مسقط - الشبيبة
ناقشت غرفة تجارة وصناعة عمان في أمسية بعنوان (الدور الاقتصادي والتعليمي لمؤسسات التعليم العالي الخاصة) التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي الخاصة وإمكانيات الجامعات والكليات الخاصة لاستقبال الطلبة من دول العالم
حيث استضافت الأمسية ـ أحمد بن سعيد البلوشي رئيس لجنة التعليم في غرفة تجارة وصناعة عمان وشفيق بن درويش العبري من المديرية العامة للجامعات والكليات الخاصة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والدكتور عبود بن حمد الصوافي رئيس جامعة البريمي.
وقال أحمد بن سعيد البلوشي رئيس لجنة التعليم بغرفة تجارة وصناعة عمان: "إن قطاع التعليم العالي تم تضمينه ضمن مستهدفات الخطة الخمسية العاشرة وذلك نظرا لأهميته ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي حيث يساهم بحوالي 5% من الناتج المحلي ومن المنتظر أن يساهم بنسبة أكبر تصل إلى 6.2% في نهاية الخطة وهي مساهمة كبيرة تفوق قطاعات أخرى حيث أن هذه المساهمة تم رصدها من ناحيتين من ناحية الإنفاق الحكومي على التعليم المدرج في الميزانية وأيضا الإنفاق من قبل القطاع الخاص على التعليم بشتى المؤسسات وحركة الاقتصاد الذي يدور في هذا القطاع والقطاعات المساندة له والقيمة المضافة التي يقدمها هذا القطاع للاقتصاد".
وأضاف أن هناك العديد من المبادرات والمشاريع في الخطة الخمسية العاشرة التي تعتبر الخطة التنفيذية الأولى للرؤية المستقبلية (عمان 2040) والتي يعد محور التعليم والتعلم أحد المحاور الرئيسية فيها، كذلك فإن الجامعات والكليات تعتبر هي الممكن الرئيسي لجميع القطاعات الأخرى كونها تستوعب مخرجات التعليم العام في مختلف التخصصات المتعلقة بالعديد من القطاعات مثل قطاع الصناعة والسياحة والهندسة حيث يتم تأهيلهم على هذه التخصصات خلال سنوات الدراسة الجامعية ومن ثم رفد سوق العمل وبالتالي فإننا نطمح أن تكون قاطرة للنمو والتنويع الاقتصادي وكلما كان هناك تعدد في هذه التخصصات كما ساهم ذلك في التنويع الاقتصادي.
وتحدث البلوشي عن خيارات تمويل التعليم الموجودة في الدول الأخرى مثل القروض التعليمية (قرض الطالب) حيث أننا بحاجة إلى سن تشريعات لدينا بحيث يتم تسهيل هذا القرض لأولياء الأمور والطلبة بأنفسهم فدول كثيرة نجحت في إيجاد المعادلة التي بمقتضاها يسدد ولي الأمر جزءا من القرض ويسدد الطالب الجزء الأكبر بعد تخرجه وحصوله على عمل, فالقروض التعليمية حاليا جزءا من القروض الشخصية ونسبة الفائدة كبيرة ومحددة بسقف القروض الشخصية التي يغلب عليها الطابع الاستهلاكي.
وقال إن الغرفة تسعى مع بعض البنوك وهناك بعضهم في المراحل الأخيرة لتقديم هذا النوع من القروض ونتطلع للبنك المركزي وهيئة سوق المال لكي يتم تخصيص نوع مستقل للقروض التعليمية وكذلك نتطلع إلى شركات التأمين بالاشتراك مع البنوك لتقديم ما يسمى التأمين التعليمي أسوة بالتأمين الصحي.
من جانبه قال شفيق بن درويش العبري من المديرية العامة للجامعات والكليات إن مفهوم الطلبة الدوليين هم الذين يأتون بغرض التعليم ويختلف عن الطلبة المقيمين مع أولياء أمورهم .
وأضاف أن الرؤية المستقبلية (عمان 2040) وضعت التعليم والتعلم والبحث العلمي والقدرات الوطنية كأحد الأولويات الوطنية حيث أن هناك مؤشر qs للجامعات والذي يضم من بين عناصره نسبة الطلاب الدوليين في مؤسسات التعليم العالي وتستهدف رؤية التعليم 2040 أن يكون هناك 3 جامعات على الأقل ضمن تصنيف qs وهذا مسعى بدأنا فيه مع مؤسسات التعليم العالي الخاصة.
