تفهم واسع لدى المستهلكين للأسـعـار الجـديـدة للـوقـود

مؤشر الخميس ١٤/يناير/٢٠١٦ ٠٠:٠٠ ص
تفهم واسع لدى المستهلكين للأسـعـار الجـديـدة للـوقـود

العوابي - محمد بن هلال الخروصي
ضنك - سيف العزيزي

شكّل الإعلان عن التسعيرة الجديدة للوقود مادة دسمة في السلطنة، فتحدث المواطنون عن تعديل في خططهم وبرامجهم اليومية، من استهلاكهم للكماليات، إلى استخدامهم للسيارات وصولاً إلى تعديل نمط حياتهم اليومي. لذلك استطلعت «الشبيبة» آراء المواطنين لمعرفة تأثير تحرير الوقود في المجتمع.

فأعرب الكثير من قائدي المركبات عن تفهمهم لهذه الزيادة، وقال هارون بن ناصر العوفي إنه نظرا لانخفاض أسعار النفط و بالتالي الوقود في اﻷسواق العالمية فإن الزيادة في مصاريف الفرد على الوقود لن تزيد بشكل كبير، فمن كان يصرف 100 ريال شهرياً على تعبئة سيارته الخاصة سيضيف عليها نحو 25 ريالاً إضافياً فقط، لكنه أعرب عن تخوفه من «ارتفاع أسعار السلع والخدمات بحجة ارتفاع سعر الوقود، وهو أمر يقلقنا كمواطنين».

ويضيف العوفي: «إن قيمة الدعم بمختلف أنواعه لم يشكل سوى 4 بلايين ريال عماني في العام الفائت رغم ارتفاع سعر النفط في النصف اﻷول من 2015 وهو رقم صغير بالمقارنة مع حجم ميزانية 2015 التي تقارب الـ 17 بليون ريال عماني، علماً أن الدعم يشمل بعض السلع اﻷساسية والكهرباء وغيرها. ومن ناحية ثانية، يتابع العوفي، «ربما يتطلب منا هذا التغيير إعادة جدولة مشاويرنا أو استخدام النقل العام الذي يعاني هو اﻵخر من عدم التنظيم ونقص في الكفاءة وهنا نطالب الجهات المختصة بمراقبة أسعار الخدمات والسلع والسيطرة عليها بحيث لا تشكل عبئاً على مصاريف الفرد». ويقول العوفي إنه كمواطن يتفهم دواعي رفع الدعم «في ظل الحاجة لخلق منافسة حقيقية في السوق لدى القطاع الخاص خصوصاً وأن ذات السلع والخدمات تقدم بأسعار متقاربة في دول أخرى لا تقدم أي نوع من الدعم.

أسعار الوقود معقولة

وبدوره قال خميس بن حمود السعدي، «بأن الزيادة مناسبة وعلى الشخص أن يكيف نفسه مع هذه المتغيرات وهذا أمر متّبع في بعض الدول منذ فترة طويلة». وقال مكتوم بن راشد العبري إن أسعار الوقود معقولة جداً وتحدّ من تهريب الديزل» ويرى أنه من الضروري الحد من النفقات في القطاعات المتعددة». وأشار حارث بن سيف الخروصي إلى أن رفع أسعار الوقود لم يكن مفاجئاً، «فقد كانت مادة بحث في السابق إلى أن جاءت الأزمة المالية الحالية بسبب الانخفاض الكبير لأسعار النفط العالمية، وكما هو معلوم فان تصدير النفط يعد المصدر المالي الأهم للبلاد». ويشير الخروصي إلى أن السلطنة ليست الدولة الأولى التي ترفع سعر المحروقات فقد سبقها عدد من دول الخليج التي تضررت بسبب هذا التراجع الكبير في أسعار النفط العالمية وان كان مستوى ذلك الضرر يختلف بين دولة و أخرى. ويتابع بأن «الاعتماد على مصدر يكاد يكون وحيد للدخل يعد مخاطرة كبيرة، كما أن حسن الإدارة و التدبير واستغلال الفرص المتاحة يمثل جانبا كبيرا لتقليل تأثير هذا الانخفاض الكبير في أسعار النفط».

