المهاجرون إلى الموت .. و يوم العمال العالمي

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٣/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٥٩ ص
المهاجرون إلى الموت  .. و يوم العمال العالمي

محمد محمود عثمان

تحديات كثيرة أمام منظمة العمل العربية خاصة مع احتفالات العالم بيوم العمال العالمي والتي شهدت مشاركة منظمة العمل الدولية في الدورة 43 لمؤتمر العمل العربي الذي استضافته القاهرة لمدة أسبوع بمشاركة وزراء العمل وأصحاب الأعمال والعمال بالدول العربية ، لمناقشة التحديات التنموية وتطلعات منظمة العمل العربية ، ودور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في زيادة فرص التشغيل، وتبادل المعلومات وأثرها في تنظيم أسواق العمل العربية ، ومن المؤسف أن يحدث ذلك في ظل وجود آلاف المهاجرين من العمال العرب يموتون يوميا على شواطئ أوروبا، بعد أن أعياهم البحث عن العمل الشريف وفقدهم من أي رعاية إنسانية ، ومن المؤسف أيضا أن كل ما قدمته منظمة العمل العربية في المؤتمرهوالتهنئة الصادقة للعمال العرب بمناسبة الاحتفال بيوم العمال العالمي، والذي يجسد تكاتف القوى العاملة ووحدتها من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية ويعترف بفضل الطبقة العاملة واسهاماتها المتميزة في بناء أوطانها وازدهار مجتمعاتها بالبذل والعطاء
،ولا شك أن هذه العبارات لا تغني ولا تثمن من جوع ، وعلى هذا النمط هو تأكيد منظمة العمل العربية على دعمها وتعزيزها المتواصل للتنمية وصيانة الحقوق والحريات النقابية لإيجاد حركة عمالية عربية قوية ومتماسكة هو هدف استراتيجي لا سيما وأنه يأتي تجسيدا للأهداف النبيلة التى أنشئت من أجلها المنظمة ، وأغفلت المنظمة تماما ولو بالإشارة إلى مأساة العمال العرب الذين الذين يلقوت حتفهم يوميا في محاولات متكررة للوصول إلى أوروبا أرض الأحلام
، وأغفلت كذلك آلاف العمال الذين فقدوا وظائفم بعد قيام شركات القطاع الخاص بتسريحهم بعد تراجع أسعار النفط ، وأيضا الذين تم تخفيض رواتبهم ، الأمر الذي يستدعي تحركاً عماليا لمواجهة هذا الموضوع بعد أن عجزت الحكومات عن كبح جماح الشركات في التسريح بدون رقيب أو حسيب ، مما صاعد الأزمة بين العمال المفصولين والحكومات حول عودة العمال المفصولين من الشركات بشكل تعسفي والصادر لهم أحكام قضائية بعودتهم للعمل ، أو العمل على سرعة تأهيلهم وتوظيفهم ، خاصة أن النقابات العمالية العربية لا زالت في مهدها ولم تستطع التعرض لذلك ، لأن المشكة أكبر من خبرتهم أو تجاربهم أو قدرتهم أوإرادتهم أو جميعها ، لأن سوق العمل العربي يفقتد إلى آلية نشطة وفعالة ، لتطوير التشريعات العمالية بين الحين والآخر ، حتى تتواكب مع مستجدات العصر، ولا سيما مع تخلف قوانين العمل العربية وعدم توافقها مع معايير العمل الدولية في الحقوق والواجبات وحرية العامل في الانتقال إلى عمل آخر ، بعيدا عن القيود التي يفرضها نظام الكفيل الذي تنفرد به البلاد العربية ، وتقاعس وزراء العمل العرب في مواجهته ، الذي يصاحبه عدم تحرك منظمة العمل العربية قيد أنملة منذ إنشائها في مجال التصديق على اتفاقيات ومعايير العمل العربية
ولعل أبرز إنجازات مؤتمرات منظمة العمل العربية منذ إنشائها وحتى الآن هو إعرابها عن دعمها لنضال عمال وشعب فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى في كفاحهم العادل والبطولي وكذلك إدانتها لكافة الانتهاكات الإسرائيلية اللإنسانية ضد عمال وشعب فلسطين والتي تخالف كافة المعايير العربية والدولية للعمل كما تعرب عن تضامنها معهم في سبيل حقهم المشروع في قيام دولة فلسطين على كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس الشريف ، والتمسك بهذه الصيغة التي لم تغير من الأمر شيئ، لأنها لا تخرج عن كونها جزء من مسلسل الشجب والإدانة الذي يجيده الخطاب العربي، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول أهداف منظمة العمل العربية التي لم تتحق ، وعن حقوق العمال العرب وحقهم في الحصول على فرص عمل حقيقية في سوق عربي مفتوح أمام الأيد العاملة من كل الجنسيات الأسيوية والأوروبية ، وذلك حفاظا على أرواح الشباب العربي التي نفقدها يوميا في محاولة الوصول إلى القارة الأوروبية التي توصد أبوابها تماما أمام موجات الهجرة العربية المشروعة وغير المشروعة مما يستوجب إرادة سياسية عربية لتوحيد الرؤي والجهود للتغلب على هذه الاشكالية وتحقيق الاستقرار المنشود لزيادة الاستثمارات وسرعة دوران عجلة الإنتاج.