القاهرة- خالد البحيري
تصاعدت حدة الأزمة بين الصحفيين ووزارة الداخلية المصرية، على خلفية اقتحام قوات الأمن المصرية مبنى النقابة مساء يوم الأحد الماضي والقبض على رئيس تحرير موقع الكتروني وأحد المحررين تحت التمرين بذات الموقع.
وتُعقد صباح اليوم الأربعاء جمعية عمومية طارئة لأعضاء نقابة الصحفيين لاتخاذ الإجراءات اللازمة للرد على ما أسماه الصحفيون بـ" أحداث الأحد الأسود"، وكان البيان العاجل الذي صدر فجر الاثنين الماضي قد طالب بإقالة وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار ومحاسبة كافة المتسببين في عملية الاقتحام.
ودخلت الأمم المتحدة على خط الأزمة وأعرب أمينها العام بان كي مون عن بالغ قلقة من مسألة اقتحام نقابة الصحفيين واقتياد اثنين إلى جهات التحقيق، كما دخلت شخصيات عامة وبرلمانية مصرية لدعم الصحفيين، ومن بينهم المحامي خالد على، والمخرج خالد يوسف، ووكيل لجنة الإعلام بالبرلمان تامر عبد القادر، والنائب الصحفي مصطفى بكري.
وقد توحدت الجماعة الصحفية في مصر خلف نقابتها مطالبة بالاعتذار عما بدر من الجهات الأمنية بحق النقابة في سابقة هي الأولى من نوعها، منذ تأسيس النقابة عام 1941 أي قبل نحو 75 عاما.
ومنذ الأحد الماضي دخل الصحفيون في اعتصام مفتوح داخل النقابة ونظموا وقفات احتجاجية حاشدة على سلالمها، التي تحولت -بعد غلق ميدان التحرير رمز الثورة المصرية- إلى "هايد بارك" للتعبير عن الرأي وتنظيم الوقفات المعبرة عن رفض بعض القرارات التي تصدر عن الحكومة المصرية.
وزارة الداخلية من جانبها حاولت غسل يديها من الحادثة مؤكدة أنها كانت تقوم بتنفيذ أمر قضائي صادر عن النيابة العامة، وأن ما تم من إجراءات كان وفقا للقانون ولم يكن هناك أي شكل من أشكال الاقتحام أو استعمال القوة في القبض على المطلوبين.
الأمر الذي رفضته نقابة الصحفيين وأعضائها، مؤكدة أن ما حدث مخالف للدستور المصري وقانون نقابة الصحفيين الذي يقضي في حال وجود مطلوبين للعدالة داخل مبنى النقابة أن يقوم عضو من النيابة العامة بالانتقال إلى المكان ومعه قوة الضبط ويتم التنفيذ في حضور نقيب الصحفيين أو من ينوب عنه.
ويعتبر كثير من الصحفيين أن خطوة الداخلية باقتحام النقابة جاء كرد فعل على توتر الأمور بين النقابة والداخلية على خلفية تقدم الصحفيين ببلاغين للنائب العام المصري ضد وزير الداخلية نتيجة الممارسات التي قامت بها قوات الأمن يوم 25 أبريل من منع للصحفيين من دخول مبنى النقابة، والسماح لمن أسماهم الصحفيون "بلطجية" باحتلال سلالم النقابة والرقص عليها.
أما مؤسسة الرئاسة المصرية فقد التزمت الصمت وتركت إدارة ملف الأزمة إلى المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، الذي اقترح عقد جلسة مصالحة بين الصحفيين ووزارة الداخلية، إلا أن الأمر قوبل بالرفض الشديد من جانب الصحفيين.
وفي السياق قال الكاتب الصحفي أيمن كمال رئيس تحرير مجلة أكتوبر: حرصت أن اتفاعل مع كل الزملاء أعضاء نقابة الصحفيين، وتلقيت العديد من الاتصالات التليفونية لزملاء اعزاء لديهم شحنات عالية من الغضب لما حدث من قبل بعض أفراد الأمن في واقعة القبض على اثنين، أحدهما صحفي
عضو نقابة هو محمود بدر والثاني طالب وممارس للصحافة، تحت التمرين في احدى البوابات الإلكترونية وليس عضوا بنقابة الصحفيين.