ويؤكد أن السلطنة تمتلك موقعاً وموارد طبيعية واستقراراً كبيراً في المنطقة العربية، مما يؤهلها لتكون ذات اقتصاد حقيقي، معتمد على الموارد المتجددة كالسياحة و الزراعة و إعادة التصدير والصناعة. ويأمل بأن تمر هذه الأزمة المالية على خير، لا سيما أن العالم مر بتجارب اقتصادية سابقة ابتداء من الكساد الكبير في القرن الفائت، مروراً بالأزمة المالية في آسيا عام 1998 والأزمة المالية العالمية في العام 2008. وهنالك بطبيعة الحال تغيرات في اقتصاديات الدول ومراكز الاقتصاد العالمي فاليوم الصين تتجه إليها الأنظار كسبب لهذا الركود الاقتصادي بعدما هوت مؤشرات البورصات فيها لمستوى غير معهود سابقا وتبخرت ترليونات الدولارات من أسواق الأسهم فيها، والصين تعد من أكبر مستهلكي النفط في العالم، حيث يصل استهلاكها اليومي إلى 12 مليون برميل تنتج منها 3 ملايين برميل، مما يحتم تقليل استيراد النفط الخاضع لعمليات العرض والطلب فضلا عن كونه سلعة إستراتيجية، وكذلك فإن الولايات المتحدة بدورها باتت تصدر النفط بدل استيراده مما ينعكس انخفاضاً في الأسعار».

خطوة في الطريق الصحيح

وقال حمد بن سيف البوسعيدي «إن خطوة رفع الدعم عن المشتقات النفطية هي خطوة مهمة جدا نحو الطريق الصحيح، ومن شأنها إنعاش الاقتصاد العماني المعتمد كليا على تصدير النفط الخام، وذلك لأن هذا الدعم يستنزف سنويا بما يعادل بليون ريال عماني أو أكثر، ولا يستفيد منه العماني فقط بل حتى الوافدين الذين يقدر تعدادهم بما نسبته 44 بالمائة من إجمالي سكان هذا البلد، ناهيك عن تهريب بعضه للدول المجاورة. وزيادة 40 بيسة للتر الواحد لا تعد كثيرة إذا ما قورنت بالأسواق المجاورة، وهذه الزيادة قد تدفع المواطن إلى جدولة مصروفاته اليومية بما يتعلق باستخدام السيارات». ويلاحظ البوسعيدي بأن سعر الديزل لم يرتفع إلا بما نسبته 10 في المائة فقط، مقترحاً «أن يرفع لأكثر من ذلك كون هذا النوع من المشتقات النفطية كثير الاستخدام وخاصة من المركبات الثقيلة، التي تستخدمها الشركات العاملة في السلطنة، وكذلك هذا النوع يتم تهريبه للدول المجاورة بكثرة».

التكيف مع الظروف

من جانبه قال محمد بن مرهون اليحيائي: من الطبيعي أن يحاول الإنسان التكيف مع مختلف الظروف التي تمر به سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية أم غيرها من الظروف الأخرى التي تؤثر حتما على سلوك الفرد وحياته من جميع الجوانب، وعلى الرغم من أن قرار تغيير أسعار الوقود بناء على السعر العالمي قد جاء مفاجئا إلا إني أخذت في الحسبان كيفية التعامل مع زيادة سعر الوقود وذلك من حيث زيادة المصروف الخاص بالوقود بالإضافة إلى اختصار المشاوير، وأعلن بانه سينسق الأصدقاء للذهاب إلى العمل بشكل جماعي بحيث تتم عملية النقل بطريقة دورية. وأضاف اليحيائي «أن وطأة زيادة الوقود تختلف بين فئات المجتمع فالعبء يزيد على فئة ذوي الدخل المحدود مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي لهذه الفئة لاسيما أن انخفاض النفط علميا لم يواكبه انخفاض في المواد الغذائية».

إعادة جدولة الميزانية الشخصية

أما سعيد بن محمد اليعقوبي فاعتبر أنه «دائما ما نخطط لحياتنا اليومية ولكن لم نكن متهيئين للتأثيرات التي قد تصاحب انخفاض أسعار النفط العالمي، حيث إن ارتفاع سعر الوقود سيسبب أزمة في الميزانية الحالية، لذلك لزم على كل شخص أن يعيد جدولة ميزانيته ومحاوله تقليص تحركاته بالسيارة للمشاوير الضرورية. وأضاف اليعقوبي: «لتخفيض مصاريف استهلاك الوقود سأقوم باستخدام سيارتي العادية للمشاوير اليومية البسيطة والذهاب للدوام، حيث إن صرفية وقودها أقل، وسأترك سيارة الدفع الرباعي للمشاوير العائلية الضرورية لأنها تستهلك وقود أكثر، وسأقوم بتقليل عدد مرات النزهات خارج الولاية وسأحولها إلى نزهات داخلية». ويقول حمد بن عبيد الربخي: «إن مما لا يخفى على الجميع أن أي ارتفاع في أسعار النفط ينتج عنه ارتفاع لأسعار أغلب الأشياء لا سيما السلع الاستهلاكية، وكذلك اذا ارتفع سعر الوقود المستخدم في المركبات ينتج عنه نفس الارتفاع في السلع وأحياناً يكون ارتفاع السلع من دون مبرر، فلذلك يجب علينا التعايش مع جميع الظروف فإذا تم رفع أسعار الوقود لابد لنا من إعادة جدولة ميزانياتنا وخططنا المالية، وتقديم الأولويات على الكماليات، وترتيب مهامنا وأعمالنا والتزاماتنا من الأهم إلى المهم، ويجب علينا التأقلم مع الوضع الحالي والاستغناء عن الأشياء التي ليس لها ضرورة، والتركيز على الضروريات الملحة والالتزامات المهمة».