وقال إن وجود الطلبة الدوليين يرفع من تصنيف مؤسسات التعليم العالي كما أن ذلك يخلق مصادر تمويل متنوعة ومستدامة خاصة وأن التمويل الحالي يعتمد بشكل أساسي على البعثات الحكومية والتمويل المباشر وغير المباشر الذي تقدمه الحكومة ولذلك فإن مؤسسات التعليم العالي الخاصة مطالبة بأن تسعى في هذا الأمر لتنويع مصادر التمويل.
كما أن استقطاب الطالب الدولي يسهم في توفير المزيد من فرص العمل للكوادر الوطنية ودعم الاقتصاد الوطني كون الطالب الدولي يحتاج إلى كافة المعطيات المرتبطة بالحياة اليومية كالسكن والنقل والمطاعم وغيرها من الأمور .
ولفت أن أعداد الطلبة الدوليين حول العالم في العام 2015 كان 2.3 مليون طالب قبل أن يرتفع إلى 4.6 مليون طالب في عام 2017 ومن المتوقع وصول العدد إلى 6.9 مليون طالب في عام 2030.
وبالنسبة للسلطنة فإن نسبة الطلبة غير العمانيين في مؤسسات التعليم العالي 3% ومن الذين يقيمون مع أسرهم في السلطنة الأمر الذي يستدعي من مؤسسات التعليم العالي العمل على زيادة نسب الطلبة الدوليين.
وعن المكاسب التي يحققها التنافس على الطلبة الدوليين أولها مكاسب علمية حيث أن الطلاب يشاركون في البحث العلمي والابتكار ما يرفد المكتبة البحثية في عمان بالكثير من البحوث في المجالات المعرفية المختلفة.
كما أن التنافس على استقطاب الطلبة الدوليين يعزز العلاقات بين الدول في المجالات المعرفية والعلمية , وهناك مكاسب اجتماعية كالقدرة على نقل ثقافة المجتمع العماني إلى المجتمعات الأخرى بالاضافة إلى المكاسب الاقتصادية.
وعن عوامل اختيار الطالب الدولي للدولة التي يدرس فيها قال شفيق بن درويش العبري إن هناك عدة عوامل من ضمنها تصنيف الجامعات وأن يكون معترف بها من مؤسسات الاعتماد الأكاديمي.
وأضاف أن هناك عاملا آخر وهو التكلفة حيث أن البعض يتجه إلى المؤسسات ذات التكلفة المالية الأقل بالاضافة إلى عملية القبول وألا تكون معقدة حتى في ما يتعلق باستخراج التأشيرات بالاضافة إلى فرص العمل المتوفرة للطالب حيث أن بعض الطلبة يريد ان يعمل كي يتمكن العائد من المساهمة في المصاريف الدراسية، كما أن الطالب يذهب إلى دولة معينة بغرض تحسين قدراته في اللغة التي تتعامل بها الدولة التي يذهب إليها.
وعن التحديات التي تواجه استقطاب الطلبة الدوليين قال شفيق بن درويش العبري إن أبرز التحديات هي صعوبات القبول وإجراءات الالتحاق ومعادلة الشهادات حيث أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار دشنت في الفترة الماضية حملة ادرس في عمان وموقع الكتروني ليكون واجهة لاستقطاب الطلبة الدوليين وما نريده من مؤسسات التعليم العالي أن يكون هناك اهتمام بتسهيل الإجراءات عبر تطوير مواقعها الإلكترونية وتسهيل إجراءات القبول.
ومن ضمن التحديات صعوبة التكيف مع البيئة وبالتالي فإن مؤسسات التعليم العالي ينبغي أن يكون لديها اقسام تعين الطالب على التدرج في التأقلم مع البيئة.
كذلك فإن الخدمات اللوجستية كالاسكان والنقل حيث يجب على المؤسسات ان تهيئ الجوانب اللوجستية للطالب.
وأضاف أن هناك جوانب تسويقية حيث أن على المؤسسات أن تبذل جهدا أكبر في الاستثمار بمجال التسويق وأيضا إعادة النظر في الجوانب المالية خاصة في الرسوم حيث أن هناك ارتفاع في أسعار الدراسة مقارنة بدول أخرى.
وعن الفرص والإمكانيات قال إن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار تقدم الدعم وتعمل على تذليل أي تحديات تواجه مؤسسات التعليم العالي.
