مؤتمر التحفيز الاقتصادي.. تطلعات لتحقيق الانتعاش

مزاج الاثنين ٠٦/ديسمبر/٢٠٢١ ٠٨:٢٦ ص
مؤتمر التحفيز الاقتصادي.. تطلعات لتحقيق الانتعاش
علي المطاعني

بقلم : علي بن راشد المطاعني

يكتسب مؤتمر التحفيز الاقتصادي الذي يعقد اليوم الإثنين أهمية كبيرة لتقييم مدى فاعلية الحوافز الاقتصادية الحكومية، ومقارنتها مع الإجراءات المالية التي اتخذت في الفترة الماضية، كفرض الرسوم، والضرائب، ورفع الدعم عن العديد من الخدمات، فضلا عن التداعيات الصحية لفيروس كورونا كوفيد 19، على القطاعين العام والخاص، وسبل التحفيز الاقتصادي الذي يتطلع إليه القطاع الخاص والاقتصاديون.

ولعل المؤتمر الأول الذي يعقد وجها لوجه بين القطاعين العام والخاص سيوضح الحوافز والإجراءات، كما سيوفر الاستماع إلى وجهات النظر بدلا من التعليقات المفردة من كل جانب بدون الجلوس على طاولة واحدة لبحث كيفية تحفيز الاقتصاد بشكل أفضل وبشكل مستدام، الأمر الذي يجعلنا نتطلع لأن يخرج المؤتمر بتوصيات أكثر واقعية للتنفيذ تحقق الإنعاش الاقتصادي الذي يصبو إليه الجميع في المرحلة القادمة، مقارنة مع الخطة المتسارعة التي تتخذها الدول المجاورة في هذا الشأن.

فبلاشك أن انعقاد المؤتمر بهذا المستوى من المشاركة وحضور أكثر من 150 اقتصاديا من القطاعين العام والخاص ورجالات الأعمال والمفكرين والأساتذة لمناقشة تقييم الحوافز الاقتصادية، والسياسات المالية، وحوكمة القرارات الحكومية، وبيئة الأعمال، في أربع جلسات متتالية، من شأنه أن يضع النقاط على الحروف أمام الجميع لما يجب عمله في المستقبل، وتقييم ما تم إنجازه وتأثيراته الاقتصادية على الاقتصاد الوطني بشكل عام، وخطورة معالجة الأوضاع من الجوانب المالية بدون النظر إلى التأثيرات الاقتصادية التي تقضم العوائد الاقتصادية التي تتآكل شيئا فشيئا بدون أي تحرك يوضح تأثيرات ذلك على كل الأصعدة والمجالات.

ولعل الشراكة بين غرفة تجارة وصناعة عمان فرع محافظة مسندم والجمعية الاقتصادية العمانية لتنظيم مؤتمر التحفيز الاقتصادي باعتبار أن الغرفة هي ممثلة القطاع الخاص بموجب المرسوم السامي رقم 45/2017 ولها كذلك الدور الاستشاري في ما يتعلق باقتراح السياسات العامة وإبداء الرأي في التشريعات والقوانين والإجراءات ذات الصلة بالقطاع الخاص، وكذلك الجمعية الاقتصادية العمانية باعتبارها إحدى مؤسسات المجتمع المدني، تهدف لإثراء الجانب البحثي والمعرفي بالجوانب الاقتصادية في السلطنة، هذه الشراكة ارتأت فيها الجهتان أهمية الوقوف على التحفيز الاقتصادي من خلال جمع ذوي الاختصاص لمناقشة التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني من كافة الجوانب، وتقييم الحوافز الاقتصادية التي مضت عليها تسعة أشهر من اعتمادها، ومسار التعافي لاستشراف الحلول والمقترحات لتحقيق التحفيز الاقتصادي ومساعدة القطاع الخاص على تجاوزها.

فلا يخفى على أحد بأن الاقتصاد الوطني يمر بتحديات كبيرة بدءا من انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية وانعكاساتها الاقتصادية وتداعيات فيروس كورونا وما سببته من تأثيرات اقتصادية كبيرة على الجميع، كل ذلك فرض على الحكومة إيجاد برنامج للتوازن الاقتصادي لتجاوز هذه التحديات وغيرها، إلا أن البرنامج الاقتصادي بما فرضه من إجراءات مالية انعكست سلبا على الاقتصاد في الفترة الماضية أثرت بشكل كبير على تقلص الأنشطة الاقتصادية وتسريح الموظفين في القطاع الخاص وغيرها، الأمر الذي يفرض مناقشة ذلك بعمق من خلال أوراق العمل التي يقدمها المختصون.

بالطبع ضغطت رسوم تراخيص العمل، والضرائب، والرسوم المستحدثة في خطة التوازن المالي كثيرا على الأنشطة الاقتصادية وأدت لانكماش اقتصادي ملحوظ، لذا أضحت معالجتها أمر تمليه الضرورات لإنعاش الاقتصاد على نحو ملائم مع متطلبات المرحلة القادمة، ومنها أهمية استمرار الإعفاءات الصادرة من اللجنة العليا المكلفة بالتعامل مع تأثيرات فيروس كورونا التي تنتهي نهاية الشهر الجاري وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية لا يمكن أنكارها، فضلا عن أهمية الحوكمة والالتزام بالاختصاص القانوني والتكامل بين السياسات العامة التي تدير الجوانب الاقتصادية في البلاد على نحو صحيح لما لها من أهمية كبيرة في تعزيز الثقة في نفوس المستثمرين.

ومعلوم أن مثل هذه المؤتمرات لها أهميتها في أنها تفتح آفاقا أوسع لمناقشة تقييم الحوافز الاقتصادية، ومدى فاعليتها، والإجراءات التي اتخذت، ومدى جدواها في مرحلة استثنائية بكل المعايير تتطلب المزيد من التسهيلات والمرونة في التعامل.

نأمل أن يحقق المؤتمر أهدافه ويبلور التوصيات الهادفة التي تساعد الجهات الحكومية على إنعاش الاقتصاد، والعمل مجتمعين في سبيل النهوض بهذا الجانب بشكل أفضل مما سبق، وسد الفجوة بين القطاعين العام والخاص، والوصول لفهم مشترك بين الجانبين لماهية الوضع، وكيفية تغييره بكل السبل الممكنة التي تتطلب المزيد من التعاون وتضافر الجهود.