عن المواطنين

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١١/أبريل/٢٠٢١ ٠٨:٢٨ ص
عن المواطنين

بقلم : محمد بن علي البلوشي

يوم الخميس كان سارًا لشرائح واسعة من المجتمع العماني..شرائح نادت وناشدت الحكومة بأعلى صوت بالالتفات لها بعد أن يئست فأوردت كل الدلائل لتشير إلى تضررها كما تقول تحت تأثير ضربات كورونا الموجعة وما سببته لهم من معاناة يمكن وصفها بالمؤلمة والقاسية على مستوى ظروفهم المادية..وحين يشتكي مواطن من ظروفه المالية وهو ليس سببًا فيها بل بتأثيرات خارج إرادته فهنا تتولى الدولة مسؤوليتها بالحفاظ على معيشته وليس تركه عرضة لفاعلي الخير والتكاتف الاجتماعي لحل عسره..أو تركه لظروف الشارع الذي لا يرحم إنسانًا. الدولة مهمتها حماية الجميع وتوفير أبسط وسائل العيش الكريم لمواطنيها وتأمين متطلبات الحياة الكريمة لأبنائها فهي من تحكم وتدير وهي من تضع القواعد الاجتماعية والاقتصادية..الحكومة مسؤولة عن تخفيف الضرر عن الشرائح المتضررة وفق أسس وضوابط هي تعلمها ولا تخفى عليها ولايمكن لأحد أن يخفيها..هذه الضوابط والأسس ذات منهجية تعمل بها الدول فمن الذي يستحق الدعم ومن الذي ينبغي أن تستهدفه الحماية الحكومية هل الأغنياء بلا شك لا أم الطبقة المتوسطة أم الميسورين أم الفقراء أو ذوي الدخل المحدود؟ لقد كشف لنا كورونا من يتحمله ومن لا يستطيع مقاومته وهي تلك الشرائح التي سرت بالتوجهات السامية الكريمة. العاقل يقول إن الحكومة معنية بحماية هذه الشرائح وهي بدرجات متفاوتة وهنا سأتوقف قليلاً لأقول ينبغي أن تعمل الحكومة على إعادة تعريف الفقر في عمان من كل جوانبه حتى لا تبدو المسألة رمادية ومبهمة وتخضع لتفسيرات وأهواء ..من الأهمية بمكان أن تجمتع لجان متخصصة لتصمم لنا تعريفًا جديدًا للفقر ونحن في 2021 .فالفقر قبل عشرين عامًا يختلف عما هو عليه..ارتفعت الأسعار وتضاءلت قيمة الريال عما كان عليه قبل سنوات مضت.هناك من كان من الطبقة فوق المتوسطة في السابق واليوم لربما أنحدر وضعه المادي ربما..اليوم ليس الفقير من لا يجد قوت يومه فالطعام والشراب مقدور عليه..لكن الجوع يأخذ شكلاً جديدًا في الحياة المعاصرة..فمن لايستطيع أن يفي بأبسط متطلبات الحياة اليومية، من قدرته على تسديد فواتير الماء والكهرباء بإنتظام وتسديد فاتورة الانترنت وتسديد أقساط المنزل الذي بناه وهو حاصل على قرض إسكاني مدعوم حكوميًا والقائمة قد لاتنتهي..هؤلاء يستحقون أن نقف لنراجع سياساتنا تجاهم. كانت توجيهات مولانا السلطان المعظم واضحة للمسؤولين، كل مسؤول كبيرًا كان أو صغيرًا طالما يؤدي عمله في وظيفة عامة حسب مسؤوليته وواجباته وفي المؤسسات المعنية بالمواطنين عليهم متابعة أحوال هذه الشرائح والوقوف على احتياجاتها وتلمسها وأن لا يبقى إنسان على هذه الأرض الطيبة في حاجة وعوز معيشي وهو يرى جيرانه في يسر برغم محاولاته وسعيه لانتشال نفسه من مأزق الحاجة والعوز دون جدوى..وبرغم ذلك قد تتفرج المؤسسات المعنية عليه ولاتحرك ساكنًا إلا أن بعد أن تزلزل وسائل التواصل قصته على الملأ. تعود مجتمعنا أن كل صغيرة وكبيرة هي مسؤولية الحكومة..كيف يمكن لمواطن أن يعيش في ضرر بسبب إيجار مسكن لم يدفعه أو العيش في منزل يفتقر لأدنى متطلبات العيش الكريم، في الوقت نفسه قد توجد 5 مؤسسات حكومية في ولايته دون أن تحرك ساكنًا.ثم تأتي وسائل التواصل لتحركها بشكل عاجل.ستظل وسائل التواصل الاجتماعي عين جديدة وقوية وذات تأثير فعال على الحكومة ومسؤوليها..فهي مباشرة وعفوية وليست متكلفة ولا تخضع لعمليات تشطيب ورتوش تجميلية لتوصيل الرسالة وبخاصة إن كانت رسالة محتواها حالة تدمي القلب فتحمل الغضب الاجتماعي. إذن فقد أرسل جلالته إشارات واضحة ودقيقة جدًا للمسؤولين وللجميع أن المواطن العماني هو الهدف الأسمى للحكومة فحينما يسدي جلالته توجيهاته السامية لجميع المسؤولين «بمتابعة الأوضاع المعيشية للمواطنين بما يضمن لهم استمرار مستوى العيش الكريم اللائق في هذا الوطن المعطاء» فهي رسالة لا تحتمل التأويل فكل مسؤول سيكون محاسبًا أمام التقصير وليس الوقت الآن للتبرير بل العمل بكل أمانة وإخلاص وهو ما افترض فيه حسن النية بأن الجميع يعمل بإخلاص وهو وحده لا يكفي فالمحاسبة والتقييم هي عنوان للتقصير..واليوم المسؤولية ليست تشريفًا بل تكليف بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى..لاوجود للتفاخر بالمسؤولية بل هي التزام..ولايمكن للجهات الحكومية او أي مسؤول التذرع بأمور لتبرير التقصير-إن وجد- .فأنتم الحكومة وأنتم تجدون الحلول.