يوم الجامعة وأيام عُمان الخالدة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٢/مايو/٢٠١٦ ٠٠:١٥ ص
يوم الجامعة وأيام عُمان الخالدة

أ.د. حسني نصر

اليوم هو الثاني من مايو. إنه يوم الجامعة الذي تحتفل فيه جامعة السلطان قابوس بالذكرى السنوية السادسة عشر لزيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم لها، تلك الزيارة التاريخية التي تمت في مثل هذا اليوم من العام 2000، والتي عبر فيها جلالته عن فخره بالجامعة. إنه يوم تاريخي يستحق أن يكون يوما لعمان كلها التي أنشأت ورعت هذه الجامعة، ووفرت لها كل سبل النمو والتقدم والازدهار.
في هذا اليوم الذى يرعى الاحتفال به هذا العام معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة، يسترجع كل من ارتبط بهذا الصرح العلمي سواء كان دارسا أو مدرسا كيف كان مشروع إنشاء هذه الجامعة وعدا من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم لأبناء شعبه في الاحتفالات بالعيد الوطني العاشر 1980، وكيف بدأ ت أعمال بناء الجامعة في العام 1982، وتلك الفرحة الغامرة التي عمت العباد والبلاد عندما استقبلت الجامعة الدفعة الأولى من طلابها في العام1986، بعد أن أصدر صاحب الجلالة المرسوم السلطاني السامي بإنشاء الجامعة التي بدأت بخمس كليات هي التربية، والهندسة، والطب والعلوم الصحية، والعلوم الزراعية والبحرية، والعلوم، وأصبحت تضم حاليا تسع كليات بعد إضافة كلية الآداب في العام 1987، وكلية التجارة والاقتصاد في العام 1993، وكلية الحقوق في العام 2006، وأخيراً كلية التمريض في العام 2008.
الواقع أن التطور الذي شهدته الجامعة خلال سنوات عمرها الثلاثين أكبر من أن يحصي في مقال واحد، كما أن الحديث عن تأثيرها ودورها المتعاظم في مختلف أوجه ومجالات الحياة في السلطنة يحتاج إلى مجلدات ترصد الأدوار الفاعلة التي لعبتها وتلعبها في تنمية الثروة البشرية وإعدادها علميا وعمليا للانخراط في سوق العمل. ويكفي هنا أن نشير إلى انتشار خريجي الجامعة في جميع مؤسسات الدولة العامة والخاصة، وما أسهموا ومازالوا يسهمون به في مسيرة النهضة المباركة. وكثيرا ما تستهويني نبرة الفخر والتقدير التي يتحدث بها خريجو الجامعة عن جامعتهم عندما يسألهم سائل أين تخرجوا؟ أجيال عديدة مرت على الجامعة أصبح منهم الوزراء والوكلاء والمدراء، الأطباء والمهندسين والمعلمين والصحفيين والأدباء والمؤرخين والجغرافيين والاجتماعيين والتربويين إلى جانب العلماء والباحثين الذين ملأوا أرض عُمان الطيبة علما ونورا وعملا متفانيا، وما زالت أجيال تتعلم بها وأجيال أخرى ترنو إلى الالتحاق بها. صحيح أن هناك جامعات وكليات أخرى عديدة تم إنشاؤها في السلطنة، ولكن تبقي الجامعة التي تحمل اسم مؤسس عمان الحديثة وباني نهضتها جلالة السلطان قابوس، هي الجامعة الأم التي لا تضاهيها أخرى.
إن مراجعة أمينة لمسيرة الجامعة تؤكد أنها استطاعت خلال عمرها الذي بلغ الثلاثين عاما أن تحقق رؤيتها ورسالتها وأهدافها، ومع ذلك فإنها ما زالت تسعى بإصرار كبير إلى تحقيق المزيد من التميز والجودة. نجحت الجامعة دون شك في تحقيق الكثير من رؤيتها، واستطاعت أن يكون لها مكانة دولية وإقليمية متميزة، يكشف عنها تقدمها المستمر في التصنيفات الدولية للجامعات، والتي سبقت في بعضها جامعات عربية عريقة يتعدى عمر المائة عام. وأصبح يُفاخر بجودة الخريجين على المستوى الوطني، كما أصبح يُفاخر ببحوثها العلمية وخدماتها المجتمعية، ورسخت مكانتها بيتا للخبرة في السلطنة تتسابق إلى التعاون البحثي معها والاستفادة من كوادرها البحثية الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة والخاصة.
وعلى صعيد الرسالة يمكن القول إن جامعة السلطان قابوس بما وفرته لها الدولة من إمكانات مادية وبشرية أصبح لها الريادة على المستوى الوطني في مجالات التعليم والتعلم والبحث العلمي والابتكار وخدمة المجتمع. وقد حققت ذلك من خلال الالتزام بمبادئ التحليل العلمي وتعزيز التفكير الإبداعي والمشاركة في إنتاج المعرفة وتطويرها ونشرها والتفاعل مع المجتمعين المحلي والدولي. وتؤكد القيم الأساسية التي تلتزم بها الجامعة مثل المهنية، والتميز، والالتزام، والنزاهة، والولاء، والتعاون، والمساواة، قدرتها على الاستمرار في أداء رسالتها بكفاءة عالية.
ومن واقع عملي بالجامعة لسنوات طويلة نسبيا أستطيع أن أقول إن الأهداف التي يتضمنها قانون الجامعة، ليست حبرا علي ورق علي الإطلاق، بل إنها واقع فعلي نعايشه مع كل دفعة جديدة تتخرج في الجامعة. ويؤكد كل من تعامل مع طلاب وخريجي الجامعة أن الجامعة نجحت في إعداد أجيال متعلمة تعي تراثها الحضاري والإسلامي وتتمتع بالخلق القويم وتحرص على الالتزام بالمنهج العلمي، ولديها القدرة على الإبداع والابتكار والتعلم الذاتي والاعتماد على النفس، والاستعداد المستمر لخدمة الوطن. وعلى مستوى البحث العلمي نجحت الجامعة في تقديم العديد من البحوث والدراسات النظرية والتطبيقية التي تخدم المجتمع وتطرح حلولا علمية للمشكلات التي يواجهها. وترتبط غالبية تلك البحوث بخطط التنمية الشاملة والرؤى المستقبلية للمجتمع، والاهم في رأيي هو النجاح في إعداد أجيال من العلماء والباحثين والخبراء العمانيين في مختلف المعارف والعلوم. أما على مستوى خدمة المجتمع وتنميته فإنه مما يحسب لجامعة السلطان قابوس هو الدور الذي تلعبه في تنمية الموارد البشرية الوطنية وزيادة قدراتها المهنية بما توفره من برامج التعليم والتدريب المستمر، إلى جانب تقديم الاستشارات العلمية والفنية لمؤسسات المجتمع المختلفة.
إن هذا النجاح المتواصل يجعل من الثاني من مايو يوما لعمان كلها يستحق أن يحتفل به كل من يقيم على هذه الأرض المباركة، وليس طلاب وأساتذة وإداريين وعمال جامعة السلطان قابوس فحسب. إنه يوم من أيام عمان الخالدة.

اكاديمي في جامعة السلطان قابوس