لا تستعجلوا نتائج المشاركات الخارجية

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٦/أبريل/٢٠١٦ ٠٠:٥٠ ص
لا تستعجلوا نتائج المشاركات الخارجية

علي بن راشد المطاعني

يستعجل البعض نتائج المعارض وزيارات الوفود الاقتصادية والتجارية التي تنظمها الجهات المختصة للدول الشقيقة والصديقة، فهذه الفعاليات ليست ذات أثر مباشر، أو مسابقات يحصل فيها المشارك على نتيجة فورية، وإنما هذه المشاركات تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين حتى تطبخ في دهاليز العمل الاقتصادي والتجاري سواء لدى المستثمرين في الدول الشقيقة والصديقة ، أو المستثمرين في السلطنة، فالاستثمار والشراكات الاقتصادية تحتاج لها إلى العديد من الأمور حتى نجني نتائجها ونحصل على مكاسبها بل يحتاج إلى زيارات أخرى واتصالات متتالية لكي يتعرف الشريك الأجنبي على العماني والعكس أيضا، ويتبادلان المعلومات والبيانات، ويتعرفان على مناخ الاستثمار والإشكاليات وإجراءات الاستيراد والتصدير وغيرها من الجوانب.
فمن الطبيعي جدا أن تأخذ الجهود المبذولة وقتا كبيرا وعملا مضاعفا على كل المستويات لكي تنضج وفق ما نرغب فيه، إلا أن بداية الغيث دائما قطرة وبدايات الاستثمار زيارات وتعرّف وشراكة وحسن نوايا وطيب ملطف، في المقابل إذا لم تحصل هذه الزيارات أو تلك اللقاءات فكيف سيأتي المستثمرلبلادنا، أو يعقد اتفاقيات ويوقع مذكرات تفاهم مع نظيره العماني؟، فلا يجب نستعجل ولا نصدر أحكاما جزافا، فالأعمال الاقتصادية ليست بتلك البساطة التي يتصورها البعض أو السهولة التي يراها البعض الآخر، وإنما هي عبارة عن جهود مستمرة وتكيّثف العمل في كل مجالات الاستثمار و تعزيز العلاقات ،فمن الاهمية ان نمنح الفرصة للجهات المختصة ونفسح لها المجال أن تعمل وتجني النتائج في الأوقات المناسبة.
‏فبلا شك إن زيارات الوفود من القطاعين العام والخاص للدول الشقيقة والصديقة وتنظيم زيارات والترويج للمناخ الاستثماري في السلطنة والتعريف بالمناخ وإزالة بعض الشكوك والضبابية، ذات أهمية كبيرة في المراحل القادمة، تتزامن مع الجهود التي تبذلها الحكومة لتنويع مصادر الدخل وجلب الاستثمار الأجنبي والتعريف بالمقومات والإمكانيات المتوفرة في البلاد، وهذه اللقاءات هي الوسيلة المثلى لتعزيز هذه الجوانب إذا رغبنا في تنويع مصادر الدخل في البلاد، وتقليل الاعتماد على النفط، وغيرها مما نطالب به، فلا تستقيم الأمور بين الدعوات لهذه المطالب وبين استعجال نتائج الزيارات أو التشكيك في جدواها، في حين أن هذه الجوانب لا تأتي على طبق من ذهب وبالسرعة التي نتوقعها، وإنما تحتاج إلى تكيّف اللقاءات والعمل وإقناع المستثمرين من دول العالم في ظل هذا السباق وجذبهم وتهيئة كل السبل لهم من الاخرين، وهو ما يجب أن نقوم به بدون تردد او طلب الاثر المباشر .
فالزيارات إلى دول العالم، واللقاءات مع رجال الأعمال والتجارب الاقتصادية أكسبت العديد من التجار والاقتصاديين العمانيين آفاقا واسعة نحو تطوير مؤسساتهم والاستفادة من التجارب الخارجية في كيفية إدارة العمل وتطويره، ودون الاطلاع على التقدم الذي أحرزه الآخرون لا يمكن أن نسهم في تطوير مؤسساتنا، بل تكسب هذه الزيارات رجالات الأعمال الثقة في المناقشة والتعاطي مع الغير في مجالات الشراكة والعمل فيما لم يكن متاحا سابقا لهم، هذه فرصة مناسبة لسبر أغوار العمل الاقتصادي.
ومن مكاسب هذه الزيارات واللقاءات أنها تجمع فئات متعددة من رجالات الأعمال أصحاب الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة ولأول مرة في غرفة تجارة وصناعة عمان يتكون هذا النسيج المتناغم بين رجالات الاعمال في السلطنة ، مما يتيح المزيد من التعارف والاحتكاك والتفاعل المشترك والاستفادة المتبادلة من الخبرات رجال الاعمال ، بل إن فتح المجال للجميع للمشاركة يعطي مؤشرا إيجابيا أن بيت التجار للجميع ويمكن الاستفادة من إمكانياته والتسهيلات التي يتيحها، وحتى يكفّ اللغط أن الغرفة للكبار فقط كما هو رائجا في الشارع .
إن الحراك الخارجي في هذه المرحلة التي نشهدها يعد تطورا إيجابيا، لا يجب التقليل منه أو التسرع في الحكم عليه أو الاستعجال في طلب النتائج، فنتائج هذه الفعاليات طبعا تأخذ وقتا طويلا في الانتهاء من كافة الأمور الإجرائية والمفاوضات تتطلب جهدا حتى تتبلور الى استثمارات أو شراكات عمل اقتصادية، وهو ما يجب أن نعيه دائما ونقدره لا أن ننال منه.
بالطبع ليس كل المشاركين يستفيدون من المشاركات الخارجية، وهذا طبيعي في أي عمل أو مشاركة يجب ان ندركها ، وكذلك غرفة تجارة وصناعة عمان تهيئ الأمور لرجال الأعمال للاستفادة من الفرص وتتيح المجال للكل أن يعمل على بناء علاقات، لكن ليس دورها أن توقع اتفاقيات أو أن تحصل على نتائج مباشرة، أو أن تقيم زياراتها والقيمة المضافة لها في حينها، بل الصعوبة أن تقيم أي مشاركة بشكل مباشر رغم أن المؤشرات عديدة تعكس مدى الجدية في الحشود التجارية واللقاءات بين رجالات الأعمال ما يسمى (بي تو بي) وزيارات المصانع وغيرها، كلها تؤشر على نجاح هذه المشاركة أو تلك، إلا أن الأثر الأكبر يتأتى في مراحل قادمة من خلال تكرار هذه المشاركات في بلورة صورة إيجابية عن المناخ الاستثماري والتعرف على المقومات والإمكانيات المتوفرة.
نأمل أن يعي الجميع ماهية هذه المشاركات وأهميتها ودورها في جذب الاستثمار وتعزيز هذه الجهود وعدم إصدار أحكام مسبقة دون وعي لمدلولات المشاركات الخارجية والأثر الإيجابي لها.