بقلم : محمد بن علي البلوشي
هذه السطور لاتتهم أحدًا ولا تدافع عن أحد بل هي محاولة لفهم ما يجري من ارتفاع منسوب التذمر والشكوى إن كان واقعيًا أو تفنيده إن كان مصطنعًا حيث يطلق الناس ذلك عبر الأدوات المتاحة مستفيدين من حرية التعبير السائدة في الوقت الحالي والتي ينبغي الحفاظ عليها لكن دون ضرر أو ضرار.
نعيش اليوم وضع يصور فيه الناس البلد بدولة على شفا الانهيار الاجتماعي والاقتصادي..وضع كما يصوره الكثيرون ناتج عن التخبط الذي خلف الفقر والمرض والبلاء والفوضى الاقتصادية..واقتصاد يحكم فيه على معيار شواغر المحلات التجارية..وهذا قد يقود إلى وصف الحال بالكساد كالكساد العظيم الذي تعرض له العالم.. وكأن الكساد-إن كان صحيحا- يواجه بلدنا فقط.. الوقائع على الأرض لا تقول ذلك..المشاريع الاجتماعية والتنموية في المحافظات نسمع ونقرأ عنها بصورة يومية وتمضي حسب المخطط لها وارتفاع مصروفات الحماية الاجتماعية للمواطنين أيضًا مقبولة.. والفقر له معايير متباينة من دولة إلى أخرى لكن يمكن للجميع أطلاق كلمة الفقر لجذب انتباه العوام والتغطية على الحقائق وهي إطلاق الأحكام كخطب بعيدًا عن الأرقام فيؤدي ذلك إلى تعاطف الناس. أطلقت إحدى الحالات صرخة استغاثة أسرية بسبب العوز والحاجة وقد تكون صرخة صحيحة في بعض جزيئياتها.. لجأت هذه الحالة إلى المنابر المفتوحة والمتاحة دون أن تذهب - ربما -على سبيل المثال إلى المؤسسات المعنية بالأسر..وإن كانت تلك الحالة قد ذهبت وقوبلت بالرفض دون أجراء دراسة فورية لها فذلك أمر تتحمله تلك الجهات المعنية بهذه الحالات..هناك من يطلق هذه الاستغاثات بدون أن يكلف نفسه مراجعة جهات اختصاص التي من مسؤولياتها الالتفات لهذه الحالات..وكما يبدو أنها أصبحت لا تتفاعل إلا حينما تصبح حديث الناس على المنابر المفتوحة..قد يعتقد الناس أن مدينة الخليفة عمر بن عبدالعزيز هي المثالية فكل ما يذكر عن عهده إن البشر والعصافير لايجوعون واختفى الفقر في عهده ولم يجدوا مكانًا لإيداع الأموال..فعلى امتداد ملكه هناك الولاة الذين يتابعون إيصال أصوات الناس والوصول لفقرائهم ..هذه تبقى روايات غير دققة ويبقى تاريخ قابل للتمحيص والتفحيص والمراجعة وهذه مهمة التاريخيين المتجردين من أي تعصب.
عودة إلى المتذمرين..هذه فترة انتقالية تنتقل فيها البلاد من اتجاه اجتماعي واقتصادي لتصحيح بعض النواحي وتوجيهها في سياقها الطبيعي والصحيح..ليس الآخرين الذين يحيطون بنا أفضل منا فلكل أناس حاجاتهم وعندما لا تصدر أصوات تعكس مدى «البؤس» الاجتماعي فلا يدل ذلك بأنهم أفضل منا ولسنا نحن بأسوأ منهم..قامت دول الخليج بإجراءات حماية للفئات المستحقة للدعم والحماية الاجتماعية..وهناك الكثير من الإدعاءات المظللة التي تلقيها الأصوات في الشارع..وكل له هدفه سواء هدف حميد أو سلبي وغير دقيق..مهمتنا أن لا نقع في المصيدة الجديدة التي من شأنها أن تبني صورة كارثية مصطنعة تؤدي لانحسار مستوى الثقة بين الحكومة ومواطنيها..بسبب أصوات قد تبث من الرسائل السلبية وتهدم ثقة الشارع في برامج الحكومة عبر أحاديث ومعلومات مظللة لا تستند على وقائع صحيحة..هناك ملاحظات ينبغي على الحكومة القيام بها والأخذ بها أيضًا ولا يوجد عمل حكومي يخلو من القصور ..الدور المطلوب من الحكومية أن تتفاعل بشكل أكبر مع الحاجات الاجتماعية المتغيرة متى ما وجدت..اقتصادنا حتى الآن مطمئن حسب التقارير الواردة ولا يعني ذلك أن ترفع الحكومة يدها عنه عندما يواجه الضرر وبخاصة حينما ينتج عن ذلك تسريح آلاف العاملين من المواطنين من أعمالهم..أما عن أنشودة المحلات الفارغة فهذه أضحكومة وسخيفة يرددها الكل ليظهر لنا فهمه في الاقتصاد عن المحلات والشقق الفارغة عندها نصيح بأن اقتصادنا ليس بخير بينما القوة العاملة الوطنية لاتستطيع ملؤها لثقافة أجتماعية سيئة جدا..سيكون اقتصادنا بخير عندما تتمكن القوى العاملة الوطنية من أن تأخذ مكانها في الأعمال في السوق دون انتظار لوظيفة حارس في جهة حكومية حيث يتهافت عليها آلاف الشباب..هؤلاء حتمًا لايمتلكون مهارات ومهمة وزارة العمل وجهات التدريب والتأهيل أن توفر البرامج التدريبية والتأهيلية وأن تضع اعتبارات للموائمة بين الأجور والقدرة المعيشية ومع ذلك فإن الفرصة المتوفرة اليوم قد لا تتوفر غدًا..الحقيقة التي اقولها أننا نعيش على أزمة اتكالية وكسل لاحدود له..للأسف أن هناك من يرى عدم قدرتنا على شغل ذلك إلا بالقوى العاملة غير العمانية ونحن نتحدث عن قدرتنا على العمل وفي الواقع هناك نماذج في المحافظات استطاعت أن تكسر القاعدة وأثبتت قدرتها على العمل بينما بقيت أماكن ومناطق كثيرة هي مناطق الكسل الاجتماعي تفتقر إلى روح المبادرة وتكثر الشكوى والتذمر وتبحث عن راتب حكومي وعلى وظيفة غير موجودة..لابد من مواجهة التظليل ومقاومة الكسل الاجتماعي.