محمد محمود عثمان
هدد اعصار كورونا الاقتصاد العالمي وهز حتى عروش البنوك العريقة بقوة بعد أن اجتاح كافة مجالات الحياة ،لذلك تسعي بعض البنوك وشركات التأمين إلى الاندماج على النطاق المحلي، وأصبح لايمر يوم بدون أن نسمع عن موجة من اتفاقيات حول الاندماجات أو الاستحوازات الجديدة بين مصارف مختلفة كانت هرما قائما بذاته ، وأصبحت بعد انتشارالكورونا مهددة بالمخاطر ، ولا يمكنها أن تصمد أو أن تستمر في المنافسة ، لذلك تحاول أن تجد لنفسها موقعا لقدم في عالم الصرافة والبنوك وأسواق المال من خلال دورها في تقديم المبادرات الفعالة التي تهدف إلى حماية وتنشيط لاقتصاد وجذب الاستثمارات وتنشيط الأسواق حتى تتمكن من مواجهة تداعيات الأزمة
ومن هنا أصبح تشجيع عمليات الإندماج أمر شبه حتمي وضرورة لابد منها لإنقاذ المصارف والبنوك المتعثرة وغير القادرة على مواصلة تقديم خدماتها بالقوة والجودة المطلوبة حتى لا تمثل عبئا على الاقتصاد
باعتبارأن الاندماج خاصة بين المصارف العاملة في نفس النشاط أو الأنشطة المتكاملة أو المترابطة يحقق لها الاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير ،
وكذلك من الضروري مساندة البنوك حتى لا تتأثر بالجائحة وتعجز عن أن تؤدي رسالتها ،لأن تعثر البنوك أو إفلاسها والتأثيرات السلبية لذلك على القطاع المصرفي كارثة على الاقتصاد ، ولابد في البداية من تعديل أوضاع البنوك لتتمكن من تأدية دورها التنموي على وجه لائق وعلى البنوك المركزية أن تنوع في السياسات النقدية، وتستخدم أدوات غير تقليدية ،لتقديم الخدمات المستحدثة التي تواكب التحولات الاقتصادية واحتياجات العملاء والمستثمرين،وللتصدي لتداعيات هذه الأزمة وانعكاساتها على النشاط الاقتصادي والوظائف واستقرار الأسعار، ومن ذلك مساعدة البنوك أولا في تخفيض نسبة الاحتياطى القانونى لتسهيل زيادة حجم القروض المقدمة للقطاع الخاص الصناعى، والتجارى، والزراعى وتخفيض تكلفتها،وأيضا تخفيض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد على النمو و لكبح جماح التضخم ، ووضع آليات لتقديم التمويل المنخفض التكلفة لتسهيل الحصول على الآلات والمعدات التي تساعد على تطوير وتحديث الطاقات الإنتاجية الحالية،وخفض التكلفة الكلية للإنتاج ،وتقليل التكاليف على الشركات، ومن ثم تخفيف الأعباء على الحكومات
بالإضافة إلى زيادة القروض والتمويلات الميسرة من البنوك وشركات التمويل لتغطية احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما يسعادها على الاستمرارية فى دعم النمو الاقتصادى والمحافظة على الأيد العاملة و مستويات التوظيف الجديدة فى هذه المنشآت ،
كما للبنوك دور حيوي وأساسي في عمليات التحفيز الاقتصادي الذي يُسرع مراحل التعافي والخروج بأمان أو بأقل الخسائر من أزمة كورونا خاصة بعد أن تحررت البنوك من رسالتها التقليدية وأصبحت بنوكا شاملة ، ولديها استعدادات تقنية متطورة تقوم بكافــــــة الأعمال من تمويل وتجارة ومساهمة وإنشاءات وادارة واستشارات واستثمارات وكل الخدمات المستحدثة التي تواكب التحولات الاقتصادية واحتياجات العملاء والمستثمرين،لذلك في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة نتمنى وجود قيادات مصرفية على مستوى الحدث وتتمتع بخبرات وبقدرات إدارية ، قادرة على التعامل والتفاعل الإيجابي مع التكتلات الاقتصادية العملاقة والاستفادة منها ، بما يمكنها من الحفاظ أولا على وجودها في السوق المصرفية وثانيا تعزيز قدرتها على المنافسة، وتبني طرح المبادرات والمشروعات التنموية العملاقة ، التي تنقذ الاقتصاديات في مواجهة الركود والتباطؤ الذي خلفته جائحة كورونا وتوابعها والعمل على تنويع الاستثمارات التي تولد فرص العمل الحقيقية، من خلال وضع البنوك بما لديها من خبراء ومستشارين - بتوجيه وتنسيق وتنظيم من البنوك المركزية - خريطة الاستثمارات الشاملة في القطاعات الإنتاجية المختلفة استعدادا لمرحلة ما بعد الكورونا لنضمن فرصا استثمارية واعدة ومتعددة بشكل متكامل بدراسات جدوى حقيقية لتفادي المخاطر المتوقعة حتى على البنوك ذاتها ، على أن تطرح على القطاع الخاص المحلى والعالمى وفق خريطة خاصة للترويج للمشروعات ضمن منظومة واضحة لتفعيل آليات الجذب الاستثماري وتمويل المشاريع الصناعية العملاقة التي تعد المحور الأساسي في تنمية الاقتصاد الوطني لأن المشاريع الصناعية هي التي تولد فرص العمل الجديدة التي تستوعب الأعداد الأكبر من الأيد العاملة وتعمل على تخفيض معدلات البطالة والباحثين عن العمل، ومن ثم تنشيط سوق العمل وتشغيل رؤوس الأموال والاستفادة من الودائع والمدخرات ، في تنفيذ المشروعات الصناعية الجديدة وهذه من المهام الوطنية الأساسية للبنوك حتى يمكن النهوض بالاقتصاديات المتأثرة من تبعات جائحة كورونا وتحفيزها للتعافي الاقتصادي والخروج من الأزمة التي تؤرق دول العالم أجمع لسنوات طويلة قادمة .