مسقط - الشبيبة
خرج مشروع بحثي بعنوان الاستجابات الاقتصادية للدول لجائحة كورونا من خلال السياسات النقدية والمالية تم تمويله من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ضمن البرنامج البحثي الاستراتيجي لمواجهة جائحة كوفيد19 بنتائج بحثية متميزة عن كيفية وضع السياسات النقدية والمالية لضمان توافر الائتمان في النظام المصرفي والمالي لدعم قطاع الأعمال بشكل عام والأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص المتأثرة على المدى القصير في أوقات الأزمات والجوائح.
وأجرى الفريق البحثي المكون من الباحثان الدكتور أحمد بن خميس الهادي، أستاذ مساعد بكلية الدراسات المصرفية والمالية، و الدكتور المختار بن سيف العبري، أستاذ مشارك و عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس، دراسة بحثية تدور حول الاستجابات الاقتصادية للدول لجائحة كورونا من خلال السياسات النقدية والمالية، بهدف التحقق من الرابط بين طرق التدخل المالي والنقدي في ظل جائحة كورونا، ومدى استخدام الائتمان التجاري للشركات في النصف الأول من عام2020، وجاء السبب الرئيسي للدراسة البحثية نتيجة تفشي مرض كورونا حول العالم، ومحاولة لفهم كيف استجابت الدول اقتصاديا من خلال سياساتها النقدية والمالية لوضع حلول اقتصادية سريعة تقلل من الآثار السلبية على المجتمع أولا، وعلى الاقتصاد ثانيا، إلى جانب سعي الدراسة إلى فهم وتحديد الاستجابات ذات الكفاءة العالية في تقليل الآثار.
وحول المراحل التي مرت بها الدراسة، قام الفريق البحثي في الدراسة في البداية بعمل محاولة لفهم استجابة البنوك المركزية ووزارات المالية والاقتصاد حول العالم للجائحة ومن ضمنها السلطنة ودول الخليج والدول النفطية، حيث ان الأزمة أثرت على الدول النفطية من حيث انخفاض أسعار النفط، وتفشي الفيروس والاصابة به بين سكان هذه الدول، ثم القيام مبدئيا بتحليل هذه المعطيات وبشكل دقيق بحيث عمد الفريق البحثي إلى الحصول على أوقات الاستجابات وفتراتها وأطوالها، وذلك بهدف الحصول على دراسة مثرية، علما ان البيانات الرئيسية أتت من منشورات البنوك المركزية ووزارات المالية والقوائم المالية للشركات المدرجة في أسواق المال، ثم بدأ الاطلاع على الدراسات السابقة في هذا المجال، وكيف تدارست هذه الدراسات هذا الموضوع من عدة جوانب، رغم قلة الدراسات في هذا المجال نظرا لأن تأثير السياسات المختلفة التي اتخذتها الحكومات على مستوى الشركات لم يتم التطرق إليه بعد اثناء إجراء الدراسة، وقد تمكن الفريق البحثي من تجميع نسبة كبيرة من البيانات، والاطلاع على الأدبيات ونتائجها الدراسية المختلفة، ثم القيام بالاختبارات التجريبية لقياس تأثير السياسات المالية والنقدية، التي اتخذتها الدول لتقليل آثار الجائحة على الائتمان التجاري للشركات، وخرجت الدراسة بتوصيات للأزمات القادمة، وكيفية استمرارية الاستجابات بالشكل الصحيح في ظل ظروف الأزمات والجوائح.
وأضحت الدراسة أن الائتمان التجاري يلعب من خلال سلاسل التوريد والمستحقات القابلة للسداد والالتزامات الواجبة السداد المرتبطة بها، دورا حيويا في تعزيز التجارة الدولية، فعلى الرغم من أن الائتمان التجاري يمكن أن يخفف من تأثير أزمة الائتمان المصرفي أثناء الركود الاقتصادي، إلا أنه يمكن أن يستمر هذا التأثير لفترة قصيرة فقط، وبعد ذلك، سيفقد الموردون قدرتهم على إمداد المستوردين بالائتمان التجاري، وبالتالي، سيقف تمديد الائتمان التجاري، وعليه يمكن أن تصبح سلاسل الائتمانية التجارية قناة يتم من خلالها نشر إفلاس الشركات في الاقتصاد، لذلك اتخذت جميع البلدان، بما فيها سلطنة عمان، العديد من التدابير اللازمة لتقليل آثار جائحة كورونا على اقتصاداتهم، واشتملت هذه التدابير تخفيضات أسعار الفائدة، والتدابير النقدية غير التقليدية (على سبيل المثال، ضمانات البنك المركزي، ومتطلبات الاحتياط، وتخفيف متطلبات الإقراض، وعمليات العملات الأجنبية، وما إلى ذلك) بالإضافة إلى التدابير المالية مثل تأجير الضرائب وإلغاء الرسوم المختلفة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتوزيع مبالغ مالية على المتعطلين عن العمل.
واشتملت العينة التجريبية على عدد (14،623) بيانات ربع سنوية على مستوى الشركة تمثل 56 دولة ، مع تثبيت تأثير الوقت، والبلد، والصناعة، والشركة. وقد تم اختيار العينة بعناية لتشمل بلدان وضعت تدخلات سياساتية مماثلة خلال كل من الربعين الأولين لعام 2020م. وقد وجد الباحثان أن تيسير السياسات النقدية ترتبط بمستويات أقل من الائتمان التجاري، أي أن الائتمان التجاري يقل في فترات الائتمان المصرفي الأقل تقييدا، وهذه النتائج لها تضمينات سياساتية هامة على الحكومات في محاولتها لمساعدة الأعمال التجارية المقيدة ماليا للنجاة من تأثيرات الجائحة، مؤكدا أن السلطنة من الدول التي انتهجت إجراءات حكيمة في هذا الصدد، من حيث شراء السندات، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتأجيل سداد قروض شركات ريادة الأعمال، والمحافظة على استقرار سعر صرف الريال العماني، وكذلك الاستمرار في الانفاق الاقتصادي على المشاريع التنموية المختلفة.
وساهم هذا البحث في الأدبيات المتعلقة بسلوك سياسة الائتمان التجاري للشركات أثناء الأزمات الاقتصادية من خلال تقديم أدلة مبكرة على تأثير الوباء على العلاقات بين العملاء والموردين على مستوى الشركة، حيث وفر-على وجه الخصوص- تحليلات دقيقة باستخدام البيانات المدرجة على مستوى الشركة لقياس مدى تأثير السياسات النقدية والسياسات النقدية غير التقليدية والسياسات المالية على الدين التجاري للشركات، موسعا من فهم كيفية وضع السياسات النقدية والمالية لضمان توافر الائتمان في النظام المصرفي والمالي لدعم الأسر والأعمال التجارية في أوقات الأزمات على المدى القصير.