’ما تحاولش تبقى حد غير نفسك’

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٠/سبتمبر/٢٠٢١ ٠٨:٥٠ ص
’ما تحاولش تبقى حد غير نفسك’

بقلم : خالد عرابي

سمة ظاهرة منتشرة هذه الأيام وهي أن كل الناس أصبحت "يوتيوبرز" و "فاشينستات" و"مؤثرين " و "مشاهير في وسائل التواصل الاجتماعي وحتى "شيفات" .. فما أن تفتح حساب من حسابات التواصل الاجتماعي إلا وتجد العشرات بل المئات من الاشعارات التي تصلك تبلغك بأن هناك العديد من الأشخاص الذين بثوا أخبارا أو مقاطع فيديو وكل يناشدك المشاهدة والمتابعة والتعليق أو إبداء الاعجاب أو المشاركة و لدرجة تصل إلى حد الاستجداء ..

الأغرب من كل هذا وذاك وأن كثير ممن دخلوا هذا المجال هم ليسوا من أهله ولا حتى مؤهلين له ، فهذا "رجال" شايب ويظهر لك وهو يعلن أو يروج لمطعم وتراه ينادي بعبارات لا تليق لا به ولا بسنه .. وهذا وهذه يبثون الكثير مما لا يليق بهم.

وأنا أتابع أمثال هؤلاء تذكرت كلمات أغنية عامية لطالما سمعتها كثيرا، ولكن لربما لم أكن أتأمل فيها ، أو حتى لم استمع لها من الاساس، تقول: "ما تحاولش تبقى حد غير نفسك ... دور عن نفسك تلقى نفسك ... " .. وهنا قد يستغرب البعض منكم ويقول ما كل هذا التناقض فقط في هاتين الفقرتين السابقتين ، تقول لطالما استمعت إليها ثم تعود وتقول فلربما لم استمع إليها أصلا ، وهنا أقول: "لا تناقض ولا حاجة"، بل منتهى الصدق فالواحد منا إذا استمع لشيء ولم يصغ أو ينصت إليه جيدا فكأنما لم يستمع إليه من الأساس..

وعودة إلى تلك الكلمات، فهي كلمات لأغنية كان يرددها الفنان أحمد مكي في عمله الدرامي الناجح الذي عرض لعدة أجزاء وعدة مرات وهو " الكبير"، وما لم يجعلني أركز في كلمات تلك الأغنية هو أنني ولكي أكون صريح جدا معكم ومع نفسي أنها كانت كلمات لأحمد مكي لفن ما يعرف بـ "الراب " وهو فن يمد فيه الفنان أصبعة يقول كلمات وجمل متراصة ولكن بشكل سريع وكأنه يقص قصة أو يحكي حكاية ، هو فن غربي الأصل، ولكن هنا ونظرا لأنني كنت متخذا منه موقفا لأنني حينما كنت أشاهده للغربيين فإن لغتي ومعرفتي بالإنجليزية لم تسعفني أن أدرك أهميته ولا معناه، والسبب الثاني أن من كانوا يؤدونه من الغربيين كانوا يرتدون لباس "خليع" وهنا يختلف مع لباسنا وعاداتنا وتقاليدنا ففكرته ووجدته شيء خارج تماما .

أما ما جعلني هذه المرة أصغ أو استمع إلى كلمات هذه الأغنية السابقة بالذات وأدرك ما بها من معاني ليس تطابقها مع الظاهرة التي تحدثت عنها في نطلع المقال فحسب، بل أيضا أنني بينما أجلس أمام التلفاز في إحدى المرات وجدت أن أبنى أدم الذي لم يتجاوز السابعة مشدودا إليها كثيرا وإلى تصويرها ومعجب بها جدا وهنا أردت أن أركز فيما يشاهد ، ولما هو مشدود إليها، وهنا كانت المفاجأة وما جعلني أكتب هذه المقالة وهي أن هذه الأغنية كم تحمل كلماتها من المعاني والقيم الجميلة والأصيلة والأشياء التي تعلمتها والتي لا تختلف مع أي معتقد سواء قيمي أو أخلاقي..

وهنا فقد أردت أن أشير إلى ما تعلمته من هذا الموقف وما يمكن أن يتعلمه كل واحد منا وببساطة وهو أولا: أن الإنسان حقيقة عدو ما يجهل، وأننا في كثير من الأحيان نحكم على الأشياء أحكام خاطئة وغير عادلة أو منصفة لأننا نجهلها.. ثم أننا حينما نكون أصحاب موقف أو ضد شيء معين فإننا من البداية نغلق أعيننا وأذاننا وحتى قلوبنا عنها وحتى وإن كنا نشاهدها أو نستمع إليه فعلا فهي مجرد شكليات فقط .

وهنا أتحدث عن بعض كلمات الأغنية والمعاني العالية بها لعل من لم يتأملها من قبل مثلي قد يتأملها ثانية ويستفيد منها، والأغنية طويلة وتحمل الكثير من المعاني والقيم والنصائح الحياتية التي يصعب علىَ أن أعددها وأذكرها في هذه المقالة ولكنني سأخذ بعض منها ، فبعض كلماتها تقول:

"متحاولش تبقى اى حد تانى غير نفسك

دور بنفسك جوا نفسك

متكسلش قوم قلب و دور هتلاقى ميزتك

صدقنى هـ هـ هتلافى ميزتك

دور بنفسك جوا نفسك

متحاولش تبقى حد تانى غير نفسك خليك واثق فى نفسك

قوم دور بنفسك جوا نفسك هتلاقى حاجة محدش فيها هينافسك

متحاولش تبقى اى حد تانى غير نفسك

دور بنفسك جوا نفسك متكسلش وقوم قلب ودور هتلاقى ميزتك

ميزتك فى صوتك أو فى رسمك

متستبعدش تبقى ميزتك حركة بيعملها جسمك أو فكرة fantastic فى مخك

ممكن تكون كمان مميز فى الطب والحساب أو ميزتك نفسك فى طبخك

ممكن ميزاتك تطلع فى لوحة أو كتاب ممكن تكون ميزتك لياقتك

ميزتك أنك قلب ميت تقدر تضرب كل الناس (بادى جارد)

أو تكون ميزتك سياستك" .

وهنا أجد أن كلمات الأغنية سهلة وبسيطة جدا وواضحة ولا تحتاج مني إلي شرح أو توضيح ولكن نتعلم منها أنه على كل واحد منا أن يفتش داخل نفسه عن نفسه وألا يحاول أن يكون نسخة من الآخر فكل واحد منا لديه ميزات وإمكانيات غير الآخر، وإن تلك الميزات تجعله لا ينافسه أحد فيها وقد تكون ميزته حركه يقوم بها أو فكرة أو مميز في حبه للعلمي أو الأدبي ، للأدب و الفلسفة و المنطق أو للطب و العلوم من فيزياء أو كيمياء أو أحياء وقد تكون ميزته حتى في هوايته وحبه للطبخ ولذا فكم وجدنا رجال نجحوا ووصلوا العالمية لأنهم يحبون الطبخ وهم طهاة مرموقين ولديهم أضخم وأشهر البرامج على أشهر المحطات التلفزيونية .. كما قد تكون لياقتك أو لباقتك أو حتى قلبك الجامد أو حتى جسمك هكذا إلى آخر كلمات الأغنية التي لا يخلو شطر منها إلا وبه حكمة أو موعظة و لكن خلاصة ما تعلمت أن كل واحد منا بداخله كنز من المميزات والمواهب، فقط عليه أن يبحث وينقب عنها عله يوما ما يكتشفها .