العلاقات الاقتصادية العمانية - المصرية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/يناير/٢٠٢٢ ٢٠:٠٥ م
العلاقات الاقتصادية العمانية - المصرية

بقلم: خالد عرابي

تابعنا وشاهدنا وسمعنا وقرأنا على مدى اليوميين الماضيين عن جملة اللقاءات العمانية المصرية المتلاحقة التي تمت وبمستويات رفيعة بين البلدين، فمنذ وصول معالي سامح شكري، وزير الخارجية المصري والوفد المرافق له، واستقبال معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، وزير الخارجية العماني له، ثم توالت الاجتماعات واللقاءات المشتركة.. بدءا من اجتماع مجلس الأعمال العماني- المصري كلقاء للقطاع الخاص ورجال الأعمال بين الجانبين وما بحثه المجلس من موضوعات متصلة بتعزيز العلاقات الاقتصادية ورفع معدلات التبادل التجاري والاستثماري بين القطاع الخاص في البلدين، إلى انعقاد اللجنة العمانية المصرية المشتركة كاجتماع رسمي بين الجانبين الحكوميين وبرئاسة وزيرا خارجية البلدين، وما ناقشاه من قضايا جد مهمة للبلدين بالإضافة إلى عدد من القضايا المحلية والإقليمية محل الاهتمام المشترك بين الجانبين والتأكيد على المضي قدما للعمل نحو تعزيز التعاون في كافة المجالات لاسيما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية التي من شأنها فتح آفاق نوعية جديدة للتعاون بين البلدين. 

وتوالت اللقاءات و الجولات المكوكية بين الجانبين، ومنها تسليم معالي سامح شكري لرسالة خطية من فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى أخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طاق المعظم -حفظه الله ورعاه-، ثم اجتماعات لمعالي سامح شكري مع رئيس مجلس الدولة معالي عبدالملك الخليلي، ثم مع رئيس مجلس الشورى سعادة خالد بن هلال المعولي، وكلها اجتماعات ولقاءات رفيعة المستوى ومهمة جدا ولعل ذلك يعكس في أبرز صورة مدى ما توليه البلدان والقيادتان الرشيدتان لأهمية العلاقات ما بين البلدين الشقيقين.

إن العلاقات ما بين البلدين الشقيقين تاريخيا وسياسيا ودبلوماسيا وحضاريا وثقافيا وفنيا وأخويا وعلى كل الأصعدة والجوانب تقريبا جد عظيمة وكلانا كبلدين وقيادتين وشعبين وحكومتين نكن لبعضنا البعض كل الحب الأخوي الخالص والتقدير والاحترام المتبادل، ولكن..

ولكن دائما حينما نقولها فهذا يعني أن هناك شيء ما، وهنا لنقلها كما يقولها الجميع وحتى كبار المسئولين في البلدين وعلى شتى المستويات وبصريح العبارة: "إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لا ترقى أبدا إلى مستوى العلاقات التاريخية والسياسية والدبلوماسية الأخوية"، ومع تقدير وأهمية كل تلك العلاقات التي ذكرتها سلفا، إلا أن العلاقات الاقتصادية الآن هي الأهم وعلى أولوية العلاقات الدولية عالميا، بل تكاد تكون قد تفوقت على العلاقات السياسية، فالاقتصاد هو المحرك الرئيسي للعالم، وهو القاطرة الرئيسية التي تقود بقية الجوانب، وهو الذي يخلق المصالح والمصائر المشتركة، ولذا لاحظنا أهميته ودوره وتأثيراته العالمية على مصير بعض البلدان.. وهنا وفي ظل هذا الطرح يكون التساؤل الواقعي والعملي المهم والذي يطرح نفسه بقوة: إذا كان كل ذلك كذلك -أي العلاقات المثالية الفريدة والمتميزة التي تربط البلدين في شتي المجالات، وهذه حقائق لا تقبل الشك ولو للحظة واحدة- فما هو السبب في تراجع وتأخر مستوى وحجم العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين وعدم وصوله إلى الحجم المأمول فيه؟

