القطاع الخاص .. وتحديات الإغلاقات

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٥/يوليو/٢٠٢١ ٠٩:١٠ ص
القطاع الخاص .. وتحديات الإغلاقات

بقلم : محمد محمود عثمان

تحديات كبيرة وصعبة تواجه القطاع الخاص فرضتها قيود الإغلاقات المتكررة والمتحورة لأزمة الكورونا التي ألقت بظلالها السلبية الكئيبة على الأنشطة الاقتصادية بكل القطاعات، التي تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تكثيف الجهود والعمل الدؤب حتى يمكن أن تقترب من سابق عهدها وحتى تكون قادرة على جذب الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل وهذا يتطلب في المقام الأول تحرير القطاع الخاص من كل ما يكبل حركته وإعفائه من كل الرسوم والضرائب وأي التزامات مالية سابقة أولاحقة حتى يمكن التعافي من تأثيرات الكورونا نهائيا بعد أن جفت تماماً - منذ سنوات - منابع التوظيف في الحكومة والمؤسسات العامة، وعجز القطاع الخاص الذي يعاني في الأساس من الضعف والهشاشة عن استيعابها، حتى من قبيل الأزمة الاقتصادية، لأنه غير قادرعلى ضخ الاستثمارات التي تصنع فرص عمل حقيقية وجديدة، لذلك نحتاج إلى مناقشات ودراسات جادة للتعرف على المشاكل والتحديات ميدانيا للوصول إلى الحلول القابلة للتطبيق التي يمكن أن تنقذ القطاع الخاص من هذه الكارثة، التي تحطم الاقتصديات التي تعاني من الديون وخدمتها ، وأصبح ليس مستغربا ،أن تعلن بعض الدول إفلاسها، إذا ظل التعامل مع الوباء بسيناريوهات الإغلاقات الكلية أو الجزئية التي تصيب الأنشطة الاقتصادية بالشلل التام. لذلك علينا أن نتخلص بسرعة من فكر وفلسفة الإغلاق، مع اتخاذ كافة الإجراءات والاحتياطات الاحترازية والوقائية للمحافظة عىلى صحة وسلامة المواطنين من خلال إعادة إعداد دراسات على أرض الواقع، تعتمد على التشاورالموسع مع ممثلي القطاع الخاص في المجالس البرلمانية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية وفي غرف التجارة والصناعة الممثل الشرعي للقطاع الخاص، التي يتم تجاهل رؤيتها في هذه الأمور التي لها تأثيرات سلبية على القطاع الاقتصادي على الأجلين القصير والبعيد، الأمر الذي يتطلب أن يكون لغرف التجارة والصناعة ولجانها المتخصصة الدورالأساسي في تقريروتأصيل كل ما يتعلق بالقطاع الخاص وشركاته الكبيرة قبل الصغيرة،حيث وجه الوباء العالمي بموجاته المتتالية ضربات موجعة في عمق الاقتصاد العالمي لم يشهدها العالم من قبل مما أدى إلى إلغاء ملايين الوظائف الدائمة، وتسريح ملايين الأيد العاملة وتضررأسرهم ، بعد تحويلهم إلى قوى معطلة مما يزيد من حالات الفقر والعوز، بعد أن كبد كورونا القطاع الخاص الخسائر الفادحة التي أربكت الدول الغنية وأنهكت الدول الفقيرة ، فيما لا يزال عدم اليقين يسيطر على التوقعات الاقتصادية العالمية حول زمن التعافي ولو جزئيا لتعوض بعض من الخسائر التي تكبّدها الاقتصاد العالمي نتيجة إجراءات الإغلاقات الكاملة المتكررة، بعد أن فشلت معظم دول العالم في التعايش السلمي مع الأزمة ، لأن ذلك يشكّل أكبر تحدٍّ اقتصادي واجتماعي ومالي يواجهه العالم منذ 100 سنة وهذا هو التحدي الأقوى أمام القطاع الخاص حتى ينجح في النجاة من حدوث تداعيات إنسانية كارثية لتفشي فيروس كورونا في الدول التي تعاني من ضعف في البنية الأساسية، وترزح أيضا تحت ضعف البنية التحتية الصحية، الأمر الذي يجعل على عاتق الحكومات مسؤولية إعادة الهيكلة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، التي سوف تغير في نسيج المجتمعات ونمط الحياة ، بالإضافة إلى ضروروة التركيزعلى آليات جديد لتحفيزوجذب رجال الأعمال الذين يمتلكون الرؤى والرؤية التي تساعد في تطوير وتنمية الاقتصاد،و اطلاق المبادرات الخلاقة للقطاع الخاص، التي تعينه على الاضطلاع بدوره المتنامي في دعم الاقتصاد، بالإضافة إلى طرح الرؤى لتسهيل وتبسيط الإجراءات وتخفيف الأعباء والضرائب والرسوم المبالغ فيها، التي تؤثرعلى الحركة التجارية والاقتصادية وتدفق الاستثمارات، بما يساعد على تنشيط القطاعات الاقتصادية والتجارية ، حتى يمكن إنقاذ الشركات والمؤسسات المتعثرة، أو التي في طريقها إلى التوقف أو الهجرة في صمت إلى الأسواق المجاورة، وما يصاحب ذلك من ركود وانكماش يؤثر على الإنتاج وأسواق العمل وحرمان القطاعات الزراعة والصناعة والسياحة من الخدمات المتميزة ، وكذلك عدم القدرة على تأسيس الشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهذه تأثيرات سلبية ظاهرة أما التأثيرات الفعلية الأكثر تأثيرا لا يمكن تقديرها أو توقعها بسهولة خاصة مع تدني وتذبذب أسعار النفط وتراجع الطلب العالمي وتاثر ميزانيات حتى الدول النفطية التي تحملت نفقات إضافةً لمواجهة انتشار كورونا وسلسلة الإغلاقات ،إلى جانب قيامها بتقليص الإتفاق العام إنتظارا لظهور أية بوادر إيجابية على نمو الاقتصادي بعد التعثر والانكماش الحاليين، حيث أن كل دول العالم تعاني من تراجع النمو وزيادة الانكماش الاقتصادي، ما تسبب بارتفاعات قياسية في مستويات الاقتراض والدين العام وتعذر عودة الحركة الطبيعية ولو تدريجاً إلى مفاصل الاقتصاد بشكل عام وحصول انتكاسات في القطاع الخاص تجعله يدور في فلك من السئ إلى الأسوأ لعدم القدرة على الإنفاق لإعادة إطلاق عجلة النمو من جديد.