المستهلكون.. ضحايا الأسعار والأوزان

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٧/يوليو/٢٠٢٢ ٠٨:٤٧ ص
المستهلكون.. ضحايا الأسعار والأوزان

بقلم: محمد محمود عثمان

الأسعار اكبر معاناة تولدت من الأزمة الاقتصادية الناشئة من الحرب الأ كورانية وتبعاتها، لأن الزيادة طالت كل الأسعار بدون استثناء بمبررأو بدون مبرر، مع انعدام القدرة على السيطرة عليها، على الرغم من ثبات الارتفاعات التي حدثت مع جائحة كورونا، وعلى الرغم من أن مخزون الاحتياطي كان بالأسعار السابقة للأزمة، خاصة في الدول التي تعتمد على الاستيراد من الخارج لأكثر من 90% من احتياجاتها، لتتفاقم أزمة الأسعار التي يتحملها المستهلكون الذين فقدوا الحماية الحقيقية من الجهات المنوط بها حماية حقوق المستهلك أو متابعة ومراقبة الأسعار وضبط الأسواق، وتزداد الأزمة تعقيدا في ظل ثبات المرتبات والأجور، والتمسك بالأنماط والعادات الاستهلاكية، مع زيادة أعداد المسرحين من العمل، وتعرضهم للسجن نظرا للشيكات والقروض المتعثرة، وتخفيض الأجور مع تأخير تسليمها لعدة شهور، وفرض أنواع جديدة من الضرائب، وتعثر الكثير من الشركات أو إفلاسها وهروب الاستثمارات والمستثمرين، ليصبح المشهد أكثر مأساوية، أمام جنون الأسعار المتصاعد، وزيادة معدلات التضخم المحلي والمستورد الذي يصاحب عمليات الاستيراد الخارجي، ويجب ألا نستهين بالآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية بل والسياسية لذلك، التي تفجر أزمات داخلية بعضها قد أطاح بعدد من الحكومات في آسيا وإفريقيا، خاصة أننا في المنطقة العربية نفتقد إلى أي آليات لضبط ارتفاعات الأسعار التي تتم عشوائيا بواسطة التجار أو الوكلاء والمستوردين، مع انتشار معروضات ومنتجات مغشوشة ومخالفة للمواصفات أوغير المرخصة قانونا أومنتهية الصلاحية وغزوها للأسواق، وظهورالسلع الأقل جودة أو المقلدة أو التالفة بذات الأسعار وربما بأغلى من سعرها المعتاد أحيانا، وما يصاحب ذلك من استغلال وجشع من المتحكمين في الأسواق، الذين يفتقدون للتوعية الدينية التي تحذرالمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون..

وإذا كالوهم أو وزنوهم يُخسرون، مع عدم القدرة على مراقبة فواتير الشراء من بلد المنشأ ومتابعة وضع هامش الربح المناسب أو المسموح به الذي يُرضي التاجر والمستهلك والمجتمع ويحقق التوازن ويمنع الاستغلال، ولا سيما في النظم الاقتصادية الحرة، التي تعتمد على آليات السوق وحجم العرض والطلب، الذي لا يمكن من خلاله وضع تسعيرة إجبارية أو تحديد أوتوجيه الأسعار أو تحجيمها، لذلك سوف نشهد أمرين خطيرين هما: استغلال المستهلك من الوكالات التجارية وشركات التوزيع، عند تعامله مع كل المنتجات الصناعية والغذائية والدوائية والسيارات الجديدة وحتى المستعملة -التي ترتفع أسعارها عشوائيا وبلا ضوابط - وقطع الغيار والمعدات الكهربائية والألكترونية، ثم سلسلة من الارتفاعات الجنونية لمنحنى الأسعار والمتوقع استمرار الصعود، خاصة في الدول التي ارتفع فيها سعر صرف الدولار مثل جمهورية مصر العربية، على الرغم من تراجع متوسط مؤشراسعار منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" في الأشهر الأخيرة، ، وهذا يُعرض المستهلكين للابتزاز المادي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وإن كانت بعض الدول بدأت في دعم أسعار السلع الأساسية بعد أن تحسن دخلها نسبيا من عائدات النفط المرتفعة نتيجة أزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا بعد غزو أكورانيا، إلا أن أجهزة حماية المستهلك والمختصين في وزارات الصحة والتجارة والصناعة من المسؤولين عن سلامة أداء الأسواق، يتعاملون مع الأزمة بطرق تقليدية ونمطية وتعتمد على شكاوى المستهلكين، - إذا اشتكوا - لأنه في الآونة الأخيرة تشهد الأسواق إضافة إلى زيادة الأسعار المبالغ فيها تغيرات في حجم وأوزان عبوات بعض منتجات الأدوية والمواد الغذائية والخبز، ومستحضرات التجميل والعطوروسلع ومنتجات الكترونية وكهربائية مقلدة أو مغشوشة، وتحمل علامات تجارية عالمية، تُضخ في الأسواق العربية المفتوحة - بما تحمله من تناقضات - باعتبارها السوق الواعد والأكثر استهلاكا، والأكثرافتقارا للثقافة الاستهلاكية الواعية، كما أنها تتمتع بالقوة الشرائية الهائلة، لذلك تزخر بتنوع هائل من السلع الفاسدة أو منتهية الصلاحية، والمسجل عليها تواريخ إنتاج جديدة، بعد أن يتم تجميل العبوات لتكون أكثر جاذبية، ويقل حجمها وينقص وزنها، وتتغيير نسب المكونات الفعالة بها، بدون أن يشعربها المستهلك، وكلها من أشكال التلاعب لاستغلال المستهلكين، ويحتاج اكتشافها إلى فحوصات في المعامل والمختبرات الصحية والفنية، والتي قد يكون بعضها غير متوفر في الأسواق العربية، والأخطر والأغرب أن بعض هذه المخالفات ترتكب في مراكز التسوق العالمية، التي تعلن عن تخفيضات كبرى من فترة إلى أخرى، - وبعضها وهمي - بقصد جذب المستهليكن والترويج إلى سلع أو منتجات راكدة، والغريب أنه على الرغم من الإعلان عن تخفيضات كبرى في الأسعارفي مراكز التسويق، فإن بعضها يجبر المتسوقين على شراء الأكياس البلاستيكية لحمل أغراضهم فيها مع أن تكلفتها زهيدة للغاية، فكيف نصدق أنها تقدم تخفيضات على الأسعار بنسب تصل إلى 75% كما تعلن عنها في وسائل الإعلام المختلفة وللأسف يصدقها المستهلكون، وهى ترفض أن تتحمل حتى ثمن كيس بلاستيك ليس له قيمة تذكر؟؟ لذلك فإن حماية المستهلكين تدعونا إلى تكثيف الحملات الرقابية على فترات متقارية، وإيجاد آليات فعالة لمتابعة عمليات التعبئة والتغليف في مراكز التوزيع أو البيع بالجملة، وسحب عينات عشوائية من المنتجات والسلع المعروضة للتأكد من مدى سلامتها وصلاحيتها للاستخدام، ومتابعة فواتير الشراء الأصلية في وكالات السيارات ووكلاء الاستيراد لضبط هامش الربح، حتى لا تتضاعف المعاناة من زيادة الأسعار.