بقلم : علي المطاعني
عندما يحتفل جناح سلطنة عمان بالعيد الوطني الحادي والخمسين المجيد في إكسبو 2020 دبي، فإن العالم يحتفل معنا بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا؛ لأن العالم يجتمع في إكسبو ليعرض أفضل ما يقدمه للآخرين ليطلعوا عليه، وبلادنا عندما تحتفل بعيدها الوطني فإنها تقدم أفضل ما تحقق فيها على مدار أكثر من 50 عاما من التطور والتقدم والازدهار لكي يتعرف العالم أكثر على التجربة العمانية الفريدة في كل جوانبها الحضارية والإنسانية والاقتصادية، فهي تجربة تقدم نموذجا يحتذى به في المزاوجة بين الأصالة و المعاصرة، وإظهار إرث هذا الوطن العريق كزاد معين في الانطلاقة إلى المستقبل بخطى واثقة، وبانسجام بين شرائح المجتمع وطوائفه المتباينة في الأيديولوجيات والعرقيات والتوجهات الفكرية، التي امتزجت تحت لواء الوطن وفي ظل دولة المؤسسات والقانون لإعادة بناء وطن له تاريخ موغل في القدم، وصاحب حضارة عريقة وإرث حضاري توالى على الحضارات الإنسانية؛ الأمر الذي يبعث على الاعتزاز لإقامة احتفالية جناح السلطنة في إكسبو دبي 2020، لتعظيم الاستفادة من هذه المشاركة بالشكل الذي يحقق التطلعات في إطلاع شعوب العالم على إرث هذا الوطن وتقدمه في هذا العالم، فهذه المناسبات والمشاركات تبلور دور الدول وإسهاماتها الحضارية والثقافية للعالم ودورها في المستقبل، ومهما كانت ستظل علامة فارقة تسلط الضوء على جانب مهم من إرثنا الحضاري.. فبلاشك أن احتفال جناح سلطنة عمان بالعيد الوطني 51 في إكسبو 2020 دبي، يكتسب أهمية كبيرة على العديد من الأصعدة والمستويات لعل من أهمها إعطاء بعد دولي للاحتفال بالعيد الوطني، فمن خلال برنامج الاحتفال تتجلى رغبة السلطنة في إظهار وجهها الحضاري لأكثر من 192 دولة ومنظمة إقليمية ودولية في حدث عالمي غاية في الأهمية، حيث اشتمل الاحتفال على عروض موسيقية متنوعة بين العسكرية والفلكلورية التي تعكس الطابع الثقافي للبلاد، بالإضافة إلى استقبال سفينة شباب عُمان الثانية في ميناء دبي مارينا، والصعود على متن السفينة لأخذ جولة تعريفية، كما شهد الاحتفال تقديم مجموعة من العروض الفنية والثقافية وعرض أزياء لمصممات عمانيات، بالإضافة إلى فيلم قصير عن السلطنة، ومعرض للوحات الفنية العُمانية، وعرض نماذج عن المنتجات العمانية المطورة لأجل ترويجها في الجناح العماني خلال فترة المعرض؛ والعائدة لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والأسر المنتجة، والمرأة الريفية، والحرفيين العمانيين.
إن المعرض في حد ذاته يعد فرصة كبيرة لنوضح للعالم أجمع ما تملكه السلطنة من مقومات وما تزخر به من نفائس؛ بطريقة إبداعية تهدف لإيصال الرسالة الأساسية؛ وهي أن الفرصة الحقيقية للاستثمار في السلطنة هي الإنسان، وذلك عبر تسليط الضوء على قدرات وأفكار وابتكارات الشباب العماني والدور الذي لعبته الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة في مختلف المشاريع التي يتم استعراضها في الجناح بشكل مباشر أو عبر المتجر الذي يتيح للزوار فرصة اقتناء منتجات عمانية مطورة؛ تمت صناعتها من قبل مؤسسات ومشاريع محلية، بالإضافة إلى استعراض موقع السلطنة الاستراتيجي، الذي يفتح الباب لمستقبل تنقل البشر والبضائع، وما تسعى البلاد لتحقيقه من مبادرات النقل البري والبحري والجوي، والذي يعتمد على بنية أساسية كبرى طموحة تحمل فرصة كبيرة لحركة نقل عالمية منطلقة من الأراضي العمانية.
ومن هذا المنطلق فإن الاحتفال وبرنامجه يواكب الهدف الذي تسعى إليه البلاد من وراء المشاركة في المعرض، حيث حرصت السلطنة على إقامة جناح مستلهم من دورة حياة اللبان، وتحديد أربعة محاور رئيسة لها، ويبيّن كل محور جزءًا من دورة حياة اللبان، وقصة الفرص المتاحة في السلطنة، وهي رمزية تتماشى مع ما تتميز به معارض إكسبو بالتطرق لمواضيع المعرض بطريقة إبداعية ومبتكرة، مع الحرص على إظهار المقومات الحضارية والثقافية التي تتميز بها في قالب مميز ذي خصوصية.
إننا نثمن هنا فكرة الاحتفال بالعيد الوطني 51 في إكسبو 2020 دبي، فهي فكرة تعطي الجناح العماني في المعرض زخما كبيرا يصب بالتأكيد في الأهداف المرجوة من المشاركة، كما أنها تضيف بعدا دوليا باحتفالاتنا بالعيد الوطني المجيد، الذي يحمل رسائل ملهمة هذا العام؛ نريد أن يشاركنا العالم أهدافها ونتائجها، فالنموذج العماني أثبت هذا العام تجدد نهضته.. بالطبع التعريف بالسلطنة وموروثاتها لا يمكن أن يختزل في الجناح أو المشاركة في إكسبو 2020 وغيرها، فكل هذه المناشط لا يمكن أن تستوعب الإرث العماني العريق الضارب في القدم ولا موروثاتها التقليدية المتنوعة وتاريخها الضارب في أعماق التاريخ، لكن من الأهمية في نفس الوقت إضاءة جوانب من هذا الإرث بين الحين والآخر؛ وفق المناسبات وأهميتها، وتسليط الضوء في كل مرة على جانب مهم يضيء للعالم رسالة عمان في الحضارة الإنسانية.. نأمل أن تحقق هذه المشاركات أهدافها لعكس صورة السلطنة بكافة جوانبها للعالم.