بقلم : محمد محمود عثمان
مرحلة مقبلة صعبة يعاني منها القطاع الخاص وهو صاحب الأيد الطولى في تنمية الاقصاديات بعد أن ضربها كورونا ومشتقاته في مقتل بمساعدة أصحاب القرار من خلال الكثير من الإجراءات التي ثبُت عدم جدواها، بل كانت أضرارها أكبر من فوائدها على المدى الطويل ، لذلك فطنت دول الاتحاد الأوروبي وإمريكا للأزمة ، واتجهت بشكل شبه كلى إلى التعايش الحذر مع متحورات الوباء ، وإطلاق الأنشطة في مختلف القطاعات
وهذا يحتاج بالضرورة إلى التكاتف من كل المؤسسات في القطاعين العام والخاص للتصدي للجائحة ومعالجة آثارها،
الشراكة الحقيقية لا تعني فقط المشاركة برأس المال والإدارة بل تعني أن تضخ الحكومة سيولة كافية في الأسواق ، لمواجهة الركود ، مع تقديم الضمانات للقروض المُيسرة ثم عدم منافسة الحكومات والقطاع العام للقطاع الخاص في أنشطته ومشروعاته أو السيطرة على الشركات الناجحة والمنتجة - على الرغم من أن ذلك في إطار الاقتصاد بوجه عام - إلا أن القطاع الخاص لم يتمكن من الصمود طويلا إذا استمر ذلك ، ومن الأهم هو ألا تغفل مؤسسات القطاع العام والأجهزة الحكومية وخاصة التشريعية مسؤوليها في:
1- استقرارأوضاع القطاع الخاص وبث الثقة التي تنمحة الاطمئنان والقدرة على العطاء من أجل المجتمع واجيال المستقبل.
2- أن ترفع الحكومات يدها عن القطاع الخاص المتعثر الآن، والذي يتنفس الصعداء ، ولا تُخفى حالته عن أحد ، مع استمرار جائحة كورونا التي أضافت على عاتقة اعباء مضاعفة بداية من نقص الأيد العاملة المدربة الرخيصة وصعوبة الحصول على الخبرات الأجنبية التي تدعم مسيرته ، بل ووضع العقبات أمامها ، ونقص الإنتاجية والإنتاج ، والديون التي تكبله ويصعب الوفاء بها على المدى القريب.
3- دعم وتطوير تشريعات القطاع الخاص ، وعدم عرقلتها لتتواكب مع المتغيرات والمستجدات العالمية.
4 - فض الاشتباك بين القطاع الخاص والقوانين واللوائح التي تكبله وتحول دون اندماجه في الشراكة مع القطاع العام ،وأهمها الإجراءات السلطوية الفوقية التي لاتقدم أو تؤخر ولكنها تمثل عقبة كؤد على أرض الواقع عندما تتجاهل أو تغفل أو تتغافل عن آراء ممثلي القطاع الخاص في غرف التجارة والصناعة ،التي قد تبذل جهودا كبيرة في تقديم المقترحات والدراسات التي تسهم في تطوير قوانين العمل وهى الأكثر إشكالية بالنسبة لشركات القطاع الخاص الكبيرة قبل الصغيرة والتي قد تتعارض مع أهداف ومضامين الاتفاقيات الدولية التي تم التصديق عليها دوليا ، ومن المفترض أن تكون ضمن القوانين المحلية لتكون محل نظر القضاء عند منازعات العمل.
5 - إغفال أسواق العمل العربية والمسؤولين عنها مطالب وتوجهات المجتمع الدولي والقوانين التي تضع ضوابط تجنيس وتوطين أصحاب التخصصات النادرة وأصحاب الخبرات الفنية والإدارية والاحتفاظ بها لإثراء الخبرات الوطنية وإدنمجاتها في لحمة المجتمع لتكون من الركائز الأساسية للقوى العاملة الصانعة للتنمية والتقدم ، وهى تمثل حاجات ضرورية للدول المستقبلة للأيدي العاملة الأجنبية بنفس القدر لاحتياجات الدول المصدرة للأيد العاملة.
6 - ألا تنشغل الحكومات بتكبيل القطاع الخاص بإجراءات وتعقيدات روتينية وبدون مبررات منطقية حول أعداد الوظائف ومسمياتهاوجنسياتها ومهارات العمل المطلوبة ، لأن ضوابط السوق تحكمها دائما آليات العرض والطلب وترك ذلك للشركات وهى الأقدر على تحديد احتياجاتها الفعلية مع تشديد الرقابة على المخالفين ،لأنه لا توجد شركة سوف توظف أكثر من طاقتها أو احتياجاتها الفعلية ، وتفرض على نفسها تكاليفا وأجورا إضافية وأعباء تشغيلية زائدة تؤثر على عائداتها وأرباحها ، لأن القطاع الخاص هو القادر على تحديد احتياجاته الفعلية من العاملين في التخصصات التي يتطلبها العمل، وإن في ذلك عدة فوائد ومنافع منها :
أ- تعويض نقص العناصر البشرية في الكفاءات والخبرات الفنية والإدارية القادرة على تحمل مسؤولية إدارة بعض المستويات الفنية العليا ، وفي الوظائف الفنية المتخصصة.
ب - الحصول على هذه العناصر- على الجاهز كما يقال - بدون تحمل أي نفقات أو تكاليف خلال مراحل التعليم والتدريب ، وهى معادلة اقتصادية فهمتها الدول الكبرى حيث فطنت هذه الدول مبكرا إلى جذب المهاجرين المتفوقين في العالم النامي الفقيرالذي تحمل تكلفة وأعباء تعليمهم وتدريبهم لسنوات طوال ومكنتهم من الإنخراط في مجتمعاتها.
ومعظم الدول العربية إن لم يكن جميعها عاجزة أو بشفافية أكثر متخوفة حتى الآن من الاقتراب من ملف الأيدي العاملة المهاجرة التي انخرطت في مجتمعاتها وتعايشت مع عاداتها وتقاليدها وتثري القطاع الخاص وتؤثر فيه وشاركت في بناء المجتمعات وفي التنمية الاقتصادية لسنوات طويلة وغيابهم يؤثرعلى قوة القطاع الخاص وقدرته التنافسية وعلى القوى الشرائية والاستهلاكية في الأسواق ، التي لها تأثيرات إيجابية أو سلبية في إقبال وإحجام المستمر الأجنبي ، في حين أن الدول الأوربية تمنح الأجانب من كل بلاد العالم الإقامة الدائمة والجنسية بعد العمل بأوراق ومستندات رسمية أربع سنوات فقط.
ج - هذا يعطي الثقة للمستثمرين ولأصحاب رؤس الأموال المهاجرة أن تعود وتشارك في التنمية للتغلب على الآثار السلبية الناتجة عن نقص الكوادر المؤهلة من الأيدي العاملة المدربة.
لذلك يمكن للدول العربية المستقدمة للعمال الأجانب صياغة استراتيجية لإعادة النظر في التشريعات الخاصة بالأيد العاملة الوافدة ، ومراعاة الاعتبارات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية أيضا التي تخدم القطاع الخاص في المقام الأول ، وتساعد في تحسين صورتها في المحافل الدولية والإقيمية وفي مجال حقوق الإنسان.