الشباب وحرية التعبير

مقالات رأي و تحليلات السبت ٣٠/أبريل/٢٠١٦ ٢٣:١١ م
الشباب وحرية التعبير

حامد بن شظا المرجان

أتحدث في مقالي هذا عن حرية الرأي والتعبير والتى يستغلها شباب التواصل الاجتماعى للتعبير عن ارائهم وباساليب مختلفه. المتابع لهذه الوسائل يستغرب لما يطرح فيها من حوارات ومواضيع تتعدى حريه الراى والتعبير. إن مصطلح "حرية التعبير" مصطلح "الإساءة أصبحا زيادة على كونهما متعارضين، أصبحا مشكلةً ثقافية وفكرية، فمتى نعتبر الإساءة إساءة، ومتى نعتبرها حرية تعبير؟
هناك قضايا ومواضيع يطرحها الشباب فى التواصل الاجتماعى تعتبر مسيئه لثقافة مجتمعاتنا وخطر على امننا القومى، الا ان بعض الشباب يعتبروها حريةَ راى وتعبير ولا دخل للحكومات فيما يقال اوينشر.
إن الحرية في ديننا الاسلامى حريةٌ منضبطة ومسؤولة، لا تقوم على مبدأ "أنت حر ما لَم تضر" وفقط، بل أنت حر ما لَم يكنْ فِعلك هذا مخالفًا للشريعة. "فالحرية : ابنائنا الشباب بمعناها المطلق ليست سوى فوضى أو يوتوبيا حالِمة، والحياة المجتمعية بما هي حياة أفراد وجماعات متعالقين بروابط، ومتخالفين في الأذواق والأفكار والمصالح، لا بد لكي توجد وتستمر من أن تتأسس على قواعدَ وأعرافٍ ونُظم ومؤسسات ينضبط لها الفعلُ الفردي.واعتقد اذا ما اردنا ان نعبر عن راينا يجب علينا استخدام التَّلطفُ في التَّعبير أو تخفيفُه، هو مفهوم لغويٌّ اجتماعيٌ متمدِّن، مرتبط في أذهان الكثيرين بالاحترام في الخطابِ مع من نظرَ إليهم المجتمعُ يوماً نظرةَ الازدراء أو الانتقاص، وكذلك لتجنُّب التعبيرات المعروفَة بالفَظاظَةِ، أو بأنها مما يَجرحُ الحياء. فهو يعكِسُ رهَافةَ حسِّ المتكلِّم. وقد يزيد الأمر عن حده المقبول إلى أن يصلَ إلى مستوى من النِّفاق والتَّملُّق والتَّزلف المذموم. وهو كذلك مرتبطٌ بمفهوم لغويِّ اجتماعي آخر، درسَه علماءُ اللغة والنَّفس تحت عُنوان "المحظور اللغوي التابو والذي يعني منع التَّلفظ بكلماتٍ محدّدة في ظروفٍ وأوقاتٍ معيَّنة، ومن ميادينِه ما يتعلق بالاتجاهات السياسية، والاعتقادات الدينية وكذلك الألفاظ الجنسيَّة، وكل ما يقاربُها ممِّا تحْسن الكِناية عنه ويقْبُح التَّصريحُ به. وحضارةُ الشُّعوب ابنائنا الشباب تظهر جليةً في مستوى لغتِهم وتخاطُبِهم، والتَّلطف يعكس جانباً منها، إلا أنَّ خطورتَه تكمُن فيما إذا استُخدم تلطيف اللغة في محاربة أخلاق الأمة وأفكارها، بواسطة مصطلحاتٍ مخفَّفة تعبّرُ عن معانٍ سيئة، كانت تثير اشمئزازاً اجتماعياً عند نطقها.
فعلى المستوى الأخلاقي مثلاً تشترك أكثر من لغة في نسبة الفاحشة بين الرجال إلى قوم لوط، فيُقال عنها لواطة وهي ذات دلالة قاسية في أذن المروجين لهذه الفعلة الشنعاء، فكان من أثر ذلك أن خضعت للتخفيف مرتين، أولاً عندما تحولت تلك اللفظة إلى وصفهم بمجرد الشذوذ أو المثليّة ، وكأنَّ الأمر ليس إلا استثناء معتاداً عن الفطرة السليمة، ثم خضعت لتحويلٍ آخر اكتسب معنى ايجابياً فأطلق على أنفسهم اسم المَرِح السعيد، ثم انتشرت تلك التسمية لتعبِّر عنهم بلفظٍ مخفَّف محبَّب، وصار التلفُّظ بالألفاظ الأولى من المعايب اللغوية والاجتماعية، فبدأت حربُ الأخلاقِ بالألفَاظ. ومنه ما يشاع في الإعلام من مصطلحاتٍ جديدة تعبِّر عن أقسى المعاني بألفاظ مخفَّفة، أرادوا بها تجنُّب الدلالات المفعمةِ بالوحشيّة المرتبطَةِ بالمصطلحات القديمة، فاستعملوا التطهير العرقي بدلاً من: الإبادةِ الشَّاملة لشعبٍ ما سوى.