لطالما تمت اجتماعات وعقدت لجان على مدى العقود والسنوات الماضية، ولطالما تم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم ، وحضرنا وشاهدنا كثير منها كإعلاميين، ولكن بقي الجانب العملي والتطبيقي (التنفيذ) وهو الأهم ليس على المستوى المطلوب ولذا نكاد نجزم أنها لم تأت بالعوائد والمكاسب المأمولة، ولذا وجدنا أن النتائج والأرقام وأحجام التبادل التجاري والاستثمارات بين البلدين ما زالت خجولة وتعرض على استحياء رغم ما نعتز به من عمق العلاقات الممتدة لآلاف السنين بين البلدين، منذ أن كان اللبان العماني ينقل (تجارة يعني) لاستخدامه في المعابد المصرية، والآن بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية يونيو 2021 حوالي 293 مليون دولار، مقارنة بـ 252 مليون دولار في عام 2020 – بحسب غرفة تجارة وصناعة عمان- وهي أرقام بكل صراحة تعد هزيلة وضعيفة.

إن ما تشهده العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين وعلى كافة الأصعدة والمستويات، وخاصة ما تشهدها من قيادتي وزعيمي البلدين الشقيقين فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، وما تشهده من رؤي رشيدة وتوجيهات سديدة لكفيلة وبكل عزيمة وإصرار وصراحة واخلاص بدفع العلاقات بين البلدين ونحو مزيد من التقدم والتطور والرخاء والنماء والازدهار، ولما يزيد من حجم التعاون والشراكات الاقتصادية والتبادل التجاري والاستثماري، وما ينعكس بالنفع الكثير على الشعبين والبلدين الشقيقين.

وهنا ينبغي أن نشير إلى جانب آخر واقعي من معطلات التعاون التجاري وجذب الاستثمارات في بعض الدول ومنها بلدينا الشقيقين وهو ما طرحه المهندس سميح ساويرس رئيس الجانب المصري في مجلس الأعمال العماني المصري بكل صراحة وشفافية وفي حضرة وجود وزيري خارجية البلدين، و وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار معالي قيس اليوسف، وفي الحقيقة كان طرحه جد مختلف، فقد كان واقعيا عمليا شفافا، وهو حديث لو أخذ منه وبني عليه، وطبق على أرض الواقع لسهل الكثير من الأمور وكانت نتيجته جذب مزيد من الاستثمارات لأي بلد يطبقه وبكل سهولة.. إذا فماذا طرح ساويرس؟

سميح ساويرس قال ويكاد يكون حرفيا: "إن المستثمر لا تأتي له الفكرة فقط، وإنما أكثر شيء يعوقه هو أن يأتي للاستثمار في بلد ماء فيحصل على معلومات شفوية، ومتضاربة ولا تعزز بشيء مكتوب من هذه الدولة، وهذا يضعه دائما في موقف المخاطرة، ومهما كانت جدوى الاستثمار فإن كل نقطة غير واضحة بالمجال التشريعي الخاص بهذا الاستثمار تعد عنده وكأنها نسبة مخاطرة، وعلى سبيل المثال لو أن هذا المستثمر رأي أنه بناء على دراسة جدوى أن الاستثمار في مشروع في بلد ما تقدر بـ 30% فإن كل نقطة غير واضحة يلغي أمامها نسبة (وليكن 2 : 5%) من هذا العائد المتوقع وبالتالي فقد يصل الأمر في بعض الأحيان أن يجد بعض المستثمرين وحتى في (مصر أو عمان ) أن هذا المشروع غير مجدي لأن المخاطرة فيه أعلى من العائد".

ولذا كان الحل الأمثل والبسيط والذي عرضه هو أن تكون الإجراءات وخاصة المتعلق منها بالشق التشريعي بأي استثمار واضحة وصريحة ومكتوبة كدليل استثماري أو استرشادي للاستثمار مكتوب ومعتمد ويعتد به" وبالتالي لو عرض على أي مستثمر من أي بلد سيكون كافي له جدا للدخول وبدون أي تخوف ويكون دور مجلس الأعمال أنه وفر العامل الحقيقي لجذب المستثمرين.

بقي أن نشير إلى حاجة مثل هذه الأمور إلى لجنة للمتابعة والتنفيذ العملي وأن يكون دور هذه اللجنة بخلاف دور السفارات، فالسفارات محرك ولها دور ولكنها تعتمد على مدى نشاط وحركة واهتمام كل سفير وفريق العمل بالسفارة، كما وأنه يتحرك سفير لينشط الأمور ليأتي آخر قد لا يهتم وهكذا، ومن هنا يكون دور هذا اللجنة هو الأهم وهو المعني بالمتابعة لكل هذه النتائج وحبذا لو كانت بجداول زمنية.