رجل في 3 عصور

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٣/فبراير/٢٠٢٢ ٠٨:٣١ ص
رجل في 3 عصور

بقلم : محمد بن علي البلوشي

أعادني اللقاء الذي جمع الزملاء بجمعية الصحفيين العمانية مع صاحب السمو السيد أسعد بن طارق الأسبوع الفائت إلى نحو 22 عاماً مضت حينما جمعنا لقاء صحفي بسموه كان موضوعه عن جامعة نزوى حينذاك. وطلبنا من سموه لقاء للحديث عن الجامعة وتصورها واستثماراتها وكيف ستنجح هذه الجامعة الوليدة أكاديمياً واستثمارياً. فوافق مكتب سموه على ذلك. كنا ثلاثة: كاتب السطور والزميلة رفيعة الطالعية والزميل مصطفى المعمري. الحديث مع سموه بدأ من نزوى حيث موقع الجامعة وامتد مسافات إلى كل عمان.. يعتبر سموه ملماً بالتفاصيل العميقة والدقيقة للمجتمع العماني..يصف العمانيون الشخص الذي يتفاعل مع الناس رجل شعبي. ويجمع سموه في شخصيته البساطة والصرامة والصراحة هو مزيج من الرجل ذو الخلفية العسكرية إلى قبلة الناس إليه ومخالطته الواسعة لمختلف شرائح المجتمع العماني ليسمع منهم ويوجه..الحديث معه شيقا لاتشعر فيه بالوقت من الملاحظات والأفكار التي يطرحها ويحلل فيها بعضا من القضايا الاجتماعية إلى الجوانب الاقتصادية والوطنية العامة ولولا الوقت المحدد لكنا طمعنا بالمزيد في اللقاء.

استمر الحديث فوق ساعتين مع سموه وخرجت بماذا أكتب ومن أين ابدأ..فالحوار واللقاء يفرض نفسه ..طرفه شخصية بحجم سموه لذلك خصصت صفحتان للقاء الذي شمل كل شيء..لم يقل سموه ماذا نكتب أو ما لا نكتب.مر الصباح التالي بالحوار وعناوينه والملاحظات التي أبداها سموه والأفكار التي طرحها بتعمق..أثنى سموه على المهنية والحرفية في العمل ..هذه عادة سموه في التشجيع وبث الثقة في الشباب وتكريس معنى المسؤولية. يبحر في حديثه نحو كل النقاط التي تتطلع للحصول على إجابات منه ..من شخص شاهد على 3 عصور في هذا البلد ما قبل النهضة والنهضة المباركة ويعاصر النهضة المتجددة..عاصر ماقبل النهضة وكيف كانت أحوال عمان وظروفها وقسوة الحياة فيها.كيف عانى الناس من ملمات تلك الحقبة وكيف كاد أن ينساهم التاريخ وهم أصحاب تاريخ وحضارة في وقت يتقدم فيه محيطهم .وشاهد سموه عصر النهضة بقيادة السلطان الراحل كيف شيد البناء وانتقل بالعمانيين إلى العصر الحديث وبث فيهم روح الحياة والعمل غير متناسين قيمهم وأخلاقهم وانضباطهم وثقافتهم وتراصهم وتماسكهم الأجتماعي. ويشهد سموه حالياً النهضة المتجددة ويشارك فيها. سموه مستمع جيد ومتحدث ومقنع..يؤمن بالتفاؤل والإيجابية ويدرك أن الزمن متحرك غير متوقف والرغبة في التغيير الإيجابي تتم بشرط توفر الهدوء والتروي ودون انزلاق في التسرع وتغيير يتماهى مع المجتمع العماني وتطلعات حاضره ومستقبله. يشدد سموه في لقاءاته على التذكير بقيم المجتمع العماني كثيراً ويؤكد عليها ويذكر بها الجيل الجديد والشباب في الإيجابية والنشأة الصالحة التي تفرز الاحترام والحفاظ على القيم والتوقير والهدوء والرزانة والسمت..هذه القيم هي صمام أمان اجتماعي تجنب المجتمع المعظلات الاجتماعية التي تشهدها بعض المجتمعات والدول ولذلك فالحفاظ عليها يوفر على الدولة جهودا وإذا ما انفرطت وتهاوت فستمثل عبئاً لعلاجها وإصلاحها..ولذلك فالمحافظة عليها تعني تماسك المجتمع وترابطه مما يجنب الدولة والمجتمع الإنعكاسات التي قد يتسبب بها التراخي أمام المحافظة عليها. وفي كل مناسبة اجتماعية يدعو سموه الحضور ويذكرهم بأهمية التمسك بالأصالة والعادات والتقاليد النافعة.. ولأنه عسكري يميل سموه إلى الانضباط فهو يحث الجيل والشباب والجميع إلى تجنب الخوض في شؤون الآخرين فهو ليس شأننا ومن تدخل في شؤون الغير وجد ما لايعجبه فالعماني شخصية هادئة تتجنب المهاترات التي تحدث خارج الوطن ولذلك لسنا معنيين بها..الأهم هو التركيز في الداخل عبر التعليم والتعلم والعمل والاجتهاد وكل ما من شأنه رفعة أسم عمان. يذكر سموه بالبنيان القوي الذي شيده السلطان الراحل للدولة العمانية..راسخ وثابت بقوة وسواعد أبناء عمان ليحافظوا عليه. طرح سموه في حديثه عبارة يتطلب أن نقف عليها وهي أن الأشياء التي نرى أنها ضرورية ستحدث لكنها بحاجة إلى الوقت لتنضج ..ماهي شخصياً لا أعلمها لكنني على يقين أنها تتحدث عن مانفكر فيه ونريده. سيتحقق لكن ليأخذ وقته فينضج ويصبح جاهزاً، وهي حكمة تنطبق على كل التمنيات..لسنا في عجلة من أمرنا فالاجيال الحالية والمقبلة سترث وطناً آمناً مطمئناً ودولة متراصة البنيان ونهضة اقتصادية سيسهمون في تنميتها بالعمل لا بالكسل وكثرة الكلام ولا بالأماني والتمنيات..نكمل طريقنا بإرادة واحدة وثقة بقيادة جلالة السلطان المعظم. وحينما تجلس مع سموه يزيل الحواجز فيزرع فيك الثقة ويترك لك الحفاظ على القواعد. وكنا يومها نشق طريقنا في الصحافة لكنه يغرس الثقة بالتشجيع ويعود بنا إلى حقب ليبعث برسالة وإشارة تدركها لاحقاً..تخرج معه والأمل مستمر. فيبث الحماس والانطلاق ويطمئنك بالمستقبل وبحراسه الأوفياء..شكراً سموكم وحفظكم الله ذخرا وسنداً لمولانا جلالة السلطان المعظم.