السوريون يستغيثون فهل من مجيب ؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٢/مايو/٢٠١٦ ٠٠:١٦ ص
السوريون يستغيثون فهل من مجيب ؟

ناصر اليحمدي

يبدو أن الموت الذي يحيط بسكان حلب من كل جانب قد أصاب الضمير العالمي الذي لم يتحرك له جفن بعد الكارثة الإنسانية التي يعاني منها السوريون في حلب وغيرهم في كافة أنحاء البلد المنكوب .. فالقذائف تتلاقفهم وتهدد حياتهم ولم يعد هناك فرق ما إذا كانت هذه القذائف ممهورة بتوقيع الحكومة أو المعارضة رغم وجود هدنة أممية لوقف إطلاق النار.
لقد تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد مأساوية وصورا لمدينة حلب بعد المجزرة خاصة المستشفى التي ساوت القذائف الوحشية فيه بين المريض والطبيب وأصبحوا جميعا تحت ركامه إما قتلى أو جرحى وكذلك المصلين الذين أدوا فرض ربهم وأقاموا صلاتهم وعمروا بيوته كما أمرهم.. أما الشوارع فحدث عنها ولا حرج أطفال يصرخون ونساء يبكون ومنازل تساوت بالأرض ورجال يحملون الجثث ذهابا وإيابا ووجوه لطختها الدماء ومحال مغلقة وما بقي من البيوت مهجورة يعشعش فيها العنكبوت وطائرات تحوم فوق سماء المدينة تمطرهم بالقذائف التي تبحث عن الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ والأشلاء تتناثر في كل مكان.
للأسف العناد والكبر الذي يسود المشهد السوري يدفع ثمنه المدنيون الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في الصراع المحموم بين المعارضة والنظام .. فكل ما يصبو إليه الشعب هو الاستقرار والأمان وحياة كريمة ولقمة عيش تغنيهم مر السؤال.
لقد استهدفت الضربات الجوية التابعة لكلا الجانبين المستشفيات والمساجد لتتضاعف المعاناة الإنسانية ويتحول الصراع من مجرد أزمة سياسية واختلاف في وجهات النظر إلى جريمة متكاملة الأركان وقتل عن عمد لأناس ليس لهم ذنب سوى أنهم سوريون.
السؤال الذي يفرض نفسه إلى متى تستمر هذه المهزلة الدموية ؟.. ألم يأن الأوان ليضع المجتمع الدولي حدا لهذه المآسي الإنسانية وينهي المماطلة التي زادت عن الحد في حل القضية والتي استفحلت وأصبحت وصمة عار على جبين الإنسانية كلها ؟.. وأين العرب من نجدة أشقائهم وإنقاذهم من الوضع المرير الذي يعيشون فيه كما أمرهم الله ورسوله ؟.
لقد قتل الصراع العشرات وأصابت المئات وطالت الأطفال والنساء والشيوخ وشردت الملايين ولم تستثن أحدا سواء كانت حكومية أو معارضة وهو ما يدل على أن ما يحدث في سوريا يصب في مصلحة أطراف خارجية لا يهمها مصلحة هؤلاء ولا أولئك وإنما تسعى لإبادة الشعب بأكمله وكافة أطيافه وتهدف لإضعاف البلد المسكين وتفتيت وحدة أواصره وتشريد شعبه كي تبقى الأرض في النهاية خالية تعيث فيها تلك الأطراف فسادا كما يحلو لها وإلا فما الهدف من قصف مستشفى لا يضم سوى المرضى أنهكم المرض لا يقدرون على شيء أو مسجد يضم عبادا جمعتهم كلمة التوحيد ومحبة الله والرغبة في نيل رضاه ؟.
إن ما يحدث في سوريا لا يقره عدل ولا دين ولا مبادئ إنسانية ويخالف كافة القوانين والمواثيق الدولية والشرعية التي تدعو لحرمة الدم والمال والعرض ومراعاة حق الإنسان في الحصول على حياة آمنة كريمة .. فمن لم يمت بالرصاص مات من المرض بعد أن قتلت الغارات الأطباء وحرقت الأدوية ودمرت المستشفيات.
الغريب أنه رغم أن الجميع أيديه ملطخة بالدماء إلا أن كل طرف يلقي التهمة على الطرف الآخر فالأمريكان يتهمون روسيا و النظام السوري الذي ينفض عنه هو الآخر الجريمة ويلقيها على المعارضة لتتوه الحقيقة في دروب التنصل من المسئولية.
لقد كشف المركز السوري لبحوث السياسات أن الحرب الطاحنة التي تعدت الخمس سنوات منذ بداية الأزمة تسببت في قتل نصف مليون سوري وإصابة مليونين وتشريد ما يقارب 5 ملايين كل ذلك وسط صمت المجتمع الدولي وسبات العالم العربي وأقوى رد فعل كان الشجب والتنديد والإدانة بينما مصير الشعب تتقاذفه أيدي الرئيس بشار الأسد وحلفائه بمباركة أمريكا التي تصدرت المشهد بقناع زائف لحل الأزمة سياسيا من جهة والمعارضة من جهة أخرى.
إن الشعب السوري يستصرخ منقذا .. فهل من أحد يجيب استغاثته ؟.

