بقلم : علي المطاعني
تكتسب لقاءات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه بعدد من شيوخ محافظات شمال الباطنة والظاهرة والبريمي ببيت بهجة الأنظار بصحار وأعيان البلاد، أهمية كبيرة علي العديد من الأصعدة والمستويات كجزء من استحقاقات النهضة المتجددة التي يقودها جلالته في إدارة شؤون البلاد في هذه المرحلة المهمة من تاريخ سلطنة عُمان، أذ وضع جلالته النقاط واضحة على كل الحروف أذ أوضح بأن هذه اللقاءات ستتواصل بحول الله وقوته في السنوات المقبلة وأن مظلتها ستتسع لتشمل رجال الأعمال والمثقفين، كما أوضح جلالته بان كل المشاورات لتفعيل برامج الخطة الخمسية تمضي على قدم وساق ومن نجاح لآخر، وأن الهيكلة التي تمت في مفاصل الدولة إنما تصب في خانة تحقيق الأهداف التنموية المحددة بدقة، وأهم نقطة ركز عليها جلالته هي حقيقة أن الحكومة موجودة أصلا لخدمة المواطن وتحقيق تطلعاته المشروعة في غد أرغد وأسعد، وما أشادة جلالته بمحافظة شمال الباطنة وبما تزخر به من مقومات إقتصادية كبيرة إلا تأكيد على ذلك، ويقف ميناء صحار كإنجاز يتعين الإشادة به كمحرك للعجلة الاقتصادية بالبلاد، وهناك مناطق إقتصادية ستنشأ في الروضة قريبا وتلك بشرى يتعين التوقف عندها وسيقوم أصحاب المعالي الوزراء كل في مجالة لتحديد الأراضي التي ستضمها المنطقة الموعودة، كما أشاد جلالته بمنطقة البريمي وإسهاماتها الواضحة في الزخم التنموي، كما بشر محافظة الظاهرة وأنها ستشهد في الفترة المقبلة إنفتاحا إقتصاديا وإستراتيجيا عبر الطريق البري الذي يربط السلطنة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، وأن على القطاع الخاص الإستعداد بما يكفي للإستفادة من ريع الطريق لمصلحة البلدين، كما أكد جلالته بأن التنسيق بين المحافظين والجهات الحكومية سيغدو هاما بعد منحهم المزيد من الصلاحيات بالتنسيق مع المجالس البلدية وأعضاء مجلس الشورى والولاة لتحديد خططهم التنموية بإعتبارهم الأعلم بمتطلبات محافظاتهم وولاياتهم، وهذا تأكيد على اللامركزية كمنهاج للحكم في الفترة القادمة.
كل هذا الزخم يأت وقد تحسنت أسعار النفط وهي نقطة وصفها جلالته بالمريحة، لذلك فقد صدرت التوجيهات السامية بزيادة الإنفاق الحكومي الذي سيكون له الأثر المؤكد على دوران عجلة التنمية بسرعة أكبر وفي مد مفاصل الاقتصاد بالحيوية اللازمة، وبشأن زيادة الدخل العام نتيجة لإرتفاع أسعار النفط فقد أكد جلالته على نقطة جد هامة وقد سبق أن أشرت إليها في مقالات سابقة وهي مسألة الدين العام بإعتباره عقبة كأداء ينبغي التعامل معها بالجدية اللازمة وهذا ما أكد عليه جلالته حفظه الله عندما أوضح بجلاء بأن خدمة الدين العام والتخلص منه سيكون هو الهدف الأولى بالرعاية نتيجة لإرتفاع أسعار النفط، وان تلقيص فترة سداد الدين يعتبر إنجازا كبيرا، وهذا ما ستعمد الحكومة لتحقيقة في الفترة المقبلة.
وفي مطلق الأحوال فإن هذا اللقاء وما سيليه من لقاءات كما أشار جلالته هو نهج عُماني متجذر في إدارة الحكم، كما أن الإقتراب بين القائد وشعبه هو مبدأ أرسى دعائمة المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه منذ إنطلاقة النهضة المباركة قبل أكثر من 50 عاما ترسيخا لمبادئ الشورى والإصغاء لآراء المواطنين ومتطلبات ولاياتهم من المشروعات التنموية، الأمرالذي يبعث على الإرتياح للقاءات التي جمعت بين القائد وشعبه التي تؤسس لمرحلة تكرس المزيد من المشاركة في صنع القرار في البلاد بما يعزز من العمل الوطني ويفتح افاقا اوسع أمام أبناء عُمان.
لقد أسهمت هذه اللقاءات في إعطاء دفعا قويا لمسارات العمل الوطني في البلاد، وبث التفاؤل والإستبشار في الأوساط المحلية إزاء أهتمام جلالة السلطان ومتابعته الدقيقة لما يجري في البلاد وإطلاعه الدقيق على تفاصيل الجهود التنموية التي تقوم بها الحكومة.
بل إن جلالته لم يكتف بسير العمل في البلاد وفق ما تقدمه الحكومة والأجهزة الأخرى من تقارير، ولابمتابعات مجلس عُُمان بغرفتيه الدولة والشورى اللذان يضطلعان بدور محوري، وإنما أراد أن تكون لقاءاته مباشرة مع أبناءه للإستماع عن قرب لآراءهم ومقترحاتهم.
بلاشك بأن اللقاءات بين جلالة السلطان والشيوخ والأعيان في المحافطات يُعد تجسيدا للعديد من الدلالات ولعل من أهمها التأكيد على نظام إدارة شؤون البلاد وترسيخ دولة المؤسسات والقانون ووجود السلطة التشريعية والنيابية، كما أن إطلاع جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله للشيوخ والأعيان على التوجهات الجديدة للنهضة المتجددة، والخطط التي تعتزم الحكومة المضي بها قدما والمستجدات والمتغيرات المتلاحقة وضرورة التكيف معها ليكونوا على علم بها ومن أعلى الهرم بالدولة مباشرة، ولإضفاء المزيد من التفاعل لتوجهات الحكومة في المرحلة القادمة لما تتطلبه من مضاعفة للجهود لمواجهة الكثير من التحديات، فضلا عن الإستنئاس بآراءهم في التوجهات الجديد.
ولعل الإعلان في اللقاءات السامية لجلالته عن تنفيذ مشروعات تنموية وزيادة الإنفاق الإنمائي وبمبلغ 650 مليون ريال تركيزا محمودا على التعليم بإنشاء مدارس جديدة، وتأهيل مدارس قائمة، وإنشاء مستشفيات جديدة وتفعيل مستشفيات قائمة بمدها بالمزيد من ترياق الجودة واضفاء تسهيلات على بيئة الأعمال كلها توجيهات أسهمت في بث روح الأمل إزاء الإنتعاش الإقتصادي المقبل وتحفيز المستثمرين.
بالطبع مثل هذه اللقاءات تجسرالفجوة بين القائد وشعبه وتضفي المزيد من الشفافية في إدارة العمل الوطني.
نأمل أن تكلل هذه اللقاءات بالتوفيق لمصلحة البلاد والعباد والإستفادة مما يطرحه جلالة السلطان من توجهات وتطلعات للنهوض بالبلاد إلى آفاق المستقبل بحول الله.