وأضاف: حرصت أن أسجل رفضي التام لدخول أفراد الأمن لمقر نقابة الصحفيين وهو أمر غير مقبول وتفاعلت مع كل الآراء التي تطالب بمحاسبة المسؤولين عن الواقعة انتهاء بالمطالبة بإقالة وزير الداخلية وهو ما حرص على المطالبة به عدد كبير من الزملاء الاعلاميين والصحفيين ورؤساء تحرير الصحف والمجلات وفي مقدمتهم الكاتب الصحفي ياسر رزق رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأخبار حيث طالب بذلك من خلال تصريحات
لبوابة أخبار اليوم وعلى الهواء في إحدى الفضائيات.
وأعلن الكاتب الصحفي أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، عن تضامنه مع نقابة الصحفيين المصرية ومطالبها، في مواجهة ما وصفه بـ "جريمة وعار" اقتحام النقابة، مشيرا إلى أن العدل والاستقرار الحقيقي لا يأتي بمصادرة الحرية وإهانة معقلها، بل بالتراضي القائم على العدل والمساواة والحرية والتنمية.
وقال النجار، عبر حسابه على فيسبوك: "متضامن مع نقابتي العظيمة ومع مطالبها في مواجهة جريمة وعار اقتحام قلعة الحرية ورمزها لأول مرة. وليتذكر الجميع أنه كلما تمدد فضاء الحرية يتقلص الاحتقان والعنف، أما إذا تم الانقضاض على براح الحرية فإن تلك تكون دعوة للاحتقان والاضطراب والعنف.. قدسوا الحرية وانحازوا لها فقتلها لن يورث بلادنا العظيمة سوى الكوارث والشرور، والاستقرار الحقيقي لا يأتي بمصادرة الحرية وإهانة معقلها، بل بالتراضي القائم على العدل والمساواة والحرية والتنمية".
وتضامن عدد من نقباء الصحفيين السابقين مع النقابة ومنهم الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد وضياء رشوان وممدوح الولي، كما تضامنت المواقع الإخبارية الإلكترونية بوضع شارة سوداء أعلى صفحاتها حدادا على حرية الرأي والتعبير، واحتجبت بعض المواقع اعتراضا على واقعة الاقتحام.
أما الصحف العالمية فقد أبدت تضامنا واسعا مع الصحفيين المصريين، وكتبت شبكة "إي بي سي" الإخبارية الأمريكية تقول إن نقابة الصحفيين ردت على اقتحام مقرها بدعوة لإقالة وزير الداخلية واعتصام مفتوح.
وركزت على تجمع عشرات الصحفيين أمام مقر النقابة يرددون هتافات "الصحفي مش إرهابي"، "الداخلية بلطجية".
ولفتت الشبكة إلى وصف النقابة للحملة الأمنية داخل مقرها بأنه عدوان بربري سافر استهدف كرامة الصحافة والصحفيين ونقابتهم وفاجأ الشعب المصري.
ووصف وول ستريت جورنال ما حدث بأنه: "حملة غير مسبوقة على مقر نقابة الصحفيين".. وقالت الصحيفة إن اقتحام مقر نقابة الصحفيين جدد المطالبة بإصلاح وزارة الداخلية بعد إقالة الوزير.
وتحدثت صحيفة ديلي ميل البريطانية عن إغلاق الشوارع المؤدية لنقابة الصحفيين ومحاصرة الأمن لمقرها في ذكرى تحرير سيناء، ونقلت عن صحفيين قولهم إنه تم القبض على زميليهم داخل مقر النقابة بعد اقتحامها بطريقة غاشمة.
وتناولت الصحيفة رد الداخلية في بيانها بأنه لم يتم استخدام القوة للقبض على الصحفيين المعتصمين بداخل النقابة.
ونوهت إلى أنه رغم انسحاب بعض سيارات الشرطة التي كانت تغلق الشوارع المؤدية إلى النقابة من أمامها إلا أنها مازالت تتمركز في أماكن قريبة منها بأعداد من الجنود والمدرعات.