بقلم : علي المطاعني
حظيت زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ـ لجمهورية ألمانيا الاتحادية باهتمام بالغ من الجانب الألماني على العديد من المستويات والأصعدة، كون هذه الزيارة محطة مميزة في مسيرة العلاقات الثنائية المستمرة لخمسين عاما، أيضا لما تحمله من تعزيز لعلاقات التعاون القائمة بين بين البلدين و الشعبين الصديقين وتعظيم المنافع الإيجابية المشتركة في مختلف المجالات وتطويرها بما يتواكب مع تطلعات حكومة سلطنة عمان وألمانيا الاتحادية.
لعل هناك الكثير من مجالات التعاون المشتركة بين البلدين، والتي سوف تفتح آفاق أوسع للتطوير خاصة تلك المتعلقة بمجالات الاقتصاد والطاقة البديلة على وجه الخصوص لما تمتلكه ألمانيا من خبرات يمكن توظيفها واستغلالها في مشاريع مشتركة ومنافع متبادلة مع سلطنة عمان التي تتميز بمقومات الطاقة المتجددة بشكل كبير يؤهلها لريادة في هذا المجال، ولعل توقيع إعلان النوايا المشتركة للتعاون في مجال الطاقة يؤشر إلى رغبة البلدين الاهتمام بهذا الجانب بما يخدم مجالات التنمية المختلفة، فضلا عن لقاءات جلالة السلطان مع الرئيس والمستشار الألماني ورجالات الأعمال كلها تأتي لتؤكد رغبة البلدين في الارتقاء بعلاقات التعاون والشراكة المتميزة في كافة المجالات.
الأمر الذي يبعث على الارتياح لتلك الخطوات الإيجابية التي تمهدها الحكومة للقطاع الخاص في استثمار هذه الأرضية لإيجاد شراكات مع نظيره الألماني وغيره من دول العالم المتقدم والانطلاق إلى آفاق أوسع لجذب الاستثمارات التي ستعمل على تنمية وازدهار هذا الوطن الحبيب بأبناءه الأوفياء.
لاشك أن زيارة جلالة السلطان إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية ستعكس السمعة الحسنة التي تتمتع بها سلطنة عمان مع الدول الشقيقة والصديقة، وعزم حكومة جلالته على الاستفادة من تلك العلاقات الطيبة الوطيدة مع دول العالم وتسخيرها في الاستفادة من تجارب تلك الدول للنهوض بمجالات الاستثمار في البلاد على نطاق واسع في كافة المجالات واستثمار المقومات والموراد الطبيعية التي تزخر بها هذه الأرض الطيبة، وهذا لا يتأتى إلا من خلال تحرك قيادة الدولة من أعلى المستويات لتحريك المياه في العديد من الجوانب، ولعل اجتماع قائد البلاد المفدى مع رجال الأعمال الألمان خير دليل على تلك الرغبة الصادقة لحكومة جلالته، وطمأنة المستثمرين و تحفيزهم للاستثمار في البلاد، وبث الثقة في نفوسهم لما يمكن أن يحصلوا عليه في سلطنة عمان من امتيازات وحوافز وضمانات قانونية وقبل كل ذلك وضوح في الرؤية للعمل المستقبلي في البلاد وفق (رؤية عمان 2040) ، فهذا النهج الذي اختطه جلالته في الالتقاء برجالات الأعمال في الدول التي يزورها متغيرا إيجابيا يسهم في النهوض بالاستثمار في السلطنة ويقود الجهود التي تبذلها الجهات المختصة في الحكومة لسير عل نفس النهج الذي يختطه جلالة السلطان المعظم في هذا الجانب المهم بالمرحلة المقبلة.
ولعل التركيز على قطاع الطاقة البديلة في السلطنة في هذه الزيارة السامية، تعكس توجه جلالته في المضي قدما نحو مشروعات الاستثمار في الطاقة البديلة بالأخص الهيدروجين الذي بدأت بعض الشركات الاستثمار به في محافظات السلطنة ووضع الأطر والتشريعيات المنظمة لهذا الجانب المهم، وإيجاد الكيانات المؤسسية لرعاية الطاقة البديلة بإنشاء شركات مختصة بهذا المجال، والبدء في مشروعات وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم للاستثمار، وإدخال تخصات الطاقة البديلة في الجامعات والكليات وابتعاث الطلبة والطالبات لدراسة هذا المجال، كل هذه الجهود وغيرها تعكس مدى الاهتمام الذي توليه حكومة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم لهذا المجال وأهميته المستقبلية.
إن من شان هذه الزيارات العالية المستوى للدول الشقيقة والصديقة والتركيز على الجوانب الاقتصادية باعتبارها المحرك الأساسي للتعاون وترابط المصالح واستثمار امثل للعلاقات، أن تزيد من حجم التبادلات التجارية إلى مستويات أفضل، فحجم التبادل التجاري بين سلطنة عمان وجمهورية ألمانيا الاتحادية لا يتجاوز 182.7 مليون ريال حسب إحصائيات المركز الوطن للاحصاء و المعلومات، منها 172.9 مليون ريال إجمالي الواردات السلعية من ألمانيا و28.8 مليون ريال إجمالي الصادرات السلعية من مسقط الى برلين، وهى لا ترقى بذلك تطلعات البلدين وطموحاتهما، الأمر الذي يتطلب زيادة حجم التبادل التجاري من جانب القطاع الخاص من الجانبين العماني والألماني وفتح آفاق إعادة التصدير لدول أخرى.
بالطبع هناك جهود حثيثة من قبل حكومة سلطنة عمان لدفع العلاقات مع الدول وتعزيزها بكل السبل الممكنة التي تهيئ المناخ الملائم للقطاع الخاص أن يستفيد من مثل هذه العلاقات ويوظفها في مشاريع مشتركة واستثمارات متبادلة، باعتباره هو الأساس في تنفيد المشروعات ورفع التبادلات التجارية وتبقى الحكومات مشجعة لها ومهيئة الأرضية الصلبة لها.
بإنتظار نتائج تلك الزيارة الهامة، ونأمل أن تتكلل بنتائج إيجابية على الوطن والمواطن وان تسهم في دفع العلاقات العمانية الألمانية إلى الأمام وتفتح آفاق أوسع لتعاون أكبر بين البلدين الصديقين والاستفادة المثلى مما يتوفر من علاقات سياسية وطيدة.