشعوب المستهلكة والكميات الاستهلاكية، وبعد بدء التوترات الجيوسياسية بدأت التكتلات الدولية والدول بشكلٍ عام مساعيها الحثيثة من أجل تأمين الغذاء وتعزيز مخزونها الغذائي في الفترة الحالية حتى يتمكنوا من دراسة الاحتمالات المستقبلية في هذا الجانب، حيث انتبهت الكثير من الدول في أفريقيا واجهت الكثير من المشاكل في ثقلها السياسي وأسعار المواد الغذائية وغيرها.
وأشار إلى أن العديد من شركات القطاع الخاص إلى جانب شركة المطاحن العمانية انتبهت مسبقًا وتنبأت بهذا الوضع من خلال دراسة البيانات والأبحاث والإحصائيات من قبل فريق مختص لإدارة المخاطر، حيث تم اتّخاذ قرار بعدم حجز شحنات من البحر الأسود منذ منتصف العام الفائت، وذلك لإمكانية حدوث خطر في الإمدادات، وهو ما مكّن الشركة والسلطنة بشكلٍ عام من استقراء الوضع الحالي وتعبئة المخزون المتتالي المتّبع في سياسة الشركة من دول أخرى مثل الأرجنتين والهند وأستراليا، وتم تغيير السياسة من خلال التواصل مع الجهات المعنية في الحكومة، إلى جانب إضافة مرونة في التخزين بحيث يتوفر مخزون لستة أشهر إضافية وقادمة بشكلٍ مستمر في حال حدوث أي طارئ.
وحول تفاوت الدول في قدراتها في التعامل مع مثل هذه الأوضاع والأزمات؛ أوضح العامري أن هذا الأمر لا يتعلق بالقدرة التخزينية فقط، وأشار إلى عدم مقدرة أوكرانيا حاليًا على تصدير القمح نظرًا لمحدودية قدرتها على تعبأة البواخر، حيث أنه إلى جانب السعة التخزينية فإن الدول تحتاج إلى بنية تحتية ومقدرة على تفريغ البواخر، وميناء أوكرانيا لا يستطيع تفريغ كل البواخر التي تنتظر دورها نظرًا إلى محدودية سعة الميناء، إلى جانب وجود إتفاقية مع تركيا والتي ستدوم إلى 4 أشهر إصافية تنتهي خلال شهر نوفمبر، وهو ما يدل على طول خط الانتظار في الميناء، وبهذا لن تنتهي الأزمة بناءً على قرار استئناف التصدير فقط حيث أن التصدير يحتاج إلى قوة تشغيلية مضاعفة وبنى تحتية عالية ومرتفعة التكاليف، وهذا لا يمكن أن يتحقق بسرعةٍ عالية.
وأوضح العامري أن السوق العالمي يتبع الحصاد، وبالنظر إلى أستراليا وأمريكا الجنوبية والشق الجنوبي من الكرة الأرضية بشكلٍ عام تكون فترة الحصاد من شهر أكتوبر وحتى نوفمبر من كل عام، وينقطع الحصاد بعدها حتى شهري يونيو ويوليو في شمال الأرض في دول مثل روسيا وأوكرانيا ورومانيا وغيرها من الدول في البحر الأسود، لذلك يُخلق نوع من التوتر والقلق لدى الشركات في الدول المستوردة للقمح في الربع الأول من كل عام نظرًا لوجود فجوة كبيرة بين فترتي الحصاد من شهر ديسمبر وحتى شهر يونيو، كما يتم دراسة تقلبات الأسعار والقوة التخزينية والخطوط الملاحية وآثار التأمين والأحوال المناخية وتضمينها في ذات التقارير، وهو ما مكّن السلطنة من تغطية احتياجات الاستهلاك من القمح خلال الفجوة بين فترتي الحصاد حتى العام القادم،
وأشار العامري إلى وجود دراسة مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لزيادة صوامع التخزين لمدة أكبر، حيث يوجد صوامع إضافية تحمل ما مقداره 160 ألف طن في صحار إلى جانب وجود مطحنة خاصة بالشركة في صحار، كما أن الشركة في صدد توفير الكمية المتعاقد عليها للحكومة من أجل التخزين، كما تلتزم الشركة بوضع كمية ثابتة من القمح في صوامع التخزين في ميناء السلطان قابوس وهو ما تم الاتفاق عليه منذ البداية، إضافةً إلى وجود قدرة إنتاجية وتخزينية في صلالة، إلى جانب مشاريع إضافية في هذا المجال، كما أكد العامري أنه إن أصبحت السلطنة هي مركز وصمام أمان توفير القمح للمنطقة ولدول الخليج بالتحديد نظرًا للموقع الاستراتيجي للسلطنة فهذا يفتح مجالات كبيرة للسلطنة ولدول المنطقة كذلك، من خلال استهداف دول جديدة لتصدير القمح وغيره.
وحول التحديات التي تواجه تخزين القمح لمدد طويلة؛ أجاب العامري أن الصوامع وعمليات إعادة التدوير هي ما تشكّل أكبر التحديات في هذا الجانب، كما يمكن تطوير هذا المجال من خلال زيادة الصوامع التخزينية وتتوفر المساحة والخطوط الملاحية والشركات المختصة في كافة المجالات من أجل إتاحة الفرصة لمشاريع تخزين القمح وباقي الحبوب لدول أخرى.