بقلم :محمد بن علي البلوشي
«أزمة ثقة» هذه تتداول في الخطابات والحوارات السياسية بين الفرقاء والخصوم أو الحلفاء بل والأصدقاء.بين حوار محلي داخلي حينما تتقاتل الأحزاب لتشكيل حكومة..أو حوار إقليمي بين قوى وجيران فنسمع عن أزمة ثقة.
إذا عدنا إلى داخل البلاد في الوقت الحالي ووظفنا هذه المفردة فالقول عنها كالتالي: أحيانا كثيرة تبدو لي أزمة ثقة من الرأي العام مع الحكومة لكنها مفتعلة.. تفتعلها بعض الأراء المحبطة والمتطرفة التي تبتغي ربما تحقيق مكاسب معنوية .وفي ظل كثرة الأصوات فالناس لاترضى عن الحكومات كما أقول دائما لكن هناك بعض التفاصيل التي تدعو إلى الثقة وإن عدنا إلى الإطار العام فالرضا مقبول..أكتب عن ذلك حينما أعود على ما قاله معالي وزير الإعلام بنص الكلمة »بالرغم مما يبدو من قسوة في بعض الخطابات في وسائل التواصل الاجتماعي أحيانًا إلا أن بين أحرف كل الكتابات دون استثناء نلمس روحًا وطنية متقدة وولاءً كبيرًا لهذا الوطن ولقيادته، ورغبة في التطوير والتحسين في الأداء، ومعالجة ما قد يطرأ من إشكالات» هذه عبارة تحمل كثيرا من التوازن كونه مسؤولا حكوميا..لكن ماقد يبدو رغبة في التطوير والتحسين قد يتحول عند الجماهير إلى مشروع انهزامي ..الجماهير تصدق كل شيء يصدر عن سلبي وبخاصة إن كانت الكلمات »نارية».
الحديث عن أماني الشباب وتطلعاتهم لايتوقف فهم الذين يكملون على مابناه من سبقهم في رحلة بناء الأوطان والبلدان..يذهب اسلافهم ويحلون مكانهم وتمضي القصة ولاتنتهي فيتحول الزمان عليهم ويدور بينهم ..هذه هي القصة..والكل يسعى لتحقيق ذاته وبناء «مجده» الشخصي الذي يتيحه القانون له.الترقي في العمل ..المنصب الوظيفي..والثراء المشروع وغيرها من الأماني والطموحات.
بدأت الأسبوع الفائت المجالس والحاضنات الشبابية لقاءات مفتوحة للأستماع إلى أراء الشباب وتطلعاتهم ..تطلعات الشباب لاتتوقف من طموحات العمل إلى الزواج إلى السيارة والمنزل في حيز زمني قصير جدا..هذا طموح مرتبط في الخليج بسبب سعة الرزق .وفي البلدان الأخرى العمل على رأس الطموحات..الكل يحاول أن يحصل على عمل ومورد رزق..وإن لم يتحقق ذلك فذلك يعني أن الحكومة ملامة..أزمة ثقة.
من السهولة بمكان أن يتصدى الكل رافعا راية طموحات الشباب وماذا يريدون..في الواقع معرفتها أمر محمود وجيد ..لاأحد لايعلم أراء الشباب وامورهم أكثر من شخص لديه أسرة وأبناء يرعاهم حتى يكبرون ويتمنى لهم الاحسن أكثر من الاخرين فهم أبناؤه..فيرسم لهم ماذا يريد ويريدون تحت مسمى التربية وماذا ينبغي عليهم أن يفعلوا.أن يهتموا بدراستهم وان يبتعدوا عن السلوكيات التي تؤدي إلى المشاكل واقتناص الفرص للتعلم وتنمية المهارات..والنوم مبكرا ومصاحبة الصالحين..ذلك كله ينطبق على الحكومة كذلك التي من مهمتها رعاية الشباب لكن ليس من مسؤوليتها أن ينام الشباب مبكرا.. مسؤوليتها تحسين نوعية التعليم بما ينعكس على فكرهم وتنمية مداركهم وعلومهم وكذلك توفير الحاضنات الإبداعية لتنمية مواهبهم..فالحكومة في الأنظمة السياسية القائمة كولي الأمر تدرك ماذا يريد أبناؤها.
إلا أن الامر الأكثر إلحاحا أن الكثيرين تركوا هذه الجوانب وبدأوا يريدون موضة «إصلاح الحكومة» الكل يتحدث تارة باسم الفقر والفقراء..وتارة بشعار الفساد والمحسوبية..وتارة باسم ضعف المسؤولية.. يذكرني ذلك ماتم تداوله عن تأخر صرف المساعدات الحكومية للمتضررين حيث صاحبها بعض التصرفات السيئة المشحونة بالطمع من الأب إلى الأبناء لتحقيق مكاسب ومنافع مالية من خزينة الحكومة إلى الجيب الخاص.. إن وصف «إصلاح الحكومة» التي بدأت تشق طريقها لتحقيق رؤية عمان لايعني أن تسرح وتمرح وفق أهواء وخيارات غير مبنية على منهج سليم.وقد اكد مولانا المعظم أن العنوان في الحاضر والمستقبل سيكون الكفاءة والمحاسبة والحوكمة.
الرجل البسيط يريد إصلاحا والفلاح بدلا من أن يلتفت إلى زراعته ومحاصيله يريد إصلاحا ليس زراعيا فقط بل رقابة على الحكومة..التذمر كذلك موجود وقد يكون واقعيا واحيانا غير واقعي ومع ذلك لابد ونحن نعيش مرحلة انتقالية جديدة أننا سنعتبر بعض الضجيج كما تقول الاحاديث يفقد السمع لكنه بعد فترة سيتم الإعتياد عليه فيصبح الضجيج هادئاً بعد أن يفقد الدهشة والبريق الأول.
وأقول:على الشباب الإلتفات إلى دراستهم إن كانوا على مقاعد الدراسة وتحصيل العلوم والتخطيط للمستقبل..المستقبل هو العيش بحياة سعيدة لتكون رحلة الحياة التي جاءت بهم على هذه الأرض سعيدة وممتعة.وعلى الموظف أو العامل الذي حصل على فرصة عمل أن يجتهد في عمله إن كان في الحكومة أو القطاع الخاص.وان ينمي مهاراته ومعارفه.فمهارات المستقبل كثيرة ويمكن له أن يؤمن مصدر رزق أخر خارج العمل فالقانون يتيح ذلك..قصة الشباب لاتنتهي وهناك من يقتنصها ليحقق ذاته..الباقي تعلمه الدولة.. تفاءلوا بالمستقبل واتركوا التذمر وبناء الهزيمة والوهن في عقولكم.