بقلم : عيسى المسعودي
لايختلف اثنان على أن العلاقات العمانية المصرية تاريخية ومميزة ومثال يحتذى به في مسيرة العلاقات العربية العربية من حيث توافق الرؤى المشتركة في كثير من المواضيع التي تهم قضايا المنطقة ، وطوال السنوات الفائتة كانت المواقف بين الدولتين واضحة و ثابتة وشهدت إرادة سياسية قوية لتعزيز هذه العلاقات في مختلف المجالات والقطاعات فكانت النتائج إيجابية انعكست على توطيد العلاقات بين الشعبين الأخويين سواء على المستوى الاجتماعي أو على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي مما جعل من حكومة البلدين إعطاء الضوء الأخضر لتعزيز آفاق أكبر لهذه العلاقات المتميزة من خلال العديد من الخطوات التي كانت في مقدمتها الزيارات المتبادلة بين قيادة البلدين والمسؤولين في الدولتين وانشاء العديد من اللجان المشتركة لعل من أهمها اللجنة العمانية المصرية المشتركة التي تنظر في مختلف الأمور والمجالات التي تساهم في تحقيق التقدم والنجاح لهذه العلاقات وكذلك من بين الخطوات الهامة إنشاء مجلس الأعمال العماني المصري والذي عقد خلال اليومين الماضيين هنا في سلطنة عمان ويظم عدد من المسؤولين ورجال الأعمال في البلدين ومسؤولي الغرف التجارية حيث من المتوقع أن يشهد هذا المجلس خلال المرحلة المقبلة العديد من التطورات الإيجابية التي ستساهم في تعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين ويعطي دفعة قوية لقيام مؤسسات وشركات ومشاريع استثمارية مشتركة مدفوعا بدعم وإرادة سياسية ورغبة أكيدة وصادقة للمشاركة في نجاح وتقدم مسيرة النهضة المتجددة والجمهورية الجديدة في البلدين و اللتاني يشهدان مرحلة جديدة من تاريخهم المعاصر ورؤى مستقبلية لحياة كريمة وأفضل لشعبي الدولتين.
كثير من الدول سواء على مستوى المنطقة أو على مستوى العالم تنظر إلى الجوانب الاقتصادية على أنها أولوية في هذه المرحلة ولدى هذه الدول رؤية واستراتيجية يتم تنفيذها لاستثمار الفرص والمقومات الاقتصادية المختلفة التي تتمتاع بها كل دولة وهناك تسابق وتنافس كبير لابراز هذه الفرص وجلب الشركات والمستثمرين للدخول في الاسواق المحلية وتعزيز الجوانب الاقتصادية التي تساهم في تقوية الناتج المحلي وتنمية وتطوير الجوانب الاقتصادية فدولة بدون اقتصاد او استثمارات قوية لن تستطيع تحقيق تنفيذ رؤيتها التطويرية التي تنعكس ايجابياً على كل مجالات الحياة ولقد شاهدنا تجارب ناجحة في المنطقة تهدف الي استثمار الفرص والمقومات الاقتصادية ولعل السلطنة وجمهورية مصر العربية من الدول التي شهدت خلال الفترة الفائتة مجموعة من الخطوات والمشاريع التي تركز على الجوانب الاقتصادية من خلال فتح قنوات جديدة وتوقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات لتنفيذ مشاريع اقتصادية مشتركة مع بعض الدول ، واليوم ونحن نشهد مرحلة جديدة من التعاون بين السلطنة ومصر من خلال انعقاد اجتماع اللجنة العمانية المصرية المشتركة والتي خرج منها التوقيع على مجموعة من مذكرات التفاهم تؤكد على حرص البلدين على استثمار علاقاتهم المتميزة والتاريخية في تحقيق نتائج إيجابية على المستوى الاقتصادي فالطموحات والتطلعات كبيرة وعلينا العمل والتعاون بشكل أكبر لتحقيق هذه التطلعات والأهداف وترجمة الإرادة السياسية في البلدين جميعاً فالمقومات الاقتصادية والفرص التجارية معروفة وموجودة في البلدين نحتاج فقط إلى استغلالها واستثمارها وفي مختلف المجالات وخاصة في قطاعات النفط والغاز والسياحة والعقارات والصناعة والتعليم والصحة والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا والطرق والاتصالات والأمن الغذائي وغيرها من المجالات وعلينا الاستفادة من تبادل الخبرات والمعلومات وتقديم التسهيلات والخدمات والمزايا للشركات وللمستثمرين الراغبين في استثمار هذه الفرص المشتركة مع التأكيد على نقطة مهمة يحرص كل مستثمر على التركيز عليها وهي تقديم الضمانات على حماية الاستثمارات المشتركة من خلال مجموعة من الخطوات التي يجب أن تكون واضحة من قبل المؤسسات الحكومية المعنية بهذا النوع من الاستثمارات المشتركة واعتقد أن هذه الضمانات والحمدلله متوفرة من قبل الدولتين حيث نلاحظ وجود رغبة صادقة من المسؤولين وحرصهم الشديد على متابعة نجاح عمل الشركات وتذليل الصعوبات وإنجاز المعاملات في هذا الجانب بشكل أسرع من خلال وجود محطة واحدة لهذا النوع من الاستثمارات وكذلك من الأمور المهمة تعزيز الثقة المتبادلة بين الطرفين لكي يمثل ذلك القاعدة المتينة والصلبة لقيام مشاريع وشركات استثمارية مشتركة بين البلدين.
نعتقد أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى تكثيف التعاون المشترك وجهد أكبر من غرف التجارة في البلدين ومن مجلس الأعمال العماني المصري في تعزيز ونمو التبادل التجاري بين البلدين ولعل ماخرج منه الاجتماع الأخير للمجلس والتوصية بإنشاء شركة استثمارية مشتركة بما قيمته 100 مليون دولار أمريكي يعد من الخطوات المهمة والصحيحة التي نأمل أن ترى النور قريبا حيث يمكن أن تساهم هذه الخطوة في تنمية التبادل الاستثماري وبلاشك أننا بحاجة ماسة إلى وجود هذا النوع من الشركات لتنظيم واستثمار الفرص التجارية وفي مشاريع مختلفة تغطي المجالات والقطاعات الواعدة في البلدين ، ولانجاح هذه الفكرة وإعطائها دفعة قوية للأمام سيتطلب دور أكبر من القطاع الخاص ومن المستثمرين للدخول في هذه الشراكة وإنشاء هذا الكيان الاقتصادي كما أن دور المؤسسات الاستثمارية الحكومية في البلدين مهم للغاية ففي السلطنة نأمل أن يدرس جهاز الاستثمار العماني مشروع إنشاء هذه الشركة وتحديد مشاركتة الإيجابية والاستفادة من الفرص التجارية الموجودة في جمهورية مصر العربية وأيضا قيام مشاريع مشتركة مع مستثمرين وشركات مصرية لإنشاء مشاريع صناعية أو تنفيذ مشاريع تحقق أرباح وعائد مادي يساهم في إنجاح استثمارات الجهاز الخارجية والداخلية وكذلك بالنسبة للجانب المصري ففي السلطنة مثلا توجد العديد من الفرص والمشاريع التي تم تحديدها في رؤية عمان 2040 وهي جاهزة للاستثمار والاستفادة منها وموزعة في قطاعات رئيسية ، أننا نتطلع لنتائج إيجابية خلال المرحلة المقبلة وذلك من خلال العمل المشترك وتفعيل وترجمة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها وظهور مشاريع جديدة تساهم في تعزيز العلاقات المشتركة.