التوازن الصعب

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٣/أبريل/٢٠٢١ ٠٨:٥٥ ص
التوازن الصعب

بقلم : عيسى المسعودي

ذكرت في مقالات فائتة أهمية ودور وكالات التصنيف الائتمانية في تقييم الوضع الاقتصادي في البلاد وأيضا دورها في مستوى التصنيف الائتماني ومايترتب عليه من أمور مهمة تؤثر وبشكل كبير على مجالات عديدة من بينها التمويل وجلب الاستثمار الأجنبي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي حيث تلعب هذه الوكالات دوراً كبيراً في هذا المجال حيث تتعامل هذه الوكالات مع مؤسسات تمويلية مهمة مثل مجموعة البنك الدولي والتي تضم صندوق النقد الدولي ومؤسسة التنمية الدولية وغيرها من المؤسسات التي تعتمد على هذه الوكالات الائتمانية في تقديم تقارير عن مختلف دول العالم وماتقوم به من إجراءات واصلاح في تعزيز اقتصادات هذه الدول وبالتالي اتخاذ القرارات المناسبة لتقديم التمويل لهذه الدول ، وطالبت في احدى المقالات بأهمية توفير التقارير الاقتصادية والمالية عن السلطنة وتقديمها لهذه الوكالات الائتمانية بكل شفافية والجلوس مع ممثلي هذه الوكالات لتحقيق أفضل النتائج والرد على استفساراتهم وتعريفهم بالخطوات التي تقوم بها السلطنة في تحسين وتحفيز الاقتصاد العماني، والحمد لله يبدوأننا خلال الفترة الفائتة نجحنا في هذا النهج وتغير فلسفتنا في التعامل مع هذه الوكالات من خلال القيام بالعديد من الخطوات والإجراءات التي تساهم في إعادة التصنيف الائتماني للسلطنة فقد قامت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية تصنيفها الائتماني السيادي الطويل والقصير بالعملة الأجنبية والمحلية على المدى الطويل والقصير بالعملة المحلية عند «B + /‏‏ B»، مع الإبقاء على نظرة مستقبلية مستقرة وهذه الوكالة هي احدى الوكالات المهمة التي تتعامل معها السلطنة منذ سنوات طويلة لذلك فإن هذا البيان أو التقرير من هذه الوكالة يؤكد على نجاح جهود الحكومة في الاصلاح المالي والاقتصادي رغم كل التحديات والضغوط المالية التي تواجهها السلطنة وأننا أمام مرحلة جديدة في التعامل مع هذه الوكالات العالمية.

ولتوضيح وتقريب الصورة أكثر للجميع علينا أن نتعرف على همية ودور هذه الوكالات الائتمانية فهي ببساطة وكما تشير التقارير الإعلامية تلعب دوراً كبيراً في المنظومة الاقتصادية العالمية فصناع القرار وأصحاب رؤوس الأموال يعتمدون على تقييماتها بشكل رئيسي قبل اتخاذ قراراتهم الاستثمارية كذلك فإن التصنيف الائتماني من الأمور المهمة فهي تظهر تقييم مدى قدرة دولة ما على سداد ديونها ، فمعنى تصنيف ضعيف أن هناك احتمالا بألا تستطيع الدولة الوفاء بالتزاماتها ، أما التصنيف المرتفع فيعني أن المدين قادر على الإيفاء بكل التزاماته الائتمانية في الوقت المحدد دون أية مخاطر، وبمعنى آخر تستطيع الدول ذات التصنيف الائتماني الجيد مثل « المرتفع « الحصول على قروض بفائدة أقل من الدول الاخرى التي يكون لها تصنيف « ضعيف « أي أنه كلما ارتفع التصنيف الائتماني فإن مخاطر عدم الوفاء أو التخلف عن السداد في المواعيد المحددة تقل، مما يؤدي إلى احتساب نسبة منخفضة على الفائدة المقررة ، وهذه التعريفات لدور واهمية هذه الوكالات تدركها كافة الحكومات مما يعني اننا علينا الاستمرار في التعامل مع هذه الوكالات وبشكل واضح وشفاف ليس فقط مع هذه الوكالة وانما مع الوكالات الاخرى فهذا أمر مهم فالسلطنة تتعامل مع ثلاث وكالات رئيسية هي موديز و ستاندرد آند بورز العالمية ومؤسسة فيتش وهذه الوكالات تصدر بيانات بين فترة وأخرى تؤثر على التصنيف الائتماني للسلطنة ، مما يجعلنا نأخذ هذا الموضوع ليس كمؤسسات حكومية فقط وبشكل فردي وأنما على مستوى كافة المؤسسات المعنية بمتابعة هذه الوكالات وتحديد الطرق الصحيحة في كيفية التعامل معها ومع التقارير التي تبثها بين فترة وأخرى عن السلطنة.

إن التقرير الأخير لوكالة «ستاندرد آند بورز» أمر في غاية الأهمية وإيجابي وتتويج للجهود التي قامت بها السلطنة منذ العام الماضي ولكن التحدي هو الاستمرار في القيام بهذه الجهود والاصلاحات رغم معرفتنا بصعوبتها والضغط الذي تسببة على مجالات اخرى ولكن أحياناً لايكون لديك بديل سوى القيام بهذه الخطوات والإجراءات حتى تستمر النظرة المستقرة والإيجابية من قبل هذه الوكالات الائتمانية ومن المؤسسات المالية الدولية ، ولكن رغم ذلك على الحكومة الحرص على تحقيق التوازن بين متطلبات هذه المؤسسات المالية العالمية وبين متطلبات أفراد المجتمع وضمان الحياة الكريمة للمواطنين والحرص دائماً على اطلاق المبادرات والبرامج التي تساهم في تحقيق الحماية الاجتماعية فهذه المؤسسات المالية وكما يعلم الجميع تطرح دائماً متطلبات جديدة وستستمر في ذلك خاصة وأنها تدرك ان الدول بحاجة إليها في مجالات متعددة وخاصة فيما يتعلق بالتمويل وتعزيز الاقتصادات الوطنية لذلك علينا التعامل مع هذه المؤسسات بحكمة بحيث لاتؤثر على حياة الناس وكذلك دراسة كل هذه المتطلبات ومعرفة تأثيرها على المجتمع فليس كل الأمور يمكن تنفيذها لأن بعضاً منها لها تداعيات وتأثير كبير على مجالات الحياة المختلفة.