اهتمام جلالته يحتاج لترجمة حكومية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢١/يونيو/٢٠٢١ ١٥:٣٠ م
اهتمام جلالته يحتاج لترجمة حكومية

علي بن راشد المطاعني

الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه - بملف الباحثين عن عمل في البلاد، يتجسد على الأرض يوما بعد الآخر بتوجيهاته السامية على كل الأصعدة والمستويات، وعبر رعايته الشخصية لهذا الملف، ذلك يفرض علينا جميعا جهات حكومية ومسؤولين التعاطي بالإيجابية الكبيرة مع هذه التوجيهات ليس فقط بتنفيذ ما تتضمنه من توظيف وتشغيل أعلن عنها خلال الفترة الفائتة فقط، وإنما بالبحث عن بدائل للإحلال وتفريخ فرص عمل في الجهات الحكومية بوضع الكثير من الضوابط التي تسهم في إستيعاب الباحثين عن عمل في الشركات العاملة لدى هذه الجهات أو المتعاونة معها أو المستفيدة من خدماتها، لتتكامل الجهود الحكومية مجتمعة مع وزارة العمل المعنية بهذا الشأن، وإضفاء قيمة مضافة لأي جهة حكومية أو قياس مؤشر أدائها وبما يسهم به في توفير فرص عمل لابناءنا وبنياتنا، وكجزء من مسؤولياتها ووفق اختصاصاتها، عندها فقط سوف نطمئن لحقيقة أن هذا الملف في طريقه للحل المستدام والجذري وبمنأى عن الحلول المؤقتة التي لا يبدو أنها ناجعة من واقع تجاربنا السابقة.

بلاشك أن الإهتمام الذي يوليه جلالته لتوفير فرص عمل للباحثين عنه كان حاضرا أبدا في كل مناسبة أو إجتماع لمجلس الوزراء الموقر، ولعل توجيهاته المستمرة للحكومة دليل ناصع على ذلك، وهو ما يجب أن يؤخذ من الإعتبار في المرحلة القادمة بحول الله وبشكل عملي، فتصريحات المسؤولين والتعهدات الشفوية ليست كافية، فهي أقرب لذر الرماد في العيون ليس إلا، ونتيجة لأن الأمر (كان) كذلك واجهنا واقعا صعبا يجب تفاديه في كل يوم بعمل ممنهج لإستيعاب الشباب العُماني في كل المواقع التي تتوفر لها عمالة وطنية وتأهليها لأداء العمل بكفاءة عالية.

فاليوم يجب على كل وزارة أو هيئة أو مركز حكومي أن يعلن عما في جعبته من خطط لتوفير فرص عمل للشباب أو من خلال إجراءات ترغم الشركات المتقاولة على الإستعانة بالكوادر الوطنية، وأن يقتصر التعامل مع مهام تخليص الخدمات إلا على الشباب العُماني، فهناك الكثير مما يجب عمله بأجهزة الدولة لرفد الجهود التي تبذلها وزارة العمل في هذا الصدد، وتسهم في توفير المزيد من الفرص في الفترة القادمة بدون أي إخلال بمجالات وكفاءة العمل.

فاليوم المناقصات الحكومية والمشتريات وغيرها في كل أجهزة الدولة يفترض أنها متابعتها في الجهات الحكومية منوطة بالمواطنين فقط، وهذا التوجه سيوفر الألاف من فرص العمل للشباب.

وكذلك أجهزة البلديات على إختلافها يمكن منع مراجعتها لإنهاء إجراءات الإباحات والتسجيل والموافقات، إلا من خلال المواطنين، وبالتالي سوف توفر فرص عمل للكثير من الباحثين عنه.

وعلى ذات النسق يمكن لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني تطبيق منع العمالة غير المواطنة من ممارسة الوساطة العقارية وتفعيل ذلك عبر حملات تفتيش بالتعاون مع الإدعاء العام وشرطة عُمان السلطانية لضبط المخالفين، هكذا إجراء سيوفر آلاف من فرص العمل محسوبة للعمالة الوافدة بسبب عدم تطبيق القرارات الحكومية للأسف.

أما وزارة الصحة فعليها وضع خطة عمل واضحة لإحلال الكوادر الصحية المساندة في مجالات التضميد والصيدلة وغيرها في المؤسسات الصحية الحكومية والخاصة بالتعاون مع وزارة العمل في ظل توافر مخرجات كافية من الباحثين عن عمل في هذه المجالات.

وعلى وزارة التربية والتعليم فعل الشيء نفسه في مجالات التدريس والمهن التربوية في المدارس الحكومية والخاصة بالتعاون مع وزارة العمل.

وكذلك في القطاعات الهندسية لكل الجهات الحكومية العاملة في البلاد إذ تترتب عليها مسؤوليات إزاء حتمية إحلال الكوادر الهندسية بالتعاون مع وزارة العمل، وغيرها من الجهات الحكومية التي عليها أن تضطلع بمسؤولياتها في الفترة القادمة لتتكامل الجهود في الإتجاه الصحيح.

ومن واقع التجربة فإن الحقيقة المثلى تشير إلى أن كل أجهزة الدولة وإن لم تتسق جهودها وتتوحد لإدارة هذا الملف كل في مجال إختصاصة، فإن وزارة العمل لن تفلح لوحدها في حمل هذا الوزن الثقيل، فالإخفاقات السابقة في هذا المجال مردها لعدم تعاون الأجهزة الحكومية فيما بينها، ووزارة العمل على علم بذلك حتما.

بالطبع الجهود ما برحت تبذل من قبل الجهات الحكومية عبر إشتراط تطبيق نسب التعمين عند إسناد المناقصات والأعمال وبعض الإشتراطات، لكنها غير كافية وتعوزها الفاعلية.

نأمل أن تأخذ الجهات الحكومية مبدأ التكامل في الإحلال على محمل الجد في الفترة القادمة من خلال خطوات عملية واضحة ومؤشرات ومبادرات تضيف قيمة مضافة عالية لإحلال أبناء الوطن، فهذا هو الهدف الأسمى للتنمية في البلاد الذي قامت عليه عمد وأركان النهضة المباركة منذ 50 عاما خلت، وهو هدف لايجب أن نحيد عنه أبدا، بل يجب أن يضاف مؤشر توفير فرص العمل والتشغيل لتقييم آداء الجهات الحكومية ولوضع الجميع أمام المسؤولية الوطنية والأخلاقية بدلا من التنظير الهوائي الذي لم ولن يخدم المجتمع ولا الوطن.