بقلم : عيسى المسعوي
يوماً بعد يوم يثبت العمانيين أنهم نبض واحد وعلى يدا واحدة وأنهم مثل الجسد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، هذه الجملة التقديمية ليست مجاملة أو مبالغ فيها وإنما واقعية والتاريخ يشهد لنا بذلك فقد مرت على عماننا الحبيبة العديد من التحديات والمواقف والامتحانات والظروف الصعبة وفي مختلف المجالات وواجهنا العديد من الأحداث والتي بعض منها مؤلمة وصعبة وخرجنا منها منتصرين وأقوياء ونزداد يوماً بعد يوماً تماسكاً وحباً بعضنا لبعض ، فعمان الحبيبة تجمعنا على الخير وعلى التعاون وعلى الإخلاص والصدق في حب وطننا الغالي ، فمع كل حدث أو موقف أو امتحان نواجه نخرج بعدة لنبعث برسائل إلى العالم أننا كعمانيين لحمة وطنية وأننا نجتمع على كلمة واحدة وأننا نضحي بكل غالي وثمين لتبقى عمان السلام والأمان والجمال فنجحنا والحمدلله وبشهادة البعيد قبل القريب بأننا أمة واحدة في مواجهة التحديات ولعل أقرب مثال على هذا الكلام هو نهجنا وعملنا الرائع لتجاوز آثار الحالة المدارية الأخيرة « شاهين «، فقد عاشت عمان من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها خلال الأيام الفائتة فترات ولحظات عصيبة بدأت بالترقب والاستعداد للأنواء المناخية خاصة في محافظة مسقط ومحافظتي شمال وجنوب الباطنة والدعاء إلى الله سبحانة وتعالي بأن يحمي عمان وأهلها وجميع من يسكن فيها من تداعيات وآثار الأعصار لذلك لم يكن بغريب أن يوحد العمانيين دعائهم جميعاً بأن يحفظ الله جزء غالي منأجزاء وطننا الغالي فكان الجميع يتواصل مع أخوانه وزملائه في هذة المحافظات للإطمئنان عليهم وأيضا تقديم النصيحة والتوعية لهم في كيفية التعامل مع هذه الأنواء المناخية الاستثنائية ، فكانت النتيجة والحمدلله ملحمة وطنية تتجلى في العديد من المشاهد الإنسانية وفي أمور عديدة تؤكد أن عمان على يداً واحدة وقلب واحد وقدموا دروس ميدانية أولا في حب الوطن والتضحية من أجلها وثانياً اظهار حبهم الكبير وتعاونهم ووقوفهم بعضهم لبعض في مختلف الظروف والأحداث فهنياً لعمان وسلطانها المفدى بهذا الشعب العظيم وهنيئاً لنا كعمانيين هذه اللحمة الوطنية التي ترسخت منذ بداية النهضة العمانية المباركة وبنهج سامي لفقيد عمان الغالي السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - الذى كان له الدور الكبير بعد الله عزوجل في رعاية هذه النبتة الطيبة عند العمانيين وأن يبارك الله في أعمالنا وجهودنا وأن نستمر على هذا النهج وعلى هذه المحبة دائماً.
لقد مرت على بلادنا الحبيبة عمان خلال السنوات القليلة الماضية عدد من الأعاصير بدأ من « جونو « مروراً باعصار « فيت « ثم « مكونو « ومؤخراً « شاهين « كلها كانت أحداث وتحديات صعبة واجهها العمانيين بكل عزيمة واصرار وتعاون ومع كل حدث من هذه الأحداث تجدنا أقوى من السابق ولقد تجلى ذلك وبشكل أكبر في الحالة المدارية « شاهين « والتي تركزت أكثر على ولايتي الخابورة والسويق فكان التأثير كبير وواضح ولكن العمانيين وبافعالهم جعلوا هاتين الولايتين كعينين في رأس واحدة فهب الجميع يقدم الدعم من كل ولايات ومحافظات السلطنة وبهذه اللحمة الوطنية نجحنا في التقليل من الخسائر والتعاون لعودة الأمور إلى طبيعتها في أسرع وقت خاصة مع تكاتف وتعاون الجميع من مؤسسات حكومية وخاصة ومواطنيين وهيئات وجمعيات أهلية وفرق تطوعية كلهم كان لهم دور كبير في التقليل من هذه الخسائر والإسراع في العودة التدريجية للمشهد الاجتماعي والاقتصادي في هذه المناطق المتأثرة ، لقد بعث العمانيين في هذه الأوقات رسائل متعددة إلى العالم منها مايمثل دروس وعبر للجميع وأعتقد أن هذه الرسائل قد وصلت وتفاعل الجميع معها ليمثل العمانيين صورة مشرفة ومشرقة لما يجب عليه أن يكون كل فرد من أفراد المجتمع وقدوة ومثال يحتذى به في مثل هذه المواقف وهذا يجعلنا نفتخر ونعتز بما قدمناه خلال الفترة الفائتة.
لقد شهدنا خلال الأيام الفائتة أدوار متعددة ومنظومة اجتماعية متكاملة تمثل كافة مكونات المجتمع وخرجنا كالعادة من هذه الأحداث والظروف الاستثنائية بدروس وعبر تساعدنا في التعامل مع الأنواء المناخية المستقبلية لاقدر الله ولعل من بينها أننا علينا إدراك أن موقع السلطنة الجغرافي أصبح من المواقع المتوقع أن تشهد تغيرات في الأنواء المناخية بشكل مستمر وذلك للعديد من الأسباب لعل من أهمها التغير المناخي الذي يشهدة العالم لذلك علينا الاستعداد للمرحلة المقبلة من خلال الأهتمام والتاكيد على أهمية التخطيط السليم للمواقع السكانية والصناعية وعند التخطيط لاعداد وتنفيذ المخططات السكنية فهذا أمر في غاية الأهمية إضافة إلى اعداد دراسة وطرح المقترحات العملية التي تقلل من أخطار وتأثير جريان الأودية في كل ولايات السلطنة والاسراع في تنفيذها حتى لاتتكرر هذه الأخطار التي تسببها هذه الأودية المعروفة في السلطنة بقوتها وبالدمار الذي تخلفة بعد كل أنواء مناخية تشهدها البلاد سواء بالنسبة للجوانب البشرية أو المادية وكذلك على المؤسسات المعنية التي تمثل الحكومة في هذا الجانب أن تحتفظ بملف متكامل يتضمن كل التفاصيل المتعلقة بكيفية التعامل مع مثل هذه الأنواء المناخية ومعرفة الإجراءات والخطوات التي يجب أن تتخذ قبل وأثناء وبعد هذه الأنواء المناخية حتى نتفادى في المستقبل مختلف الظروف والأحداث التي قد تحدث فمن الأمور المهمة أن نستفيد من هذه الدروس لحماية أنفسنا وبلدنا من هذه المخاطر المتكررة حتى نعزز من دورنا الوطني والتأكيد على المشاركة في المحافظة على المكتسبات وعلى هذه اللحمة الوطنية التي تميزنا بين مختلف شعوب العالم ، سلم الله عمان وسلطانها وشعبها من كل مكروه إنه سميع مجيب .