بقلم : محمد محمود عثمان
القطاع الخاص بعد كورونا ،ومع الخسائر المتجددة التي يتكبدها، وفي ظل محاولات التعايش مع الجائحة ، يواجه تحديات كثيرة وكبيرة أولها : طرق مواجهة ومعالجة المسؤولين للأضرار والآثار التي لحقت بهذا القطاع الهام والحيوي ،وعدم وضعه على الطريق الصحيح للانطلاق والتعافي ثانيا : المناخ الاقتصادي السائد - وقد تحدثنا في ذلك أكثر من مقال هنا- الذي ألقى بظلاله السلبية على الأنشطة الاقتصادية بعد أن طالت الجميع ، التي تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى التحفيز وإلى تكثيف الجهود والعمل الدؤوب والممنهج لدفع القطاع الخاص ليسابق الزمن للمزيد من العمل والإنتاج لجذب الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل ، لاسيما أن حجم الخسائر الظاهرة حتى الآن تفوق قدرة القطاع الخاص الذي يتميز منذ البداية بالضعف والهشاشة ويحتاج إلى مساحة زمنية أطول وتسهيلات أكثر حتى يتمكن من الوصول -لا أقول إلى التعافي الكامل - بل إلى نقطة التعادل بين الأرباح والخسائر ،وأكبر الأخطاء هو الإصرار على الخطأ لدرجة الخطيئة في حق الاقتصاد والوطن ، لأن الاشكالية أن صرخات القطاع الخاص منذ أكثر من عامين وحتى الآن لا تجد آذانا صاغية وهو يستعرض معاناته القائمة والمستمرة من الزيادة الباهظة والمبالغ فيها عند فرض الضرائب الجديدة أو الرسوم والغرامات المتنوعة ،ومنها مأذونيات العمل للأيد العاملة الفنية ،وبدون تمييز ولاسيما مع وجود عجز في بعض المهن وفي تخصصات غير متوافرة في السوق المحلي ، أثرت على العمل في بعض المهن التخصصية ، تسببت في توقف خطوط إنتاج وشركات عن العمل وعجزها عن الوفاء بالتزماتها ، وكأن لسان حال الحكومات يقول: إن القطاع الخاص هو المسؤول الأول عن جائحة كورونا ومن ثم يجب معاقبته وأن يتحمل وحده تبعات الجائحة لإصلاح عجز ميزانيات الدول ونقص الموارد والإيرادات التي تأثرت بشدة ، مع التغيرات التي صاحبت أسعار النفط وانخفاض الطلب منذ بداية أزمة كورونا ثالثا : إن الحلول الجزئية للمشاكل تزيد من تفاقمها لارتباطها بأطراف مختلفة في امكانياتها وقدراتها وأهدافها، ومن الصعب تحقيق مصالح كل الأفراد إذا لم تكن الحلول شاملة وتراعي الاحتياجات الفعلية الآنية والمستقبلية للقطاع الخاص بكل فئاته أفراد وشركات ، ولا سيما إذا غاب عن متخذ القرار عدة حقائق منها: أن الشركات وأصحاب العمل من حقهم الحصول على أيد عاملة من خلال أسواق العمل التي تخضع لآليات العرض والطلب بدون فرض قيود على آليات السوق التي لها القدرة على تصحيح نفسها عندما تختل الموازين ، لأن أي فرض قسري على القطاع الخاص ، حتى ولو من خلال القانون سوف يؤدي إلى الخلل وفقدان التوازن وهذا ما نشاهدة في العديد من الأسواق العربية.
كذلك اعتبار أن كل المعوقات أمام التقدم الاقتصادي هو زيادة حجم البطالة وتضخم أعداد الباحثين عمل - وهى ظاهرة عالمية - وجعلها الشماعة التي تسببت في المشاكل الاقتصادية ، وبدون تقديم الحلول الحقيقية في زيادة الاستثمارات والمشروعات التي تستوعب على المدى الطويل كل الداخلين إلى سوق العمل بعد إعدادهم وتأهيلهم ومن الصرخات المدوية للقطاع الخاص التى لا زالت تطرق الآذان بعد تراكم الديون والشيكات المرتجعة ، ووجود التزامات ، هناك تساؤل منطقي يحتاج إلى توضيح وبيان حول اختصاصات ومسؤوليات بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية والخلط بين الجهات الخدمية والإنتاجية حتى أن بعض الوزارات الخدمية مثل وزارات العمل أو القوى العاملة بغض النظر عن المسميات تتفنن في جباية الأموال من الموطنين ومن الشركات الصغيرة والمتوسطة ،بل أن بعض الوزرات الخدمية تفاخر بحجم الأموال التي تحصلها من سوق العمل وهذا لا يتسق مع المتطلبات الضرورية للمستثمرين لتخفيف الأعباء عن القطاع الخاص ، بعد أن دمرتته الآثار السلبية لجائحة كورونا خلال أكثر من عامين ، ويحتاج إلى المزيد من الإعفاءات أو التخفيضات الفعلية التي تشعر بها الشركات أو الأفراد ، والتي تساعد على تنشيط القطاعات الاقتصادية والتجارية ، وتساعد في إنقاذ الشركات والمؤسسات المتعثرة أو التي في طريقها إلى التوقف أو الهجرة في صمت إلى الأسواق المجاورة، الأكثر استقرارا وانفتاحا ، ما أدى إلى وقف الاستثمارات الجديدة ، وإجبار بعض المستثمرين إلى الهروب أو وقف استثماراتهم ، انتظارا لأية تحولات ومتغيرات مجهولة ، وقد انعكست هذه السلبية على حركة تدفق الاستثمارات وأنشطة المؤسسات ،وعلى توفير وإيجاد فرص العمل الجديدة ،وأصبح هذا الوضع المأساوى يحتم وقفة جادة و سريعة لإجراء الدراسات الميدانية على أرض الواقع ، ومراجعة القرارات - التي تضرر منها كل الأفراد والشركات والمشروعات - مع ممثلي القطاع الخاص في المجالس البرلمانية والنيابية المنتخبة ونقابات العمال ولجان حقوق الإنسان وفي غرف التجارة والصناعة الممثل الشرعي للقطاع الخاص ، وهى الحاضر الغائب في هذا المشهد ، لأنها تحتاج إلى ضوابط تقنن كيفية انتخاب أو اختيار أفضل العناصرالتي تمثل رجال الأعمال والتجار الحقيقيين وأصحاب الشركات في غرف التجارة ، ممن لديهم الخبرة والرؤية و القدرة على فرض شخصيتهم ، وعلى الدفاع عن مطالب واحتياجات القطاع الخاص ومستقبله ، على أن يكون لهم الرأي الأخير والدور الأساسي في تقرير وإقراركل ما يتعلق بالقطاع الخاص وشركاته واستثماراته ، لتجنب التاثيرات السلبية على القطاع الاقتصادي في الأجلين القصير والبعيد.