التوجيهات السامية .. ومواجهة التداعيات الاقتصادية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٨/مارس/٢٠٢٢ ٠٨:٣٥ ص
التوجيهات السامية .. ومواجهة التداعيات الاقتصادية

بقلم: محمد محمود عثمان

تنفس العالم الصعداء بعد تراجع مؤشرات جائحة كورونا نسبيا ،ولم يسعد طويلا بذلك فلم يلبث أن تجثم الحرب الروسية الأوكرانية على أنفاس العالم من جديد، لتضاعف تداعيات الأزمة ، وتفرض دورة جديدة من الركود والكساد والتضخم وارتفاع الأسعار، لتبدأ معها معاناة جديدة في مختلف مناحي الحياة ، مابين ضغوط نقص الغاز والسلع الغذائية والمواد الاولية وارتفاع أسعار النفط ، لتتوقف صناعات بدون مؤشرات سابقة للتعثر، وتتحطم آمال التعافي السريع من أزمة كورونا أمام تخريجات أباطرة الروتين والتعقيدات، الذين لا يعيشون إلا على أنين الأزمات وحطام الأمنيات وهم في كل المجتمعات بدون استثناء ، لأنه على الرغم من التحفيزات والتوجيهات الحاسمة والواضحة التى وجهها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله- لإنقاذ القطاع الخاص قبل الهاوية وحماية لأسواق العمل من حالة التردي التي يعاني منها المستثمرون ورجال الأعمل وشركات القطاع الخاص بكل درجاتها ،فلم يتم البدء في تنفيذها ، وهذا يضعف ثقنة المستمرين وتخوفهم من احتمالات تأجيل البدء في التنفيذ لفترة أو فترات أخرى ،وهو ضد مقومات الجذب الاستثماري الداعم للنو الاقتصادي ، خاصة أن جلالة السلطان قد سبق الكثير من دول العالم في دعم القطاع الخاص حتى يتمكن من مواجهة التداعيات الاقتصادية العالمية لآثار الحرب الروسية الأوكرانية ، لأن هذه المرحلة تتطلب من الجميع السباق مع الزمن بالعمل والإنتاج ،الذي يمكنهم من التصدي للأزمات غير المتوقعة نتيجة زيادة أسعار الطاقة والمواد الأولية والغذائية ونقص العرض في مواجهة الطلب ، مع الضغوط التضخمية وتأثر القوة الشرائية للعملات المحلية مقابل الدولار واليورو وهما العملات الرئيسية في التجارة العالمية. وقد لاق ذلك قبولا واستحسانا من الجميع ومن كل فئات المجتمع ،أملا في البدء في عمليات التعافي،التي واجهت قيدا على التنفيذ ، باشتراط الجهات المعنية بدء التنفيذ للتوجيهات السامية الحاسمة مع بداية شهر يونيو المقبل، ولا ندري مبررا لذلك من وجهة نظرنا لأن التباطؤ في التنفيذ سوف يلقي بظلاله السلبية على استمرار معاناة القطاع الخاص والمستثمرين وأصحاب رؤس الأموال الذين يفقدون الكثير من العوائد الاستثمارية التي تحسب بالساعات وليس بالأيام ، ولذلك لا اعتقد أن تأخير تنفيذ التوجيهات السامية لها هدفا أو فائدة تفوق أو تعادل تعطيل القطاع الخاص من السير في خطى التعافي من خلال سرعة الاستفادة من التوجيهات الحاسمة لجلالة السلطان الذي تلمس من خلال اللقاءات المباشرة وعلى الطبيعة حقيقة مشاكل الناس ومعاناتهم منذ بداية جائحة كورونا وحتى الآن. ولا شك أن إيقاف التنفيذ لعدة شهور وإن كانت قليلة إلا أنها طويلة على المستثمرين ومؤثرة سلبيا على التعافي المنشود ، وهى عقوبة قاسية للمستفدين حيث تجعل القرارات الحاسمة غيرمفيدة وقتيا للقطاع الخاص ولقطاعات العمل والإنتاج إلى أن يتم تنفيذها بشكل كامل ، لأن الشركات تحتاج إلى دُفعات تحفيزية أكثر من أي وقت مضي ،وإلى عقليات وإدارات متفتحة تستوعب الحدث وتعيه من كل جوانبه وأهدافه ، وصولا إلى التطبيق السريع بعد الفهم الموضوعي لها ، لأن الشعوب النامية هى التي تجعل من طبقة التكنوقراط حارس البوابة الذي يمنح ويمنع وفق لا أسس أو قواعد واضحة ،تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الطاحنة ، وتجسد الأضرار التي تلامس أرض الواقع وفي المستقبل ، وهي كارثة بكل المعاييرإذا لم يدرك المسؤولون ذلك لتلافيه سريعا ،لأن السيناريوهات الأسوأ متوقعة نتيجة للآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية التي حلت بالعالم أجمع ، في ظل تعافي عالمي هش وضعيف لا ينبيء بنمو أو تنمية قوية على المدى البعيد خاصة أن المصائب لاتأتي فرادى ، بعد أن فُرض على القطاع الخاص أن يتحمل إلى جانب ذلك زيادات- غيرمنطقية- في الضرائب والرسوم الخدمية بأنواعها في أوقات صعبة على الجميع ، خاصة بعد أن توقفت بعض الحكومات مع بداية كورونا عن تسديد مستحقات شركات القطاع الخاص التي تبلغ ملايين الدولارات في قطاعات مثل الإنشاءات أو التأمين والتمويل وغيرها.

لذلك سبق جلالة السلطان بتوجيهاته الحاسمة كل المسؤولين الذين تعثروا في التطبيقات الراهنة ، وعلينا أن ندرك أنه إذا سبقت القيادة السياسية بحسها ووعيها السياسي كل السلطات ، فهذا يحتم جاهزية التنفيذيين وأنظمتهم لسرعة التنفيذ - حتى وإن كانوا غير جاهزين- لأن سرعة الاستجابة مع فورية التنفيذ ضرورية لتقديم المساعدات و الحوافز لتنشيط ودعم الاقتصاد لمواجهة المتغيرات الاقتصادية الدولية الطارئة ،خاصة أن الحكومات مسؤولة على المساعدة في بناء المناخ الاقتصادي الذي يتمتع بالمرونة والديناميكية ،التي لن تتحقق بدون رؤية متطورة وبعيدة النظر قادرة على التصرف من خارج الصندوق، للتغلب على الأزمات وإيجاد الحلول والبدائل ، حتى لا نكون مثل الذي يضع القطاع الخاص والمستثمرين في غرفة الإنعاش لإنقاذهم ثم لا نمدهم بالأكسجين.