ومن ضمن الإمكانيات أيضا الموقع الجغرافي الذي تتميز به السلطنة والذي يجعلها على مقربة من الكثير من الدول التي يمكن لمؤسسات التعليم العالي استقطاب طلبة منها بالإضافة إلى المناخ السياسي الآمن والمستقر واخلاق العماني وسمعته الطيبة في المعاملة والمناخ الاقتصادي المحفز وانسيابية انتقال الأموال بين الدول والبنية الأساسية القوية المتمثلة في المطارات لحديثة وشبكة الطرق والمواني وأيضا الكوادر التعليمية ذات الكفاءة والمباني الحديثة.
أشار الدكتور عبود بن حمد الصوافي رئيس جامعة البريمي إلى أن التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم الخاصة تتضمن الحوكمة بما يشمل الحوكمة المؤسسية والأكاديمية والتي تعتبر من أكبر التحديات حيث يعتمد تحسين لأداء الجامعات والكليات الخاصة على حسن الحوكمة فكلما كانت المسؤوليات والصلاحيات واضحة أدى ذلك إلى الانسيابية في العمل بالاضافة إلى مواءمة القوانين الصادرة من مختلف الجهات لتصب في المصلحة العامة للتعليم بحيث يجب مراعاة خصوصية مؤسسات التعليم العالي عند وضع القوانين العامة.
كما أن استقطاب الطلبة الدوليين وأهمية تواجدهم لا ينعكس فقط على رفد الجامعات والكليات بمصدر دخل آخر غير البعثات وانما كمعزز أساسي للاستثمار في السلطنة وتعزيز دعم الوزارة لمؤسسات التعليم العالي الخاصة في السلطنة من خلال التسويق لها خارجيا ودوليا في المعارض والمؤتمرات.
وأضاف أن أحد التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم الخاصة هو استقطاب أكاديميين أكفاء لأن هناك تنافسا في الأجور بين الدول المجاورة والسلطنة يشكل عائقا لبعض المؤسسات كما أن المرافق والخدمات تشكل فارقا كبيرا وعامل جذب مهم
وعن تمويل البحث العلمي بشكل جيد قال الدكتور عبود بن حمد الصوافي إن البحث العلمي يجب أن يحظى بمصدر دخل غير مرتبط بتحصيل الدرسوم الدراسية ومؤسسات التعليم العالي في الدول المتقدمة تعتمد على مصدر مستقل للبحث العلمي عدا الرسوم الدراسية التي تحصل عليها وتنفق بشكل كبير في تغطية مصروفات مؤسسات التعليم لافتا إلى أهمية دعم الوزارة في هذا المجال وتفعيل دور الشركات والقطاعات الأخرى في المجتمع لدعم البحث العلمي وتمويله في الجامعات والكليات الخاصة ومن الممكن تفعيل نظام الوقف وتخصيصه للبحث العلمي.
كما قال إن الجامعات والكليات الخاصة تواجه صعوبة بالغة في استقطاب العمانيين في السلك الأكاديمي لبعض التخصصات لعدم توافر الكفاءات العمانية بدرجة الدكتوراه وعدم وجود الخبرة الكافية لتدريس تخصصات نادرة في السوق مثل التمريض والبصريات واللوجيستيات كما يشكل الراتب عائقا لقبول العمانيين لبعض العروض والفرص الوظيفية في مؤسسات التعليم العالي الخاصة.
كذلك تواجه مؤسسات التعليم العالي وخاصة التي تكون بعيدا عن المواقع الصناعية صعوبة بالغة في توفير الفرص التدريبية لطلابها، حيث يمثل هذا التحدي تهديدا لاستمرارية المؤسسات التعليمية وعلى استقطاب الطلبة وذلك لأن التدريب جزء لا يتجزأ من الخطط الدراسية.
ومن التحديات قال الصوافي إن مستوى اللغة الإنجليزية والإعداد الجيد للطلبة قبل التحاقهم بمؤسسات التعليم العالي مهم جدا، حيث أن معظم مؤسسات التعليم العالي في السلطنة تدرس باللغة الإنجليزية، ولوحظ أن كثير من الطلبة مستوى لغتهم الإنجليزية متدن ويجب أن يوضع برنامج لإعداد الطلبة بشكل جيد وتعزيز منهج اللغة الإنجليزية في المدارس.