خمس أساطير حول الملاذات الضريبية

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٦/أبريل/٢٠١٦ ٠٨:٢٥ ص
خمس أساطير حول الملاذات الضريبية

نيكولاس شاكسون

انتشرت الأخبار مؤخرا حول تسريبات لمعلومات مفصلة وسرية عن أكثر من 200 ألف شركة في أنحاء العالم ارتبطت بمكتب موساك فونسيكا للمحاماة في بنما، بعد أن وصلت تلك المستندات الى أيدي مجموعة دولية من المحققين الصحفيين من مصدر مجهول. وكشفت المستندات عن الحجم الهائل للفساد الذي يكتنف معاملات الملاذات الضريبية الخارجية بين النخب السياسية ورجال الأعمال في أنحاء العالم. بيد أن عددا من الأساطير ما تزال تتردد حول مزايا الملاذات الضريبية في الخارج، سواء بالنسبة للبلدان التي تسعى لإخفاء ثرواتها هناك أو بالنسبة لتلك الملاذات نفسها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
1- الملاذات الضريبية توفر الحماية للضعفاء ضد الحكومات المستبدة والقوانين الظالمة والاضطرابات السياسية. من بين مزايا الملاذات الضريبية كما يقول خبراء الاقتصاد مثل دانيال ميتشل زميل معهد كاتو أنها تساعد على حماية الجماعة التي تتعرض للظلم من قبل الأنظمة الجشعة والفاسدة، فقوانين الخصوصية المالية التي تحكم الملاذات الضريبية تجعلها جذابة بصورة خاصة للأشخاص الذين يعيشون في الدول التي تعاني حكوماتها مشاكل عدم الكفاءة والرشوة. والواقع أن الملاذات الضريبية توفر الحماية لأموال الأغنياء في الاساس وليس الضعفاء، وكشفت أوراق بنما أن الحسابات الخارجية مرتبطة بالعديد من الطغاة وأعضاء الأنظمة القمعية من جميع أنحاء العالم، بينما عدد قليل منها يرتبط بمواطنين عاديين. والملاذات الضريبية توفر طريقة للهروب من القوانين لا تتوفر إلا للأقلية الغنية التي تستطيع استخدامها، ومن ثم يجب أن نخرج من المعادلة القوى التي تضغط من أجل الإصلاح.

2- الملاذات الضريبية جيدة للدول التي تفرض ضرائب مرتفعة. وفقا لأستاذ الاقتصاد جيمس هاينز فالملاذات الضريبية توفر منافسة صحية للبلدان التي تفرض ضرائب مرتفعة، لحثها على تبني سياسات مالية أقل تقييدا، وبتقديم بدائل للقطاعات المالية التي تخضع لرقابة مشددة، غير أن نظم الملاذات الضريبية لها آثار مخيفة، فحركة رأس المال تفوق كثيرا حركة الأيدي العاملة، ولذا فعندما تحاول الدول منافسة تلك الملاذات تقدم تخفيضات لجذب راس المال ولكنها لا تخفض الضرائب على العمال. كما ان هروب رؤوس الأموال إلى تلك الملاذات يضر بالاستثمار وفرص العمل. والمؤكد أن تقويض القاعدة الضريبية خلسة من الخارج وصفة لا تؤدي الى تحقيق الازدهار.

3- باستثناء سويسرا فإن معظم الملاذات الضريبية ليست سوى جزر استوائية صغيرة. الواقع أنه من بين أكبر الملاذات الضريبية في العالم تاتي الولايات المتحدة، التي تستقطب مبالغ طائلة من الثروات الأجنبية في ظل شروط قوية من السرية، بما في ذلك ولايتا ديلاوير ونيفادا اللتان تسمحان بقيام شركات لا يتم تحديدها أصحابها وتوفر غطاء للنقد الأجنبي. أما بريطانيا فربما تكون أسوأ من ذلك، فهي تدير شبكة لبعض من أكبر الملاذات في العالم، من جزر كايمان الى برمودا الى جيرسي، وهذه الأماكن التي تمثل آخر بقايا الإمبراطورية البريطانية، مستقلة جزئيا، ولكن تشريعاتها يتم الموافقة عليها في لندن، وتتبع التاج الملكي في تعيين حكامها وفي الطوابع والأوراق النقدية.

4- بلدان الملاذ الضريبي غنية. الواقع أن أكثر الملاذات الضريبية في العالم هي بلدان مزدهرة ومستقرة بالفعل، وهذه الحقيقة فسرها البعض أنها تعني أن ثرواتها نتيجة للسياسات الضريبية، وفي الملاذات الصغيرة مثل برمودا وجزر كايمان، تنساب تدفقات التمويل الخارجي في معظمها للمغتربين الأجانب، ومن ثم فالأرقام الرئيسية للملاذات الضريبية مقابل ثروة السكان تبالغ بشكل كبير في تقدير المنافع للسكان المحليين، وفي الوقت نفسه، فإن وظائف الأجور المرتفعة في القطاع المالي تقوض القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل السياحة، باستقطاب المهارات والمواهب منها.

5- خفض الضرائب للشركات يساعد الدول في منافسة الملاذات الضريبية
ربما يبدو خفض الضرائب على الشركات لجذب الثروة مرة أخرى من الملاذات الضريبية أمرا معقولا، والواقع أن التخفيضات الضريبية في الداخل لا تقنع رؤساء الشركات بالتخفيف من التهرب الضريبي، وهناك دائما ملاذات أكثر ربحية في الخارج. ورغما عن خفض معدلات الضريبة على الشركات في الولايات المتحدة على مدى السنوات الـ40 الماضية، إلا أن التدفقات النقدية التي تحولها الشركات الى الخارج آخذة في الزيادة. كما ان التخفيضات الضريبية للشركات يجذب النوع الخطأ من الاستثمار، كالأنشطة مثل تحويل الأرباح التي لا ينتج عنها فوائد حقيقية للاقتصاد الأوسع، وقد أظهرت أبحاث مؤخرا من اللجنة المشتركة للكونجرس أن الخفض الضريبي من قبل الولايات المتحدة لا يجدي حتى في جذب تلك الاستثمارات. وربما يكون الحل ليس في خفض الضرائب ولكن في تشديد الإجراءات.

مؤلف كتاب "جزر الكنز: الكشف عن أضرار الأعمال المصرفية الخارجية والملاذات الضريبية"