ودائمًا تبقى عمان فوق الجميع

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٣١/مايو/٢٠٢١ ٠٨:٣٠ ص
ودائمًا تبقى عمان فوق الجميع

بقلم:خالد عرابي

كان وما زال من المشاهد الجميلة التي رسمت في ذهني ومخيلتي و ربما لن تفارقها أبدا ما حييت أنه عند وقوع حادث ما و رغم ما يتعرض له أحد طرفي الحادث - والذي يكون حتما بسبب خطأ من أحد الطرفين- من خسائر مادية أو إصابات جسدية أو غيرها إلا أن الصورة الأبرز دائما أننا نرى أن كلاهما يخرج للاطئنان على الأخر ويكون السؤال الأهم والدائم: "كيف الحال يا طيب" .. "سلامات .. سلامات " أو " أنت بخير .. طمنا عليك" فالأصل و الأساس هو الاطمئنان على كلاهما الآخر وبعدها في النهاية تماما يكون الحديث عن من الذي أحطأ وما هو سبب الحادث .. وهذه هي الصورة البراقة الجميلة التي تعلمها كثير من المقيمين على أرض السلطنة الطيبة ، و ذلك بعكس ثقافة بلدان أخرى كثيرة من حول العالم ، فما أن يقع حادث إلا وتجد أن من تضررت مركبته (سيارته) بسبب خطأ من شخص آخر قد خرج من سيارته وكان أول تصرف منه لكمة في وجهه أو على أقل تقدير التلاسن والسباب أو غيرها.

تذكرت واستحضرت مخيلتي هذه الصورة خلال الأيام الماضية ، فرغم الأحداث التي مرت بها بعض ولايات السلطنة خلال الأسبوع الفائت ، وما شهدناه من تجمعات لبعض الشباب للمطالبة ببعض الوظائف أو مطالب بعض المسرحين من أعمالهم، إلا أن الأحداث تثبت وعلى الدوام أن عمان غير ، و أن عمان تظل رمز للأمن والأمان والتسامح والسلام .

فالتجمعات التي وقعت في ولايتي صحار وصلالة أيا كان سببها أو وضعها ، إلا أننا لاحظنا كيف أن أبرز ما طغى عليها يكشف الطبيعة العمانية البسيطة السمحاء التي بنيت على البساطة والهدوء والسكينة ، فحتى و إن كان لدى العماني مطلب أو حاجة فإنه لا يطالب بها بشكل مندفع أو ردة فعل عنيفة وإنما يكون بكل هدوء وسكينة و بصوت خفيض يخلو من التشاحن أو التلاسن وكأنه فيه نوع من الحياء بل فيه نوع من الأدب الجم .

أي نعم أن هناك بضع أشخاص حاولوا أن يثيروا الفتنة داخل تلك التجمعات - وكأنهم استكثروا هذه الصورة الحضارية الجميلة والوقفة السلمية على أبناء السلطنة - وذلك من خلال محاولة إثارة الشغب أو التهجم على بعض الممتلكات والأشخاص ولكن وجدنا في المقابل كيف اعترض عليهم الشباب العماني و كيف تصدى لهم ومنعهم من ذلك وسمعنا جميعا في مقاطع الفيديو التي انتشرت عبارات وجمل مثل: " لا .. لا " " لا ما يصير هذا .. عيب يا شباب " ولاحظنا أيضا لغة الأدب والتأدب التي تحلت بها الحوارات سواء بين بعض من شاركوا في هذه التجمعات مع بعض المسئولين ، أو حتى مع بعض أفراد الشرطة ، و كذلك في المقابل كيف تحلى المسؤول بالصبر والأناة في الاستماع لهؤلاء الشباب .

بالطبع كل هذا وذاك ما جاء صدفة وليس وليد اليوم أو أمس ، و ليس وليد يوم و ليلة و إنما هي نتيجة ومحصلة بناء وغرس غرس جذوره المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد المعظم - طيب الله ثراه- وسار على نهجه وخطاه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- فأصبحت هذه ثقافة لدى الشعب العماني وهي غلبة لغة العقل و التأدب و الهدوء و السكينة ، وعلينا أيضا أن نتذكر أن عمان بلد حضارة وتاريخ وتمتلك من العمق التاريخي والحضاري الكثير ، فربما هي الدولة الخليجية الوحيدة التي شكلت إمبراطورية بحق أمتدت أثارها حتى وصلت إلى الهند والصين في شمال شرق أسيا وحتى زنجبار وتنزانيا في الجنوب الأفريقي .

فهذه هي الروح و الشخصية العمانية ، ولذا لاحظنا كيف أشاد بها الجميع فرغم محاولة البعض الاساءة إلى السلطنة وشعبها من خلال تلك الأحداث ، إلا أن ذلك - ولله الحمد والمنة – لم ينجح أبدا فقد رأينا بأم أعيننا كيف أن كل من كتب ومن سجل أو تحدث في مقاطع فيديو كان أول ما يتحدث عنه هو طيبة ودماثة خلق و حسن تصرف الشعب العماني وكيف أن عمان قيادة و شعبا و حكومة تتحلى باخلاق حميدة و سلوك رفيع وأن جل ما يسود بين الناس أو حتى بين الشعب و القيادة و الحكومة هو الحب والود و الاحترام و التقدير المتبادل ، و كذلك كيف يجل الشعب حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم ويرى بل و يؤمن أنه القائد و الحاكم و الأب و الرمز الذي ينال كل الاحترام و التقدير والاجلال، بل وينطلي هذا الأمر برمته حتى على الأسرة الحاكمة برمتها، حيث يقدر الشعب دماثة خلقها واحترامها وأنها تقدم الخير والنفع للشعب العماني أجمع دون تجاوز أو تزيد أو مزايدة .

وهنا نستطيع أن نقول أي نعم وقعت بعض الأحداث وخرجت بعض التجمعات ولكن في المقابل كان هناك تفهم وأنها مطالبات مشروعة ، و لكن و رغم كل ذلك أثبتت أن صوت العقل في عمان يعلو فوق كل شيء ، و تظل عمان الوطن وجلالة السلطان فوق الجميع و فوق كل اعتبار ولذا -ولله الحمد و المنة- خرجنا من هذه الإشكالية بسلم وسلام وأمان .. حفظ الله عمان وجلالة السلطان والشعب العماني من كل سوء ومكروه ، وجنبنا جميعا الفتن ما ظهر منها و ما بطن.