بقلم : محمد بن علي البلوشي
في الحفلة يصمت الجميع ويترقبون طلة المطرب أوالمغني ليقدم أجمل أغانيه..الحضور هم من يكنون الولاء الفني للمطرب يستمعون إليه وحينما تتدفق مشاعرهم يطلبون منه الأغاني التي تستهوي حتما كل حاضر.. طالبوا الأغاني لهم قصص وحكايات مع كل أغنية يطلبونها فتعيدهم إلى الذكرى الجميلة التي يحاولون استرجاعها بالأغنية..يحاول المطرب قدر المستطاع تلبية رغبات جمهوره فإن لم يستطع إرضاء الجميع اعتذر لهم ..هل من أحد سيقوم ليفسد الحفلة فيكسر الكراسي والقاعة أو يمسك الميكرفون ويمنع المطرب من الغناء..حتما لا فالحضور عقلاء وطيبون وافئدتهم تكن للفن كل التقدير بإعتباره رسالة هدفها تهذيب النفس وبث الشجون. زلزل الناس سكينتهم بشخص لأول مرة اسمع عنه فاعتبروه ساحرا ومكارا ومنافقا وعربيدا ربما سيلوث تربتنا الطاهرة التي ساقوا في دفاعهم وهجومهم أنها لاتقبل «التلوث الفكري» بحسب معاييرهم.. وحسبت أن الأرض ستنفجر علينا غضبا إن أقدم داعية التربة على فعلته وقبل المنظمون ذلك لمجرد أن هذا الشخص الكث الشعر ذو اللحية الكثيفة والذي يشبه -شكلا-الجماعات المتطرفة الواضحون والمعروفون أو المختبئون في الجحور قد لا يقول كلاما في التربة..ساق الأغلبية الساحقة وهم من البسطاء والسطحيين كلاما قد يثير الضحك لمن يرى أن شخصا قد يسرق إيمانه أو معتقداته..بل وقد يقود أبناءنا إلى الانحراف والضلال.وبدلا من اعتباره داعية للحفاظ على التربة وأهميتها أعتبر أنه سيدعو من على منبره إلى اعتناق فكره وإلهه المصنوع ليغير حالنا إلى تبديل معتقداتنا وشريعتنا.هذه ذرائع لاتصلح إلا في حفلة تنكرية فقط. حقا ذلك يستدعي التفكير والمراجعة أولا وقبل كل شيء في المدرسة المهد الذي يشكل عقول الناس..هذه الاصوات هي من مناهج دراسية حكومية فماذا فعلت .. لم تعلمنا فن المنطق بل فن الاستسلام وإلغاء العقل وعدم القدرة على الحجة والمنطق.جاء داعية للتربة كما تعمل معظم الشركات العالمية على إعادة بناء التربة عبر ضخ موازنات بحثية كبيرة لتسمد مزارعنا وتنتج لنا مختلف اصناف الخضروات والفواكه في السوق ونستورد ماينقصنا من مزارعهم. .يميل داعية التربة إلى عرض الفكره بتبسيط الامور احيانا كما يفعل الدعاة الدينيون اليوم لكسب القلوب لعرض فكرة او هدف فالدعاة غير التقليديين يسعون لاستقطاب الحضور باللين والفكاهة لتسري مواعظهم في العقول وحثهم على الصلاح بسهولة ويسر وإلا لانفض الناس من حولهم وتركوهم ..اقشعرت الأبدان بما ساقوا من حجج تثير الاستغراب والدهشة كحماية البلد والمجتمع من براثن داعية التربة ..كل الذرائع والاكاذيب حتى وإن كانت غير دقيقة تتماشى مع قداسة الهدف فلابأس من توظيفها..الأغلبية ينساقون مع ذلك حينما يكون بناء الإنسان ضعيفا.الحقيقة أن هذه الضجة أثارت تساؤلا عن مدى خوفنا لا حميتنا..عن مدى بساطة الناس وسرقة عقولهم بحجج ماأنزل الله بها من سلطان وهم المتلونون الذين ساقوا علينا في السابق كلمات في التسامح والتعايش والاستماع للاخر..هذه تلاشت واصبحت من الماضي..هذه كانت مجرد خدعة وفقاعة صدقناها ثم انفجرت في وجوهنا فكشفت عن المستور الذي في العقول. البعض يسعى إلى إيجاد سلطة رديفة- مجازا- فتلعب بعواطف الناس باسم المسلمات وتصبح لها اليد الطولى في المجتمع بل ولربما تحرك اتجاهات الدولة كقطعة شطرنج في تعاطيها مع المتغيرات وبخاصة أننا نفترض ثقتنا بالدولة.. الدولة التي تقف على مسافة واحدة أمام الجميع فهي حاضنة للكل..لكن محاولات سرقتها واختطافها حتى يبسطوا وصايتهم على الجميع أمر لم نألفه في عمان. لاينبغي لهذه الأشياء والأحداث أن تمر مرور الكرام بل ينبغي أن تدرس بدقة وعناية لإعادة هيكلة الجيل الحالي والقادم بدلا من سعي قوى لاختطافه وإخافته من الاخرين..المناهج التي عملت الدولة لبناء جيل قوي يثق بنفسه قادر على الانطلاق نحو المستقبل ولاتهزه الرياح مهما كانت كشفت لنا أن هناك من يشكك فيه وانه آيل للسقوط لامحالة امام داعية تربة والنتيجة ضعف ووهن.. في الواقع ليست المشكلة في داعية التربة بقدر ماتكون المشكلة في محاولة فرض مطالب في حفلة حرية التعبير وعدم الالتزام بسقفها.