الترشيد في استخدام السيارة

ويضيف الربخي: «بالنسبة لاستخدام السيارة قد لايفرق كثيرا خاصة اذا كان ارتفاع سعر الوقود بسيطا، ولكن يجب علينا الترشيد في استهلاك السيارة لاسيما في المشاوير غير الضرورية والتي يمكن الاستغناء عنها أما بالنسبة للذهاب الى العمل فإنه من الصعوبة بمكان الاستغناء عن السيارة لأسباب كثيرة منها بعد مكان العمل وعدم توفر بدائل مناسبة الأمر الذي ينطبق على الالتزامات العائلية الأخرى من توصيل أفراد العائلة وإرجاعهم وغيرها من المشاوير». أما بالنسبة للاحتياجات المنزلية يجب علينا التخطيط الجيد لتوفير الاحتياجات المنزلية، من خلال التسوق مرة واحدة في الشهر بدلاً من كثرة التردد إلى الأسواق مما يؤثر سلباً على الشخص والمجتمع، فيضطر الشخص الى تحريك سيارته واستهلاك الوقود وكذلك زيادة التلوث بسبب دخان عوادم السيارات، وكذلك زيادة الازدحام وغيرها من الآثار السلبية».

دقة وحذر

ويقول المدرب في التخطيط الاستراتيجي فائز بن إبراهيم المعمري: »في ظل الظروف الحالية ينبغي على كل فرد أن يحرص كل الحرص على تخطيط مصاريفه بدقة وحذر حتى لا يأتي يوم يتأزم فيه حاله ولا يجد ما يتصرف به من مال يغطي حاجته وعائلته، وهناك بعض الإرشادات المهمة للتعامل مع المرحلة القادمة، فيجب على رب الأسرة أن يقوم بتقسيم مصاريفه من بداية الشهر بحيث يوزع دخله على التزاماته المهمة سواء القروض أو الجمعيات أو إقساط ثم يقسم الباقي على بقية الشهر بحيث يراعي المقدار اليومي من المصروف، كما يجب عليه أن لا يشتري أشياء لا يحتاج لها مهما كانت المغريات او التنزيلات في المحلات،. وعلى الشخص أن يبدأ بالأوليات في حياته مثل الطعام والمصاريف المنزلية والعائلية وأن يقلل من الاشياء الترفيهية التي تحتاج مصاريف عالية، وأن لا يخرج للسوق الا لشراء اشياء محددة ولا يذهب للسوق بهدف النزهة حيث انه من المحتمل ان يشتري اشياء لا يحتاجها، ويجب على كل شخص أن يبحث عن دخل اخر سواء عمل يقوم به في منزله او عمل مؤقت في الفترة المسائية او افتتاح مشروع تجاري».

الخروج بأقل خسائر ممكنة

أما مدرب المهارات الحياتية محمد بن عبدالله الغافري يقول: «إن للتكيف مع هذه الأزمة والخروج منها بأقل خسائر ممكنة يجب على العائلات إعادة جدولة الميزانية وشراء الاحتياجات الضرورية فقط وبكميات مناسبة تتلاءم مع مساحات التخزين في المنزل، كي لا نشترى كميات أكبر من الحاجة وتتعرض للتلف، وانصح كذلك بالبحث عن عروض الأسعار الأوفر ومحاربة الغلاء غير المبرر، فلا نشترى من التجار الذين يرفعون الأسعار بشكل مبالغ فيه. ولمواجهة ارتفاع أسعار الوقود بشكل خاص، أنصح بإعادة النظر في المشاوير التي لا داعى لها، ونحاول قدر الإمكان دمج المشاوير كلها في مشوار واحد فقط، فنشترى جميع احتياجاتنا من مكان واحد تتوفر فيه كل طلباتنا، وكذلك نحدد يوم واحد للمشتريات الشهرية، بدلاً من الخروج يوميًا لشراء احتياجات بسيطة، فإذا كان لدينا أكثر من مشوار لمكان واحد كالنادي مثلاً نحاول أن نوحد مواعيد أطفالنا قدر الإمكان، أو ندمج مشاويرنا مع الجيران فمثلاً نتفق أن يصطحب أحدنا الأولاد كلهم للنادي، على أن يعيدهم الآخر منهم، بالتالي نوفر الكثير من الوقت والمجهود والمال أيضاً». وينصح الغافري بالتنبه إلى ضرورة النظر في خطة السير قبل الخروج من المنزل، فنرتب الأماكن التي نذهب إليها بحيث لا ندور في حلقة مفرغة ونضطر للعودة إلى أماكن كان من السهل المرور عليها سابقا.