الأخبار السيئة:التسريح

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٢/سبتمبر/٢٠٢١ ٠٨:٤٢ ص
الأخبار السيئة:التسريح

بقلم: محمد بن علي البلوشي

لا أحد يود أن يسمع الأخبار السيئة كل صباح ..الأخبار السيئة لها وقع مدمر على النفس ..إنها تفسد يومك بأكمله وقد تفسد أيامك المقبلة..من الأخبار السيئة التي لاتتوقعها أن تصلك رسالة من عملك بإنهاء خدماتك وانت لاتملك موردا معاشيا إلا ذلك الدخل الذي تحصل عليه من العمل بالشركة..وإن كنت تعيل أسرة وأنفس فتلك مصيبة اخرى فتصبح حاملا لهمين بدلا من واحد.

أطاح كورونا والركود في العالم بالشركات والأعمال..فكل يوم نسمع عن إغلاق مصانع عالمية وإفلاس شركات بسبب الركود العالمي وبطء التعافي الاقتصادي وكذلك ماسببه كورونا من تدمير بنيوي على الاقتصاد..لقد أتعبت هذه الأخبار البشر وبخاصة أولئك الذين يعيشون على حافة الحياة مع موارد محددة..عمل واحد ومصدر دخل واحد فقط.. أصبحت الأخبار الجيدة نادرة كأنها أعياد فهي في مفاجآت وتحتاج مزيدا من الأمل والصبر.

حسنا.. ماذا عن اقتصادنا المحلي الصغير الذي يترنح كذلك بين كورونا وبين أمل أنتعاش مالي حكومي مورده أرتفاع أسعار النفط مما يعني أن الحكومة ستسعى لمزيد من المشاريع وسيدور المال في الداخل..هذه أخبار مفرحة جدا تبعث على التفاؤل..لكن أسعار النفط تلعب هي الأخرى بأعصابنا.

ولذلك فالأخبار السيئة تتوالى علينا فتخرج من جديدة في كل مرة أفعى التسريح لتلسع العمانيين العاملين في كثير من الشركات المحلية.. محنة لم نتخيلها فيما مضى فقد كان التسريح نادرا وتستطيع الشركات أن تحتوي أزماتها المالية حتى لاتلجأ إلى مشنقة تسريح العمال ..فهو خيار سيء على المسرحين وعلى الاقتصاد ..إلا أن إحساس الشركات بأنها قاومت حتى الرمق الأخير أن تبقي موظفيها لكن المال لايتدفق عليها وبدلا من الإغلاق والافلاس يصبح التسريح خيارا مؤلما لأنه يشتت عدد كبير من موظفيها وستحافظ بعدد قليل منهم حتى تستطيع أن تحرك دورتها الإنتاجية إلى أن تتعافى..هذه خيارات مؤلمة جدا لكن لابد منها للبقاء.

ككل شركة أو منشأة تأتي الأموال من الإنتاج ومن المبيعات فتقوم الشركات مع هذه الإيرادات والأرباح التي تدرها من الإنتاج ومن الأعمال التي تمارسها بصرف الرواتب والأجور..فماذا يعني تراجع الإيرادات المالية وأنهيار الأرباح أو تراجعها بحدة بحيث لاتغطي الإيرادات التكاليف والنفقات..هذا يعني أن يصبح التسريح أخر الكي. إذن ما الذي ينبغي أن تقوم به الحكومة للتعامل مع هذه القضايا المتزايدة يوميا فهي مسؤولة عن مواطنيها ومنهم المسرحون عن أعمالهم..بأن تقف معهم وأن لاتدعهم عرضة للشارع وجمعيات الخير..هناك صندوق الأمان ليساعد هؤلاء المسرحون لتجاوز محنتهم للبقاء على قيد الحياة وفي نفس الوقت تبحث الحكومة لهم عن فرص العمل المتوفرة في السوق ضمن خطتها الوطنية للتشغيل في القطاع الخاص.. هذا هو ماتتعامل به أي حكومة في هذه الأزمات الاقتصادية حينما يمرض الاقتصاد ويمرض معه القطاع الخاص..ومن غير الصائب كذلك لمن يسرحون من أعمالهم أن يتفرجوا ويظلوا يطالبون بنفس الأجور التي كانوا يحصلون عليها من الشركات التي تم تسريحهم منها إن وجدت لهم الجهات المعنية أعمالا جديدة ..فقواعد السوق هي التي تحدد ذلك بقاعدة العرض والطلب. أمسك الفرصة البديلة وأقبل بها إلى ان تظفر بالثانية كذلك ينبغي على الحكومة أن تعالج مسألة الإلتزامات المستحقة على هؤلاء المسرحين لدى المصارف فالحكومة اولا وأخيرا مسؤولة عن أبنائها ضمن العقد الاجتماعي الذي يستظلون به. قد يتهم الكثيرون بأن الشركات تتعمد تسريح العمانيين لتتخلص منهم. لا أعتقد أن ذلك سبب مقنع وإلا فالسؤال لماذا لم تتخلص منهم منذ سنوات مضت وهم من أمضى سنوات طويلة في العمل ويحصلون بإنتظام على أجورهم..السبب بسيط المال والإيرادات فما الذي تستطيع أي شركة أن تقوم به وهي تواجه أزمة خانقة تعصف بها..ليس في عمان فقط بل العالم كله..هنا فقط إجابة لمن يعتقد أن التسريح به سؤ نية على العمالة الوطنية وذلك قد يكون سليما حينما لاتتخلص هذه الشركات من العمالة غير المحلية لتخفض من النفقات ثم إن لم تحقق هدفها تتحول إلى المستوى الثاني وهم العمال المحليون.

هذه الأولى أما الثانية فالتشغيل والعمل هو عرض وطلب..تفخر الحكومات بأنها أستطاعت توفير ألالاف من فرص العمل..وفي الاقتصاد الرأسمالي أو الحر فإن فرص العمل والتشغيل في القطاع الخاص والأعمال الحرة وليس التوظيف في الحكومة..التوظيف الحكومي ليس إنجازا فهو لايولد المال..الإنجاز هو في توسع القطاع الخاص مما يوفر مزيدا من فرص العمل للمواطنين..حتى الآن لازلنا نعتبر أن الوظيفة حق..هذه كلمة منفرة والبديل لها فرصة عمل..وفرص العمل هي عرض وطلب..ومع ذلك فإن سوقنا يخضع حاليا لخطة الحكومة ومساعيها نحو الإحلال والتعمين..العمانيون المتوفرون في السوق والقادرون على العمل والإنتاج وسد الفراغ الذي قد يوجده غير العماني فذلك مطلب شعبي بينما الوظائف التي تحتاج خبرات ومهارات نادرة فمن حق الشركات التمسك بهم إن لم تجد بديلا محليا..ننتظر التعافي وإنجاز الحكومة في هذا الشأن..الأرقام ستتحدث.