بقلم : محمد الرواس
«الرزق رزقان ، رزق القلوب ورزق الاجسام فالطالب لرزق القلوب مرزوق الاثنين وطالب رزق الاجسام يعيش كالبهيمة»
الشيخ سعد الدين تاج العارفين
إن تسليط الضوء على سير العلماء وحياتهم وآثارهم هي واحدة من أهم الأمور التي تؤدي الى دروب المعرفة والاستزادة من بحور العلم والثقافة ، ولقد جاءت الندوة التي أقيمت مساء الأربعاء الثالث من نوفمبر الجاري بعنوان من اعلامنا «الشيخ سعد الدين تاج العارفين» والقيت خلالها مجموعة من الاوراق البحثية لعدد من الباحثين من السلطنة ومن اليمن الشقيق تتحدث عن المنزلة العلمية والمرحلة التاريخية والاعمال الجليلة التي انتهجها الشيخ سعد الدين تاج العارفين -رحمه الله- وأكدت من خلال ما تم التطرق اليه لسيرة هذا العالم الجليل الذي عاش - بنهاية القرن السادس وبداية السابع الهجري- أن الثراء العلمي لأهل عُمان ثراء معين لا ينضب بل لم يستكشف بكامله بعد ومن خلال الندوة التي تابعتها عن بُعد شدني الدور الكبير الذي قام به العلامة الشيخ سعد الدين حين قام بتشييد رباط علم سمى برباط الشيخ سعد بمنطقة الرباط بظفار (ورباط العلم هو ما يراد به المنشأة التي تشمل المسجد والمدرسة ودور لسكن طلاب العلم والضيوف وعابري السبيل) ولقد كانت حياة الشيخ العلامة سعد الدين تاج العارفين الظفاري (المتوفي سنة 607هجرية عن عمر ناهز سبعين سنة) قد واكبت تطوراً كبيراً في الحياة الدينية والاجتماعية بظفار خلال الفترة التي عاشها وعاصرها - رحمه الله - ولقد ساعد ذلك في عطائه ونشاطه في كافة مناحي الحياة خاصة الدينية منها فلقد اتسمت الفترة التي عاشها باستقرار سياسي وانتعاش اقتصادي ووجود نشاط علمي سواء للعلماء أو لطلاب العلم ، ولقد تلقى الشيخ علمه على أيدي علماء اجلاء وتتلمذ على يديه العديد من العلماء الذين نشروا العلوم الدينية التي تلقوها منه وساهموا في نقلها ، ومن اشهر تلاميذه الشيخ محمد بن على باطحن ، ومن الكتب التي تم تأليفها عن الشيخ سعد « كتاب اريج الياسمين في ترجمة تاج العارفين».
ومن خلال متابعتي لسيرة هذا الشيخ الجليل شدني الحرص الشديد للعلامة الشيخ سعد الدين رحمه الله بذلك الاهتمام الكبير بتشييد رباط علم بكافة منافعه واركانه ، وتضرعه الى الله لبقاء هذا الرباط واستمراريته من بعده ، فقامت ذريته على نفس النهج وكان له ولله الحمد ما أراد فتوفرت الأوقاف التي ساندت استمرارية «رباط الشيخ سعد تاج العارفين» وواصل ابنه الشيخ أبوبكر ومن بعده حفيده محمد بن أبوبكر بن سعد الدين أداء رسالة جده العظيمة بجانب استمرارية الانفاق على الرباط ومنها وقف مجموعة من المزارع والبساتين لصالح هذا الذي يُعد أشهر رباط علم بمحيطه الإقليمي بالمنطقة.
جاءت الندوة من خلال سلسلة اعلامنا للنادي الثقافي الذي يقدم برامج معرفية تخدم هذا المجال المهم من خلال مجموعة ندوات التي تأتي استمراريتها بفوائد عظيمة يمكن من خلالها الاستزادة من التاريخ العلمي الغزير للسلطنة كما نأمل من المولى عزوجل استمراريتها لما لها من فوائد كثيرة لنشر الثقافة المعرفية للتاريخ العُماني ولرواد العلم الاجلاء من علماء وأساتذة بأنحاء السلطنة.