بقلم : محمد الرواس
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الإثنين فلما سأله الصحابة عن ذلك قال : « فيه ولدت وفيه انزل علىّ»(اخرجه مسلم)
عندما يُقبل علينا شهر ربيع الأول من كل عام هجري وتحل علينا ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام تفرح القلوب وتسعد بربيع الشهور وبخاصة حلول يوم الإثنين المبارك فيه فهو مسك الأيام حيث يحتفل الكون كله ابتهاجاً بالمناسبة العطرة أم المناسبات وأعظمها واطيب الساعات وأشرفها فبركاتها قد عمت ولاتزال أهل السموات والأرض بمولده عليه أفضل الصلاة والسلام ، فهو الرحمة المهداة والسراج المبين ونبي الثقلين ورسوله الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
مثل ما اختص الله شهر ربيع الأول بهذا الشرف الرفيع اختص سبحانه وتعالى يوم الإثنين بخصوصية مولد المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم في ساعة مباركة منه والتي ولد فيها سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام ، ولقد سنَّ لنا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ان نشكر المولى عزوجل على كل هبة وهبنا إياها ، فلا توجد هبة وعطية ومنحة أعظم من مولده -صلى الله عليه وسلم- التي يفترض ان نحتفل بها في كل وقت وحين على مر الأيام والشهور والسنين لنستحضره ونتأسى به فيكون لنا الأسوة الحسنة والسراج المنير، قال تعالى في محكم التنزيل :( ولكم في رسول الله أسوة حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) ولقد روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يصوم يوم الإثنين فلما سأله الصحابة عن ذلك قال « فيه ولدت وفيه انزل علىّ» فأصبحت هذه المناسبة والذكرى ذات خصوصية في قلوب المسلمين والمؤمنين قاطبة على مر العصور تتجلى فيها محبة أبدية ترسخت وتجذرت في قلوبهم فدأبوا لتوثيقها فاحتفل السلف وجمهور الأمة من علماء وفقهاء بأن كتبوا وبينوا بالأدلة الصحيحة استحباب تدوين وقراءة سيرته العطرة - عيه الصلاة والسلام - واقاموا مجالس السيرة بمقاصدها الحقيقية (لقد اخلط على بعض الناس ما بين ما يشاهدوه ببعض الاحتفالات الشعبية والتي اخذت مسمى «المولد») وبين ما يقام من سرد للسيرة النبوية ليلة الاثنين والخميس وهي مجالس تسرد فيها السيرة الشريفة المباركة في مشارق الأرض ومغاربها ، ومنها مجلس «المولد» الشريف، ومجلس قراءة «البردة الشريفة « التي يتم فيهما الاستماع لتفاصيل حياته ومناقبه واوصافه العظيمة، والاطلاع على الأحداث التي مر بها -عليه الصلاة والسلام- مشفوع كل ذلك بالآيات والاحاديث التي ذكرت منزلته ومكانته العظيمة عند مولاه عزوجل وشمائله التي هي أحسن الشمائل لتغرس في الحاضرين من خلال ما يتم ذكره بما اختصه الله به من بين بريته فيزاد توقيرنا له ويتعلم أولادنا سبل محبته وكثرة الصلاة عليه ويُغرس في قلوبهم جميل طباعه وأخلاقه وعظيم سجاياه ويعرفوا مقدار منزلته عند ربه وبين انبياءه .
اللهم اجعلنا من المكثرين من الصلاة عليه فقد ورد في الحديث الذي أخرجه الترمذي في سننه من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت». قال: قلت: الربع، قال: «ما شئت فإن زدت فهو خير لك»، قلت: النصف، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قال: قلت: فالثلثين، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: «إذا تُكْفَى همَّكَ، ويُغْفرُ لك ذنبك» ، أن خيري الدنيا والاخرة مرتبطان بكثرة مداومة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آلة وصحبه اجمعين.