وفي نفس الوقت تقوم الولايات المتحدة الامريكية ومن خلال تقاريروزارة الخارجية الأمريكية بإدانة الدول لانتهاكها لحقوق الانسان وحرية الراى والتعبير ويقوم مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بالولايات المتحدة الأمريكية باصدار تقريره السنوى حول العوائق التي تواجه حقوق الإنسان في دول العالم، خاصة مايتعلق بالحرية المحدودة للتعبير عن الرأي، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الصحفيين والكتاب في هذه الدولة أوتلك. هذا يؤكد لي ازدواجية المعايير فى سياسه الدول الغربيه و بأن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بالولايات المتحدة الأمريكية لا يستطيع بأن يفهم الشعوب وقيمها وعاداتها وثقافاتها وبالتالى يصدر تقاريره من وجهة نظر سياسيه.هناك من يرى بأن من حق الإنسان بأن يعبر عن رأية واخرين يرون بأن التعبير عن الرأى يجب ألا يتعارض مع الامن القومى للدوله والتى تشمل قيم المجتمع وثقافته وعاداته ولا يتعدى على حرية الاخرين وإيذائهم.
ماذا عملت أمريكا للدول التى ساعدتها على تطبيق الديمقراطية المزوره سوى الدمار وتشريد شعوبها ولا أحتاج هنا لسرد المزيد من الأمثلة.لماذا يعتبر انتهاكا اذا قامت دولة بمنعها كتاب أو مدونة اومحاكمتها لكاتب او صحفى لأجل المحافظة على امنها الوطنى و النسيج الإجتماعي وثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده يعتبر هذا لدى بعض منظمات حرية الراى والتعبير انتهاكا لحقوف الإنسان، لا أرى ضررا في ذلك لأن من حق شعوب العالم بشكل عام والمجتمعات بشكل خاص بأن تحافظ على تراثها وثقافتها وعلى الاخر قبول هذا الحق، بدلا من ازدواجية المعايير والكيل بمكياليين نعم وجب علينا كشعوب عالميين أو محليين وهو مصطلح يرغب الغرب التحدث به بان نحافظ على امن بلداننا و قيم المجتمع وثوابته الأخلاقية، ورفض كل ما يعرض امنه الداخلى للخلل او يشوه صورته المجتمع أو يتناول قيمه وعقيدته وعاداته وتقاليده. ويجب على المجتمع ايضا قبول الآخر واحترام وجهة نظره اذا كانت موضوعيه لاسيما في القضايا الفكرية التى تحتمل أكثر من تفسير وهذا ايضا حق وجب علينا احترام حرية الفكر والابداع الذى لايضر الاخرين. وهنا دعونا نعرج قليلا على ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة الثامنةَ عشرةَ منه والذى يقول "لكل شخص الحقُّ في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحقُّ حريةَ تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة، وإقامة الشعائر، ومراعاتها، سواء أكان ذلك سرًّا أم مع الجماعة".لكن المشكلة هنا تكمن في اتساع رقعة الحرية التي يطالب بها هؤلاء الحقوقيون والليبراليون واذا كانت تتناسب مع ثقافة المجتمع الذى تنتمى اليه هذه أوتلك المجموعة.فمن الحرية أن تقول ما شئت، وأن تعتقد ما شئت. وبالرجوع إلى الاعلان العالمي لحقوق الانسان، نجد أن الإعلان يعطي الحق للإنسان في التعبير عن رأيه بالطريقة التى يراها.
فى نهاية مقالى هذا ادعو الى احترام حرية التعبير التى لا تعرض امن البلد للخطر ولا تسئى للاخرين وثقافتهم وعلينا ايضا قبول الاخر وإحترام ارائه وأفكاره. أما ما يتعلق بازدواجية المعايير فى السياسة والثقافة الدولية لابد من حوار عالمي لتحديد الأخلاق العالمية التى تحترم ثقافة الشعوب بصرف النظر عن اختلافها.ومامدى استعداد المجتمعات والثقافات المختلفة لتقبل ما يطلق عليه فى مجتمع ما بأنه حرية التعبير واخر يرى بأن حرية الرأى والتعبيرإساءة للمجتمع وثقافته وعاداته وتقاليده.

باحث ومستشار تنموى