* * *
أفلام الكارتون تختطف عقول أطفالنا
الانفتاح اللامحدود الذي تشهده الساحة الإعلامية أثر على أطفالنا بشكل سلبي للغاية خاصة مع تزايد القنوات المخصصة لهم والتي تعمل على مدار اليوم .. فالمتتبع لأفلام الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال المترجمة عن الغربية على هذه القنوات يجدها تتعارض تماما مع عاداتنا وتقاليدنا الشرقية ومبادئ ديننا الحنيف ولا تتوافق مع البعد الثقافي العربي للأطفال .. فهي تحرف الأخلاقيات التي نتمنى غرسها في نفوسهم وتزرع فيهم العنف والسلبية والاتكالية.
عندما كنت في زيارة لصديق لي جاء ابنه الصغير ليجلس معنا وفي يده لعبة عبارة عن مسدس فقلت له من تريد أن تقتل فردد أسماء غريبة عرفت منه أنها لشخصيات كارتونية يشاهدها ليل نهار وأنه يقلد ما جاء في هذه الأفلام من تهديد وقتل وسحل كما قال إنه يستطيع أن يقوم ببعض الأفعال الخارقة كما يفعل بعض هذه الشخصيات وغير ذلك من المهاترات التي يستهين بها الآباء والأمهات ويرونها نتاجا طبيعيا لمشاهدة هذه الأفلام.
الغريب أنني عرفت من ابن صديقي أيضا أن هناك برامح علمته أن أركان الإسلام ستة وأن فيلما عرض أبطاله 99 يحمل كل منهم اسما من أسماء الله الحسنى يقومون بأعمال خارقة فضلا عن البرامج التي تعلمه الألفاظ الخارجية وتغرس فيه العدوانية والأنانية وغير ذلك مما لا يتفق مع قيمنا ومبادئنا.
لاشك أن مثل هذه النوعية من الأفلام الكارتونية تتسبب في تغريب أبنائنا عن هويتهم العربية وتشوه ثقافتهم الأصيلة فهي خالية من القيم التربوية والأخلاقية ولا تتناول سوى موضوعات تافهة تؤثر سلبا على الطفل وتكوينه النفسي عندما يكبر وتؤصل في عقله أن العنف سلوك غير مستهجن وليس عليه حرج لو استخدمه للحصول على ما يريد.
إن من يشاهد قنوات الأطفال على الفضائيات يجد أن برامجها وأفلامها غربية يتم ترجمتها وهو ما يجعلنا نتساءل أين الإنتاج العربي من هذه البرامج والأفلام ؟.
لاشك أننا بحاجة لبرامج تقاوم هذا الغزو الغربي الدخيل الذي يبث الأفكار الخاطئة في أذهان أطفالنا وتحمل ثقافتنا الأصيلة وتنشر القيم والمفاهيم الصحيحة بين النشء لتخرج جيلا واعيا بتاريخ وحضارة أمته .. فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر والطفل في مراحله الأولى يستوعب كل ما يلقن به من البيئة التي تحيطه وتتشكل شخصيته وفقا لما يتلقاه ويصبح من الصعب تغييرها في المستقبل.

* * *
حروف جريئة
منظمة التعاون الإسلامي ستقيم مؤتمرا دوليا حول القدس في السنغال بالتعاون مع الأمم المتحدة لبحث التطورات التي تمر بها المدينة المقدسة في ضوء الاحتلال الإسرائيلي وما تواجهه من توسع استيطاني واعتداءات وانتهاكات .. في رأيي أن هذه المؤتمرات مضيعة للوقت والجهد والمال لأن إسرائيل لن تنصاع لتوصيات المؤتمر التي ستظل حبيسة الأدراج فليس العبرة في عقد المؤتمر وما ينتج عنه من توصيات بل العبرة بتنفيذها.

استبشر المسلمون في ميانمار خيرا أن وضعهم سيتحسن بعد الانتخابات الرئاسية وانتهاء الحكم العسكري الديكتاتوري وراودهم الأمل أن يحصلوا على بعض حقوقهم المسلوبة ولكن تبخرت هذه الآمال وقامت السلطات بغلق الجوامع ومنع المسلمين من أداء الصلوات واعتقال من يحاول الصلاة .. إلى متى يصمت المجتمع الدولي على هذه العنصرية البغيضة ؟.

أوقفت الأمم المتحدة مساعداتها لإعادة إعمار قطاع غزة بعد أن منعت قوات الاحتلال دخول مواد البناء إلى القطاع .. ألا يعد هذا تحديا صارخا للقوانين الدولية ؟.. سؤال نوجهه للمنظمة الأممية التي من المفترض أنها تحقق العدل وتعيد الحق لأصحابه ولا تكيل بمكيالين ؟.

الشرطة الأمريكية منعت بالقوة المفرطة مظاهرات مناهضة للمرشح الجمهوري المحتمل لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب .. أين الديمقراطية التي تتشدق بها أمريكا دائما أم أنها تسري على دول الشرق الأوسط فقط ؟.

* * *
مسك الختام
قال تعالى : "فإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما".