بقلم:محمد محمود عثمان
تحديات كبيرة تواجه الاقتصادات العالمية في كل الأنشطة بدون استثناء إذا استطعنا القضاء على وباء كورونا كليا أو حتى جزئيا ، تحت وطأة عجلة الإفلاس التي تدور عجلتها على الجميع وخاصة القطاع الخاص «وإن كل إلا واردها « فقد خسر الاقتصاد العالمي نحو 10 تريليونات دولار في العام 2020 بعد تأثر حركة التجارة العالمية وتوقف بعض القطاعات، مثل قطاع السفر والسياحة الذي توقف تماماً، وكذلك قطاعات الطيران والفنادق والمطاعم ،فضلاً عن فقدان ملايين الوظائف، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير، وهو ما انعكس بدوره على انخفاض مستوى المعيشة وزيادة الفقر وجميعها تشكل تحديات اقتصادية واسعة سوف يعاني منها القطاع الخاص، حتى بعد التخلص من وباء كورونا.
فالتحديات جمة وتمثل معادلة صعبة ثلاثية الأضلاع وأهم أضلاعها الإغلاقات المتكررة وإغلاق المنافذ والحدود والانغلاق إلى الداخل والذي صاحبه عدم قدرة الناس على الاختلاط والذهاب لأعمالهم، ومن ثم اضطراب عمليات الإنتاج للسلع والخدمات، إلى أجل غير معلوم ، حتى إذا تم التعافي التدريجي من آثار الجائحة وتداعياتها الشديدة، مع عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً واستعادة النشاط في اقتصادات العالم المصاب بالشلل لأن التحديات تفرض نفسها على مسار الاقتصاد العالمي الذي يجب أن يسعى للخروج من حالة الانكماش الواسع لإحراز نمو ولو بصورة استثنائية قد يساعد في التخلص من بعض المخاوف من «الرياح المعاكسة» غير المتوقعة من تحور سلالات الفيروس سريعة الانتشار،في ظل عدم التعاون بين دول العالم في توفير اللقاحات للدول الفقيرة التي تنهار فيها منظومتها الصحية بشكل كبير، إلا أن ذلك سوف يؤدي إلى انعكاسات سلبية خطيرة على اقتصاديات الدول الغنية ذاتها بعد أن تتقلص صادراتها وتتأثر تجارتها الخارجية ،لذلك فإن المؤسسات الدولية تشير إلى حالة «عدم اليقين» حول توقعاتها للمؤشرات الاقتصادية العالمية، قي ظل التباين في سرعة التعافي بين الاقتصادات المتقدمة والنامية والاقتصاديات والأسواق الناشئة مع ارتفاع نسب التضخم والديون السيادية، بعد الحزم التحفيزية التي تقدمها الحكومات لمواجهة تبعات الكورونا. حتى أن البنك الدولي الذي قد توقع تسجيل الاقتصاد العالمي لنسبة نمو تصل إلى 5.6 % خلال العام الجاري 2021، أشار إلى تراجع الناتج العالمي خلال العام الجاري إلى أقل من 2 %على عكس توقعاته قبل الجائحة إلى جانب الزيادة الكبيرة في الديون العالمية التى تصل إلى 281 تريليون دولارخلال عام من كورونا
كان القطاع الخاص هو الأكثر تضررا في كل الأحوال لعدة عوامل أهمها أن الحكومات حملته أكثر من 90% من التبعات ،حيث فرضت عليه توقف كل الانشطة أو العمل بأقل من طاقته، ومع ذلك تحمل الزيادات في رسوم الخدمات وأجور العمال والإيجارات بل وفرضت عليه أنواعا جديدة من الضرائب، ولم تستطع أن تقدم له التعويضات المناسبة التي تمكنه من الصمود ،ثم تؤهله للعبور إلى التعافي ، لأنه بانتهاء الأزمة سوف يعاني من أزمة الإنفاق الاستثماري والذي يحتاج إلى قفزة ضخمة تعوض فترات القحط التني عانت منها الأسواق الاستثمارية والاستهلاكية لفترة قاربت العامين وشهدت ما لم يشهده العالم في أزمة الكساد الكبير في الثلاثينات وهذ يدعوا الجميع إلى التخلي عن الإجراءات السلبية التي ما زلنا نشهرها في وجه القطاع الخاص والتي تمثل حجرة عثرة أمام جذب وتوطين الاستثمارات وانتعاش الاقتصاديات ، خاصة تلك المتعلقة بتقليص أعداد الأيد العاملة الماهرة والمدربة في القطاع الخاص، التي تخسر بفقدها الشركات أعمدتها الفاعلة وعناصرها المؤثرة ، التي تسهم في تنفيذ وتطوير مشروعاتها الآنية والمستقبلية وأن تركز الحكومات جهودها على توفير السيولة لدعم ومساندة المشروعات التي توقفت أو تعثرت ، وعلى تأجيل مديونيات الشركات والأفراد والإعفاء من رسوم الخدمات والضرائب والجمارك في الخمس سنوات المقبلة ،لتجنب التأثيرات السلبية على الاستثمارات والحركة التجارية والصناعية المحلية والعالمية - التي سوف تتأثر في السنوات المقبلة- إلى جانب تقدبم الضمانات والالتزام بحماية الاستثمارات الأجنبية واحترام الاتفاقيات والتعهدات الدولية ، لتوجيه رسائل ثقة واطمئنان للداخل والخارج، والتركيز على الترويج الخارجي للاستثمارت بعيدا عن الأساليب التقليدية، تحسبا من تسونامي كورونا التي ستضرب الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب.