شاهــــــين

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٥/أكتوبر/٢٠٢١ ٠٨:٤٢ ص
شاهــــــين
بقلم : محمد بن رامس الرواس
جاء من قلب المحيط الهندي الهائج إعصار شاهين محملاً بجبال من المطر تُقله السحاب الثقال وتصاحبه الرياح العاتية في الثالث من أكتوبر فجر يوم الاحد ودخل بأمطاره الرعدية الغزيرة فسالت على إثر ذلك الأودية، ولقد أفاد خبراء الأرصاد قبل مجيئه انه من الأعاصير التي يعمل لها الف حساب ومن الدرجات القصوى في التقييم لديهم حيث توقعوا سرعته ان تتجاوز 135 كيلومتراً في الساعة متجهاً الي شمال وجنوب الباطنة وعلى إثر ذلك اجتمعت اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة وهي المنظومة الوطنية للطوارئ وأطفئت الكهرباء ببعض المناطق تحسباً للحالة المدارية المقبلة وهب الجيش السلطاني العُماني والدفاع المدني والشرطة والفرق التطوعية استعداداً للزائر القادم فدخل شاهين بقوته الجبارة وبمخالبه الفتاكة الى شمال السلطنة وبالتحديد الى ولاياتها الساحلية مسقط والمصنعة والسويق والخابورة وغيرها من مدن الساحل ، وعندما اصبح شاهين باليابسة انخفضت درجة قوته وعنفوانه وتحول من إعصار الي عاصفة مدارية ، وقد كنا نراه ونتابعه من خلال شاشة التلفاز وكأنها نافذة من نوافذ منازلنا تطل على سير الاحداث ( هنا أحب أن اسجل رسالة تحية لجهاز تلفزيون سلطنة عُمان على التغطية المستمرة والوافية ) ومثلما كنت اراقب تطورات الحالة المدارية كان أهل السلطنة وبعض الاخوة الاشقاء من دول الخليج والدول العربية والعالم تتابع الاخبار وافئدتها تلهج بالدعاء ان ينجي عُمان وأهلها من كل مكروه ، وعند تلك اللحظة الحاسمة حين اكتسح الاعصار شواطئ السلطنة الشمالية وبدأ تدفق الامطار المصحوبة بالرياح الشديدة خيل لي انني أرى صقراً عملاقاً ينقض على بيوت الساحل ليغرقها ويعصف بأشجارها ومزارعها والممتلكات فارتاعت قلوب سكانها وهرعوا الي اسطح منازلهم ونحن معهم عبر الشاشات نشاركهم خوفهم وتوترهم حتى لطف المولى عزوجل فعبرت عين العاصفة متخطية المدن الساحلية الى الداخل وقد تقلصت قوة الاعصار واصبح أقل تأثيرا رغم استمرار جريان الاودية واستمرار تدفق السحب ونزول الامطار ، ولله الحمد من قُبل ومن بعد نحن اليوم باليوم الثالث وقد بدأت تتضح الخسائر الكارثية التي خلفها شاهين في الأرواح والممتلكات ماثلة للعيان تشهد على عاصفة مدارية تركت بعد ان عبرت آثاراً مأساوية.