بقلم: محمد بن علي البلوشي
تصحو الصباح وتشعر أنه يوم سعيد سوف يخلو من أية منغصات أو قلاقل تفسد لك هذا اليوم.. لكن الأشياء والتمنيات لاتمضي كما تشاء فلتكن في كل الأحوال مستعدا لأي من يلقي عليك بالمنغصات السيئة وهناك ستجد أنك ستنقل هذا الشؤم إلى من حولك من الرفاق فلست مستعداً للضحك إلا بصعوبة حتى تمضي ذكريات هذا اليوم المشؤوم.
ينصب موظف المرور رادارا في الصباح بجنب طريق هو مسلك لكل الذاهبين إلى أعمالهم.ومن يستعد أن يذهب إلى العمل ويترك النوم سوى أنه بحاجة إلى المال .المتأخرون في الصباح يحاولون الوصول لأعمالهم قبل انتهاء الزمن المحدد للتأخير.. هؤلاء مروا بظروف في هذا اليوم وفوق نكباتهم هناك من يعمل على رفع جرعات نكبتهم هذا الصباح ..المتأخرون عن العمل صباحا بسبب ازدحام المرور أولبعض الظروف التي أصابتهم في هذا اليوم وكل يوم وتحديدا في هذا الوقت العصيب والدقائق الحرجة التي يسعى كل متأخر أن يهزمها بالوصول إلى العمل في وقت لايخضعه تحت مساءلة مسؤوله المتعجرف والذي قد يتربص به ليقضي عليه.وهنا شيئان سيفسدان يوم هؤلاء المتأخرين توقيت الرادار ومكانه والمسؤول المتعجرف الذي لايضع مكانا للتفهم والإنتاجية بل للبصمة فقط.
وتستيقظ صباحا فتجد أن الاطفال لم يذهبوا للمدرسة فالحافلة لم تأت ولم تصلك رسالة بأنه لن يأتي وأن عليك حملهم للمدرسة..إنه يوم أخر أفسده شخص عليك فتحملهم للمدرسة.
ثم تنتقل إلى دائرة حكومية أو مراجعة مؤسسة خاصة لتخليص وانجاز معاملة أو لقضاء غرض وشرائه لتكتشف أن الموظف السعيد سيتفنن في إفساد يومك لأن المعاملة أو رقم المراجعة مع زميله لكنه في إجازة وماعليك سوى الانتظار حتى يقضي الاستمتاع بإجازته وهو لايود تكليف نفسه بالبحث عنها لأنه ليس مستعدا أن يفسد يوم زميله بالسؤال عنها..لذلك لايعني له الامر شيئا إن أفسد عليك يومك..سيقول لك عد مرة أخرى.لتتصور كيف تفنن ذلك الموظف في تمزيق سعادتك الصباحية بإفساد يومك.
بعد أن تعلم أن أسعار الأسماك رخيصة جدا فالموسم يسمح للصيادين بالصيد الوفير تقرر الذهاب إلى سوق الاسماك لتكتشف ان البائع الذي تتعامل معه لم يأت هذا اليوم لربما مريضا أو انه قد انشغل بأمورا عاجلة وعليه قضاؤها..تقرر أن تتجه إلى بائع اخر وهو يحملق إليك ويصنع من نفسه ذكيا ليبيعك صيده ..تشتري منه مانصحك به وهو يلوح بيديه شارحا لك أنها طازجة من البحر وانك إن عدت للبحر وألقيتها من جديد ستعود للحياة..هنا سقطت في متاهة البائع واستسلمت له بكل قواك وأخرجت نقودك وسلمته حقه..تكتشف متأخرا حينما تعود للمنزل ولأنك لاتملك خبرة في تفتيش عيون الاسماك ولونها ووثقت بكل أياته التي طرحها واشعرك بالسعادة في تلك المنازلة البسيطة بينكما..تكتشف ان الصياد قد أفسد يومك ولأنك إن عدت له سيكون يومك كله فاسدا فالأفضل أن تكتفي بحصة بسيطة من هذا اليوم..اتركه لاتعد إليه.
تمر عبر طرقات ودروب اعتدت عليها وتتأمل في الآثار التي خلفها شاهين باقية حتى اليوم ولم يجد أصحابها وسيلة لإعادة بنائها..جدران انهارات وأبواب تكسرت.في انتظار معونات حكومية لم تر بعضها النور بعد..ثم تقف على البعض وقد استغلها فرصة في غمضة عين ليمدد من الانهيار امتارا بسيطة فيضيق الطريق وتضفي الامتار الجديدة عليهم بهجة فهؤلاء يعيد لهم الجشع والطمع بهجة الحياة وتزدان أيامهم بالسعادة..هؤلاء لايفسدون يومك بل يفسدون الحياة.
وفجأة تستقبل رسالة وإشعارا بفاتورة استهلاكك للماء والكهرباء..تتحسس جيبك هل بقي لديك مال لكل هذا الاستهلاك..ثم تقرر تطبيق « الشك يقود لليقين» في الفاتورة لتجد أن الشركة المعنية قد زادت من المبلغ بدون استهلاك حقيقي..في تلك اللحظات أفسدوا يومك وسيستمرون في إفساد أيامك حتى تخضع لمراجعتهم.وقد يقطعون الخدمة فجأة وانت لست سببا..هم السبب في ذلك..لكنهم لن يعترفوا..فقط عليك الاعتراف بأنهم أفسدوا يومك.
ثم تتناول الهاتف فقد مرت ساعات طويلة على هذا اليوم ولاتعلم ماذا يحدث هل غزى الروس أوكرانيا..هل من جرعة تنشيطية رابعة وخامسة..هل تم إخراج الطفل ريان من المغارة أو البئر التي سقط فيها..كلها ستمر عليها..لكنك ستتوقف وتتأمل لتصعق بمن يبثون الأكاذيب ويشيطنون المختلفين في ملابسهم وفي أفكارهم وفي حياتهم وفيما يؤمنون به وكيف يقررون حياتهم..ليمنحوا الاخرين صك الدخول إلى النعيم أو في قعر الجحيم ..هل انت تستحق كل ذلك..لا لكن هناك من يحاول أن يظلل الناس قبل أن يفسد يومك. بعد يوم سعيد لك ستنفجر من جهله ومن بؤس مريديه المصدقين لكل أكذوبة له ويصفقون إلا أنت..لكنه نجح في إفساد لحظتك التي اخترتها أنت بإرادتك..كفوا عن إفساد أيامنا.