بقلم : محمد بن علي البلوشي
دفعت صورة محدثة في مادة دراسية لفتاة صغيرة بالزي المدرسي بعض الناس إلى الجنون والهيجان..مما اعتبروه بكل ما استحضروه من كلمات جاهزة ومعلبة كالتغريب والتخريب إلى العلمانية إلى التذكير بالمجتمع واستحضار كل المفردات التي يمكن أن يدافعوا فيها عن جنون الفكرة ضد فتاة صغيرة ..الواقع أن بعض التفاصيل الهامشية تصبح ضخمة عند الوعي المزيف أو السطحي.عند التناقض في رؤية الأشياء التي أمامنا ..حينما يغيب الوعي المتزن ويخرج التعصب والتشدد من قمقم الكهوف..هذه فكرة عامة وجدلية لن أدخل فيها لكن دعوني أوضح بشيء من التبسيط الذي لايتطلب معارك طاحنة تذكرنا بمن على صواب ومن على خطأ أو محاولة البعض لترويض الفكر الذي يعتقدونه لبسطه وفرضه على المجتمع بأكمله عبر محاولة ترويض الدولة أو كما يقولون اختطافها لصالحهم في وقت ينبغي أن تكون فيه الدولة على مسافة واحدة من الجميع لاتنحاز لطرف على طرف فهي مسؤولة عن مجموعات بشرية قد لاتخضع لنفس الأفكار والإتجاهات الواحدة لكن ضمن توازن يراعي الجميع.
ترمز فكرة الفتاة وهي ترتدي «الشيلة» إلى بث رسالة بسيطة ومعنوية ليس لجيلنا أو الجيل المستفز من الصورة وهو جيل سينقرض حينما تصبح تلك الفتاة في سن الرشد.إنها صورة موجهة لمن سيعتقد أن ذلك قد لايكون مخالفا لما نؤمن به فطريقة أرتداء الشيلة متباينة بين الناس وتمر أمام المجتمع وموضوعها ليس للنقاش فلا لدينا فرق تفتيش في الطرق والساحات العامة والميادين توقف الناس بأسم الفضيلة..القانون هو المنظم لحياة الناس.والقانون هو الذي ينبغي أن يلتزم به الجميع .من ضمن القانون أن لاتفرض الوصاية في على الهوامش الصغيرة تلك التي يبدأ منها التشدد لفرض فكرة «مقدسة»على الناس..هل ينبغي على الجهة المسؤولة عن المنهج إعادة «الشيلة» مرة اخرى إلى كامل رأس الصورة ام الأهم أن تظهر لنا صور اخرى للفتاة وهن يعملن وهن يجتمعن للبحث والتعلم.هل ينبغي وضع الغطاء على الرأس بأكمله ام بالمنتصف أو لابأس بخصلات صغيرة تخرج بعفوية..هذا جدل يائس وبائس يكشف عن رغبة من يتبنى ذلك ليقود العوام إلى التأييد والحجة فقط باسم «الفضيلة» التي تروض حسب الأهواء وتخرج عن سياقها العام.»المحبة-الخير-الخلق-الاحترام-العطف-الوقف في وجه الظلم»إلى آخره.
ليست الصورة بحاجة إلى تدخل فقهي ساحق ليلجمنا بماذا نفكر وماذا نلبس ليستحق الناس الثناء حسب الأهواء المنبثقة من الوصاية..وإلا لتحولنا إلى ممارسات كنسية سائدة سابقا تلجم كل من أراد أن يدخل الملعب المحظور.هل يمكن أن تفرغ الصورة الاولى جيلا متشددا على سبيل المثال من حيث لايعلم أم أننا نشدده رغما عنه..أقول نعم ..فقد يحمل أفكارا أخطر من المتفجرات..أفكارا تفجر الغلو والتشدد وهو الذي ستنطبع في مخيلته صورة الفضيلة من زاوية احادية ترتكز على مايراه البعض في قصة الصورة..وسيبدأ في طرق السؤال بمن على صواب أو على خطيئة وهو سيفكر بمن التي تستحق الرفعة أو الحضيض حسب مفهومنا لتلك التفاصيل الهامشية..لماذا لانخشى الصورة الجديدة..المدرسة والمناهج هي المكان المناسب لبناء جيل واع ومنطلق نحو المستقبل دون أن تفرمل التفاصيل الصغيرة انطلاقته للحياة..بروح من الثقة والعزيمة لايحقر الأمم والشعوب الاخرى وهو الذي ينهل من ابداعاتها وحضارتها الإنسانية التي تفيد البشرية..ثم يأتي من يحاضر لنا عن بؤسها ورذيلتها وانحطاطها بمقياس وعيه الضيق ..لاينبغي ان تفرخ المدرسة أفكارا متشددة باسم المدينة الفاضلة.. قد ندرك أن مجتمعنا يتراجع في بعض الاعتبارات التي عشناها لسنوات وعاشها الاولون دهورا عديدة..المدارس تعلم العلم والتربية والحفاظ على القيم الحميدة وليست وكرا لتفريخ التشدد وتفريخ من يصنف الناس. هل رأيتم المجتمع في الثمانينيات حينما بدأ وعينا عليه...هل كان المجتمع مثلما كان عليه اليوم.هل كان في ضلالة والآن ينبغي أن تقوم حركة تصحيحية له..هذا هو البؤس بعينه .المآرب الكثيرة المدفوعة برغبة الوصاية على المجتمع والناس في ملبسهم ومأكلهم أو السيطرة على الجيل بفكرة احادية ينبغي استئصالها.نحن جزء من محيطنا الذي يشهد نقلة نوعية في البنية الإجتماعية التي كنا سباقين لها والان كما أرى بسوداوية أننا نتراجع عنها..أخشى ان نبكي على الماضي.