المعارض الخارجية :الوصول الى الأسواق

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٥/أبريل/٢٠١٦ ٠٨:٤٥ ص
المعارض الخارجية :الوصول الى الأسواق

أ.د. حسني نصر

يؤكد نجاح النسخة الخامسة من معرض المنتجات العمانية (أوبكس) التي احتضنتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، خلال هذا الشهر، أن سلطنة عمان تسير في الاتجاه الصحيح على صعيد الإصرار على تنويع مصادر الدخل القومي وتوفير كل فرص الانتشار والازدهار للمنتج العماني من جانب والشركات الصناعية من جانب أخر. قبل أديس أبابا كان للنسخ الأربعة السابقة من معرض أوبكس دور بارز في دخول المنتج العماني بقوة إلى عدد من الأسواق الخليجية في المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة. وفي أديس أبابا تمكن المنتج العماني من فرض نفسه في واحد من أهم الأسواق الأفريقية الناشئة والواعدة في نفس الوقت، وبعد أديس أبابا سوف يصل هذا المنتج إلي أسواق أفريقية أخرى خاصة في منطقة القرن الإفريقي التي تعد إثيوبيا البوابة التجارية الرئيسية لها.
لقد أحسنت اللجنة المنظمة للمعرض والتي تضم الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات (إثراء)، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، والمُؤسسة العامة للمناطق الصناعية، صنعا عندما قررت الخروج بالنسخة الخامسة من منطقة الخليج العربي وتنظيمه للمرة الأولى في القارة الأفريقية التي تمثل سوقا واسعة مترامية الأطراف تقف على أعتاب نهضة اقتصادية جذبت إليها الدول الكبرى. ومن إفريقيا اختارت اللجنة إحدى بواباتها الرئيسية، وهي جمهورية أثيوبيا الفيدرالية التي تمثل ثاني أكبر دولة في أفريقيا، حيث يتجاوز عد سكانها 90 مليون نسمة، كما أنها حققت نمواً اقتصادياً كبيرا خلال السنوات السابقة تجاوز في بعض السنوات حاجز العشرة بالمائة، ومن أثيوبيا تم اختيار عاصمتها وأكبر مدنها أديس أبابا.
والواقع أن معالم النجاح في اوبكس أديس أبابا كثيرة واهمها التوقيع على عقود ووكالات تجارية من شأنها أن تصل بالمنتج العماني إلى أسواق دولة ضخمة وكثيفة السكان في أفريقيا مثل إثيوبيا، بالإضافة إلى رفع حجم المبادلات التجارية والاستثمارية بين البلدين خلال المرحلة القادمة.
إن نجاح معارض المنتجات العمانية في الخارج لا يقتصر على الدخول إلى أسواق جديدة وتنمية أنشطة الشركات وزيادة التبادل التجاري بما يعود على الاقتصاد الوطني بالنفع الكبير، ولكنه أيضا يشمل الترويج للسلطنة وتعزيز صورتها الإيجابية في العالم من خلال التواجد في الأسواق الخارجية بسلع ومنتجات منافسة وجيدة. ومن هنا فان استمرار اوبكس وتنقله سنويا بين عواصم عالمية مختلفة يجب أن يستمر باعتباره إحدى النوافذ المهمة التي يطل منها العالم على السلطنة، وتطل منه السلطنة أيضا على العالم.
من الضروري هنا أن نعطي لكل ذي حق حقه فلولا تضافر الجهود بين الهيئات الحكومية والشعبية المنظمة للمعرض ما تحقق هذا الإنجاز الكبير. في هذا الاطار يجب أن نثمن الدور الكبير الذى تقوم به وزارة التجارة والصناعة والاهتمام الذي يوليه معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة وحرصه الشديد على المشاركة بنفسه في المعرض، وهو ما عزز نجاح المعرض خاصة وان وجود معاليه في افتتاح المعرض واستقبال فخامة الرئيس الأثيوبي مولاتو تيشومي له، وكذلك لقاءاته ومباحثاته مع الوزراء المعنيين في الجانب الإثيوبي قد أتاح بحث أوجه التعاون المشترك في مختلف المجالات الصناعية والتجارية والاستثمارية بين السلطنة وبين جمهورية إثيوبيا بين البلدين في العديد من المجالات. وكانت كلمته في افتتاح المعرض بمثابة خارطة طريق للمنتجين العمانيين، إذ أكد تطلع السلطنة لتطوير علاقاتها الاقتصادية مع إثيوبيا، عبر زيادة تصدير المنتجات العمانية خاصة المواد الغذائية والصناعات البلاستيكية والبتروكيماويات التي من المتوقع أن تحظى باهتمام كبير في السوق الإثيوبي والإفريقي بوجه عام، خاصة وان السوق الأثيوبي يتمتع بانه سوق استهلاكي واسع ومنفتح على العديد من الأسواق العالمية وتحديدا الأسواق الإفريقية، كما أنه قادر على استيعاب المنتجات العمانية بفعل النمو الكبير الذي يشهده في السنوات الأخيرة.
لقد بذلت اللجنة المنظمة جهودا كبيرة في سبيل إخراج اوبكس أديس أبابا في صورة جيدة. ورغم إدراكنا بثقل المهمة وعبء المسؤولية التي تقوم بها من اجل الترويج للمنتجات العمانية في الخارج فإننا نأمل في ظل نجاح المعارض الخارجية أن تخرج اللجنة المنظمة من إطار الأحادية إلى الثنائية، أي أن يكون لدينا معرضين خارجيين في العام الواحد وليس معرضا واحدا طالما أن هذه المعارض تحقق أهدافها دون أن تمثل عبئا على ميزانية الدولة.
من المؤكد أن نجاح معرض أديس أبابا من شأنه أن يفتح الباب واسعا للخروج في الدورات القادمة إلي أفاق عالمية أرحب للترويج للمنتج العماني في الأسواق الأوربية والأمريكية والأسيوية الكبيرة. وهنا من الضروري أن تستثمر المؤسسات القائمة على المعارض الخارجية وكذلك الشركات العمانية المشاركة فيها النجاح السياسي الدولي الكبير الذي حققته السلطنة في العديد من الملفات العالمية العالقة، وكذلك الصورة الذهنية الإيجابية التي ترسخت على مدار سنوات عن السلطنة ودورها في تحقيق السلم العالمي. فالمعارض الدولية لا تروج للسلع والخدمات والمنتجات فقط، وإنما تروج في المقام الأول للدولة وثقافتها ومنجزاتها السياسية والاجتماعية، وهو ما يصب في جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية، وتعزيز مكانتها الدولية على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية.
المأمول في ظل هذا النجاح أن تستمر هذه المعارض في المستقبل، وان نتوسع فيها قدر الإمكان، خاصة وإننا نبحث عن مصادر جديدة ومتنوعة للدخل تعوض ما فقده مورد النفط. فلكي تصل إلى الأسواق العالمية لا بد أن تعرض منتجاتك على الأخرين. وليس هناك أفضل من مثل هذه المعارض لتحقيق هذا الهدف.

اكاديمي في جامعة السلطان قابوس