بقلم : محمد بن علي البلوشي
حسناً فعلت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بإقامة ندوة «دور الآليات الوطنية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان»..ذلك يبعث على التفاؤل ورغبة الدولة بكل قطاعاتها الحكومية المختصة نحو ترسيخ الحقوق والواجبات عبر الأطر التي من شأنها أن ترسخ وتشرع لحماية حقوق الإنسان - بكل الجوانب التي تمس حقوق الإنسان - من بعد أن جمعت عدة جهات حكومية معنية بذلك حتى تصبح هذه الأطر واضحة أمامها.. فاللجنة عضو في تجمعات دولية وينبغي لها أن تقدم كذلك تقارير واضحة وشفافة أمام تلك المؤسسات الدولية..تقارير محايدة ولاتخضع لأهواء بعض الجهات الحكومية التي قد تقع في اجراءات غير قانونية لكنها قد تنكرها..وهنا ولأن اللجنة وأعضاءها يصدر مرسوم سلطاني بتعيينهم فإن ذلك يعني استقلاليتها ووضع الثقة السامية فيها موضع التنفيذ ولاتستطيع أن تحابي أو تجامل جهة ما على حساب المبادئ العامة العالمية لحقوق الإنسان والمبادئ العمانية لتلك الحقوق كما نص عليها النظام الأساسي للدولة..أنا على يقين تام أن مخرجات هذه الندوة ستنفع الجهات المعنية بإنفاذ القانون من حيث تطبيق هذه الأطر والتشريعات وتضيئ الطريق للموظفين الذين يمتلكون الضبطية القضائية على سبيل المثال والذين قد يجهلون بعض الأحيان الطريقة المثلى التي ينبغي مراعاتها عند إنفاذ القانون كما نصت عليه القوانين فالخطأ وارد..والتعسف قد يرد كذلك بقصد أو دونه بسبب الجهل بالقوانين والتعهدات.ولا أعني هنا بالتعسف انتهاك الكرامة الشخصية أو المعاملة غير اللائقة، فكرامة الإنسان من المبادئ الأساسية للدولة للمواطنين والمقيمين..وهي محمية ومصانة وأكدها جلالة السلطان، لكن التعسف يأتي في آلية تطبيق الإجراءات التي لا حد لها كما ذكرت وكذلك الاجراءات التي لاتنتهي والتي يمكن حلها دون تصعيد الإجراءات التي تصبح منهكة للجهات المرفوع إليها حيث تأكل الجهد والوقت في صورة يمكن حلها بأبسط الحلول طالما أن تبعاتها غير جسيمة.قد يرتكب بعض صغار الموظفين أخطاءً قد توصف بأنها تعسف أو إهمال طريقة تطبيق القانون حينما تتعلق بإجراء من الاجراءات والتي تستلزم تبيانا قانونيا واجرائيا..يحكي صديق كيف تم القبض على احد عماله وايداعه في مركز توقيف يصف العامل ذلك بأنه لايود العودة إليه - مركز التوقيف-يصف حالته بأنه ليس بالجحيم لكن حينما تنام في بيتك إلى أن توضع في مركز توقيف بين 20 إلى 30 شخصا فالأمر لايطاق..حينها تبدأ رحلة اجراءات القضية وقد تمضي عليها شهور كثيرة حتى الوصول لدرجات التقاضي فتحجز وثيقة السفر التي ينبغي أن تبقى مع صاحبها..وهي قضية لازالت إلى اليوم مستمرة.قد تستطيع سلطات إنفاذ القانون أن تدع الاسم موجودا في المنافذ الحدودية البرية والجوية إن كان الامر متعلقا بضمان عدم الهروب إلى خارج البلاد مواطنا أو مقيما..وهذا يتطلب كذلك مراجعة نوع التهمة والجنحة وبخاصة إن كانت بسيطة ولاتتعلق بالأمن القومي او المصالح العليا للبلاد بل في حدود حياة الناس اليومية..على سبيل المثال إن كان مقيما فإن المواطن هو المسؤول عنه امام السلطات وهو امر لازالت بعض الجهات الحكومية تقوم به.ومع ذلك -على سبيل المثال - فإن احتجاز وثيقة سفر شخص إجراء غير صائب وينبغي للجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون مع الجهات الحكومية الاخرى إيجاد حل لهذه المسألة..هل يمكن ان يحجز جواز سفر لشخص لمدة قد تطول وقد تقصر وقد تندرج في إطار جنحة بسيطة جدا.وبسببها يقع الكثيرون ضحايا لمثل هذه الإجراءات. كذلك على اللجنة أن توضح للجهات المعنية التأكيد على توثيق أي توقيف -على سبيل المثال - بسبب انتهاك أو مخالفة القوانين العامة، فماذا لو أراد شخص مقاضاة جهة حكومية خالفت الاجراءات لو أعتقد أن حقوقه القانونية قد انتهكت.هل تملك بعض جهات إنفاذ القانون دحض تلك «الافتراءات» مثلا وهل هي على استعداد لتوفير الأدلة موثقة؟ إن كان بنعم وأنا على يقين بذلك فينبغي توعية كوادرها بهذه الإجراءات ليصبح كل شيء موثقا قانونيا.. فقد يتعرض البعض إلى مماطلة يرتكبها بعض الموظفين تلافيا لأي مساءلة إدارية ربما من مرؤسيهم أو حتى تلك التي تقع على الرؤساء المسؤولين عن تطبيق القانون وسلامة اجراءاتهم. .بعض الاجراءات قد تتضمن..هنا .ينبغي لسلطات إنفاذ القانون التشديد والتوعية بالإجراءات حتى تضمن سلامة اجراءاتها التي يقوم بها موظفوها لتطبيق القانون. تتذكرون بعض القضايا الإعلامية التي أثيرت في وسائل الإعلام العالمية حول ظروف عاملات المنازل..ومع انني أصطف إلى الجانب الذي ردت عليه اللجنة على تلك الافتراءات والإدعاءات إلا أنني أعتقد انها فرصة لتعزيز هذه الاجراءات وحمايتها بإطار قانوني وتشريعي. المهم جدا أن على عاتق اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان توعية سلطات إنفاذ القانون بالإتفاقيات التي وقعتها السلطنة وتعهدت بتنفيذها أمام المجتمع الدولي.مرة أخرى شكرا لكم.