مسقط - العمانية
تتنوع التضاريس وتتباين ملامح التاريخ عند الوصول إلى قرية الثّقبَة إحدى قرى وادي الجزي بولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة، تبعد عن الطريق العام الذي يربط ولاية صحار بولاية البريمي بما يقرب من عشرين كيلومترًا.
ويمكن الوصول إليها عبر الطريق السابق (صحار-البريمي) الذي منه تبدأ نقطة المغامرة للوصول إلى القرية على بعد /12/ كيلومترًا، ومع وعورة الطريق ومساراته الترابية المتعرجة بين الجبال فإن الرحلة إلى القريرة تصل إلى ما يقرب من /45/ دقيقة.
وعند مشارف القرية يقع حصن /المطلع/ التاريخي الحارس الأمين ويمكن من خلاله رؤية ملامحها الخضراء التي تكسو ممر الوادي وتحيط بها الجبال من كل اتجاه.
حدثنا الشيخ سرور بن عبدالله الكندي شيخ القرية عن هذا الحصن قائلا: "لا يُعرف له تاريخ محدد ولكن كما يذكر الأجداد فإن تاريخه يعود إلى أكثر من /1200/ عام، وهو مبني من الحجارة المأخوذة من الجبال المحيطة به، التي تتميز بلونها الأحمر، كما أنه حصن فريد من نوعه، فهو ليس للحماية والمراقبة فقط ، بل يُروى أنه كان سوقا تجاريا وقيل إنه كان مخزنا للبضائع التي كانت تعبر من هذه القرية وتتجه إلى ولايات محافظتي البريمي والظاهرة"، ويحتوي الحصن على /30/ محلا تجاريا بقيت آثارها إلى اليوم، كما يتوسطه برج للمراقبة به باب صغير للدخول، ليكون هذا البرج للمراقبة والحراسة معا، كما يحتوي الحصن على فتحات للمراقبة وأخرى للرماية.
وأضاف أن هذا الحصن يتمتع بموقع استراتيجي فهو إلى جانب إطلالته على القرية، فإن له مسارا جانبيا ينحدر منه ممر باتجاه الوادي ليتزود مرتادو الحصن بالماء من الفلج مباشرة ودون أن يراهم أحد عبر ذلك المنحدر الذي خُصّص فقط لجلب الماء إلى الوادي.
ومن حصن الطالع وعلى بعد يصل /900/ متر تأتي قرية الثّقبَة التي تقع في أسفل الوادي على شكل شريط زراعي يمتد إلى سبعة كيلومترات تختبئ تحت ظلال أشجار النخيل، ففي ذات المسار وعند الدخول للقرية والوصول إلى مساكنها، تستمر أبراج المراقبة بحماية القرية وسكانها، وعلى قمة الجبل الغربي للقرية يطل برج /الحصين/ إلى جانب برج آخر يتوسطها يسمى بـ /حصن الحارة/، وعلى مقربة منه يقع مسجد مبني من الطين.
ويذكر الكندي أن القرية تعد من أكبر قرى وادي الجزي من حيث الامتداد المساحي والزراعي، وهي ملتقى للعابرين قديما عبر مساراتها وكانت أهميتها قديما في أنها مكان آمن للعبور إلى القرى الأخرى ويعتبر الأقل مشقة في الوصول إلى المزارع المحيطة بها.وتقف شجرة الزام المعمرة التي تقاوم الزمن حتى اليوم شاهدة على تلك
اللقاءات التي تجمع أهل القرية وضيوفهم، حيث يجتمعون تحت ظلالها
ويتبادلون الأخبار والأقوال خاصة في فترة الظهيرة والعصر، فهي محطة
استراحة من العمل ومن أشعة الشمس.
كما تشتهر القرية بعدد من الصناعات الحرفية التقليدية أشهرها صناعة
السعفيات بمختلف أنواعها من جريد النخيل، حيث تمتهنها النساء والرجال
فيبيعون بعضها ويستخدمون البعض الآخر، وعادة ما تكون استخدامات تلك
السعفيات في جمع وحفظ التمور وأيضا صناعة حافظات الأكل وغيرها.
ويذكر حميد بن مهنا الكندي أحد سكان القرية ومزارعيها أن القرية تحتوي
على /11/ فلجا لري المزروعات، وهي من الأفلاج الغيلية، ويتم احتساب
المياه وتقسيمها على المزارعين بنظام المناوبة اليومية، وفق كميات يتم
الاتفاق عليها بين مزارعي القرية وملاك المزارع.
ويضيف: تشتهر القرية إلى جانب زراعتها أشجار النخيل التي تعتبر
مصدرا غذائيا لأهل القرية ومصدر رزق عند بيع منتجاتها من التمور،
بمحاصيل موسمية أخرى مثل زراعة البر والشعير والذرة، إلى جانب
محاصيل أخرى تزرع على مساحات صغيرة كزراعة البصل والثوم
والطماطم، وجميعها يسقى من مياه الأفلاج.
وتعتبر قرية الثّقبَة مقصدا للسياح نظرا لجمال وسحر الطبيعة، ونسماتها
العليلة التي تنساب مع جريان المياه في أفلاجها وخاصة في مواسم هطول
الأمطار، فهي مقصد السياح لقضاء إجازاتهم ويحتاج للوصول إليها إلى
مركبات الدفع الرباعي والتزود بالوقود، مع الانتباه لمرور المركبات
الأخرى أثناء القيادة، لأن الطرق إليها ذو اتجاه واحد.