أسواق العمل تشكي..والمحفزات لا تكفي

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٨/أبريل/٢٠٢١ ٠٩:١٥ ص
أسواق العمل تشكي..والمحفزات لا تكفي

بقلم : محمد محمود عثمان

كورونا يتحدى اللقاحات وما زال يفرض نفسه، ويتحورمن مكان إلى آخر ،ويضرب بشدة أسواق العمل ، والتي لا زالت إشكالياتها قائمة وبصورة قاتمة، لأن أوضاع أسواق العمل الحالية متردية وتتجه من السيء إلى الأسوأ وسوف تستمر مع استمرار الآثار السلبية للجائحة ،ومع استمرار التعامل معها تقليديا ، فالأسواق تئن وتشكى، والمحفزات المقدمة لا تكفي ، أو أنها أصغر أو لا تتناسب وحجم الأزمة ، وهنا مكمن الخطورة ألا نستطيع تقدير حجم المخاطر الآنية والمستقبلية ، خاصة إذا تغافلنا من أن السفينة تغرق أوتجنح ، وأن عجلة الاقتصاد ستقف عن الدوران تماما ، لذلك من الضروري توصيف الحالة جيدا باعتبارها أولى خطوات العلاج ،

فبعض الدول تعطي جرعات من المحفزات الاقتصادية ولكنها قد تكون غير فعالة أو غير كافية ، أو أن هناك إجراءات إدارية تبطل الآثار الإيجابية لها حتى تصير المحبطات أقوى من هذه المحفزات فمعاناة الأسواق جميعها بدأت من الإجراءات الاحترازية ضد كورونا وما تبعه من إغلاقات شاملة لكل القطاعات ، ثم تخفيض عدد العاملين بنسبة 50% و تخفيض ساعات العمل وتخفيض الأجورإلى النصف وتسريح العاملين، وإلغاء تصاريح العمل للأيد العاملة الأجنبية أو عدم تجديدها في شتى التخصصات ،وما لذلك من آثار سلبية ، لأن عدم الاحتفاظ بالأيد العاملة الأجنبية في ظروف كورونا والشلل الذي الذي يضرب كل الاقتصاديات بدون تمييز ، يحول دون سرعة وتيرة التعافي ، ولاسيما كما أوضحت في مقالات سابقة إذا كانت لها وظائف ثابتة وفي مهن يحتاجها المجتمع ،وتمثل قاعدة اقتصادية قوية ومنتجة ومستقرة في سوق العمل ، ونستطيع بها الخروج بالاقتصاد من تأثيرات الأزمة بأقل التكاليف وبأقل الخسائر وفي وقت أسرع ، الأمر الذي يفتح المزيد من فرص الوظائف الجديدة خلال الأعوام القادمة، لأن التخلص منها في هذا التوقيت له أضرار متعددة ومتعدية على الجميع ، ولا يُمكنا من إنقاذ سفينة الاقتصاد الجانحة قبل أن يجرفها تيار الركود الجامح ، الذي يتسبب في ارتباك كبير في سوق العمل المرتبك أساسا منذ موجة كورونا الأولى في العام الفائت، بعد أن توقفت الأعمال التجارية والأنشطة الإدارية نتيجة للخسائر الكبيرة في الإنتاج وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المحلية أو العالمية، ولن تسقيم الأسواق من خلال التصرفات الأحادية للحكومات التي تتجاهل الاحتياجات الأساسيىة والمطالبات المتتالية للقطاع الخاص وممثليه في غرف التجارة والصناعة ،التي تفرض عليهم الظروف زيادة التدخل للقيام بأدوارفاعلة للتخفيف عن كاهل القطاع الخاص والشركات كبيرها وصغيرها المثقلة بالديون والقروض، حيث لم تلتزم كل البنوك بتقديم التسهيلات ، حتى أن بعض البنوك تخصم الأقساط مضاعفة من مرتبات الزبائن وتجعل رصيدهم صفرا وفاء لمستحقاتها، وهذا لا يستقيم حتى في ظل الأوضاع والظروف العادية التي كانت سائدة قبل تداعيات جائحة كورونا ،وكذلك تعسف أصحاب العقارات في استخدام الحق والتمسك بكامل القيمة الإيجارية للإيجارات واللجوء للمحاكم للمطالبة بالمتأخرات الإيجارية ، وتقديم الشيكات للقضاء مع الاستخدام الخاطيء للشيكات كأداة ضمان أو “ائتمان” لتسدد قيمة الإيجار

على عكس القواعد والأحكام القانونية التي تجعل من الشيك أداة وفاء،لأن عصا القانون لا ترحم والحماية الجنائية للشيك لا تنظر إلى اسباب إصدار الشيك ودوافعه أو الغرض من إصداره عند اصدار الحكم،على الرغم من وجد عقود الإيجارت التي لها حجية اثبات حق مالك العقار، حيث لا يوجد أمام القضاء سوى تطبيق القانون في مواجهة المستأجرين الذين لا حول لهم ولا قوة ، الأمر الذي يتطلب تدخل المشرع لتخفيض عادل في القيمة الإيجارية للمحلات والمساكن ( مؤقتا حتى تنجلي جائحة كورونا) مع تقسيط المتأخرات وعدم استخدام الشيكات كوسيلة ائتمان أو ضمان لأنه وسيلة ضغط وتهديد دائم لمُصدر الشيك ، فالشركات تعثرت أوأغلقت ولا توجد مرتبات للعاملين وللموظفين تغطي كل الاحتياجات الحياتية أو أقساط السيارات أو الزواج أو المسكن أو الديون الأخرى ، خاصة بعد تخفيضها إلى النصف مع التأخير في صرفها لمدة شهرين أو أكثر، مع زيادة أسعار السلع الأساسية والوقود،ورسوم الخدمات وتطبيق ضرائب جديدة مثل القيمة المضافة ، ما يتسبب في حالة من القلق وعدم الاستقرار المجتمعي الذي ينعكس سلبا على العامل والعمل والإنتاج ، مع أهمية النظر إلى الاحتفاظ بالأيد العاملة الأجنبية التي لها مهن أو وظائف ثابتة مؤثرة على الإنتاج وذلك لخلق قاعدة اقتصادية قوية ومنتجة ومستقرة في سوق العمل ، تساعد على استمرار التنمية ، وتستطيع الخروج بالاقتصاد من تأثيرات أزمة كورونا بأقل الخسائر، وتمكن القطاع الخاص من الحصول على الأيد العاملة الرخيصة والمنتجة في التخصصات الإنتاجية والخدمية التي يحتاجها السوق ، حتى في مرحلة ما بعد كورونا ،لأنه بالنظرة المستقبلية ،فإن ذلك يفتح المزيد من فرص العمل والوظائف الجديدة خلال الأعوام المقبلة.