السَلام استراتيجية عُمانية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٨/مارس/٢٠٢١ ٠١:١١ ص
السَلام استراتيجية عُمانية
محمد بن رامس الرواس

محمد بن رامس الرواس

" لقد عرف العالم عُمان عبر تاريخها العريق والمشرّف كياناً حضاريًا فاعلًا ومؤثراً في نماء المنطقة وازدهارها واستتباب الأمن والسلام فيها ، تتناوب الأجيال على إعلاء رايتها وتحرص على أن تظل رسالة عُمان للسلام تجوب العالم حاملةً إرثًا عظيمًا وغايات سامية تبني ولا تهدم تقرّب ولا تبعد وهذا ما سنحرص على استمراره معكم وبكم لنؤدي جميعًا بكل عزم وإصرار دورنا الحضاري وأمانتنا التاريخية "

السلطان هيثم بن طارق المعظم

من منطلق هذه الكلمات المباركة التي القاها جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- يوم الاحد تاريخ 23 فبراير 2020م وبالتحديد ما جاء في الفقرة الثانية من خطابه الميمون ، ترسخت لدى كل عُماني وكل مستمع للخطاب أن استراتيجية ونهج عُمان للسلام القائمة على تعزيز الحوار مستمرة وراسخة وثابته، أستلم أمانتها السلطان هيثم -حفظه الله- من السلطان قابوس -رحمه الله- لتبقى أرث عُماني مستمر، فنهج السلام هو المنفد الوحيد لإيجاد مجتمعات ودول مستقرة ومطمئنة ، وهو أمر رباني دعى اليه ديننا الحنيف اولاً ، ثم اقرته أهداف جمعية الأمم المتحدة منذ إنشائها .

أن دور عُمان الحضاري وأمانتها التاريخية تُحتمان عليها أن تتواصل مسيرة السلام المباركة التي ارسى قواعدها في العصر العُماني الحديث السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - لانها أرث عظيم تتناقله سلاطينها العِظام سلطان تلو سلطان ، واطار أساسي راسخ من أطر الثوابت العُمانية التي لا تحيد عنها ، فالسلام قيمة عليا يشكل محور بناء في سياسة السلطنة الداخلية والخارجية ماضياً وحاضراً ، فالسلام في مجمله كل لا يتجزاء ولا يقبل التجزئة ، ولا يُراهن عليه منفرداً ، فهو تعبير عملي مشترك نهجه الصراحة والوضوح في العلاقات الدولية ، وهذا ما يكسب صاحبه ثقة الآخرين بوجود ميزان العدل والأمان عنده ، فيطمئن اليه العدو قبل الصديق ، والبعيد قبل القريب ، فحكم الآخريين عليك يكون جراء ما شكلتها سياستك على امتداد القرون والعقود الفائته من تاريخك .

لقد كان ولا يزال الحوار الذي يدعو إلى المبادئ العادلة للشعوب والدول سواء كان قولاً اوفعلاً في سياسة السلطنة أنما هو نهج مستمد من فضائل الأخلاق التي جُبل عليها أهل عُمان ، وتاكيداً لقوله تعالى في محكم التنزيل (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) فلقد كان الحوار من أجل العيش المشترك بين بني البشر نهج دعا اليه رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ولقد جسده بنفسه عبر حوارات قام بها أثناء حياته مع كل من خالفه الفكر ، والراي ، والتوجه فأرسى بذلك صل الله عليه وسلم إسلوب حياة ذات قيم مُثلى في تاريخ الإنسانية من أجل العيش المشترك.

أن العالم اليوم يعيش الكثير من التداخلات في المصالح ، والعديد من المتغيرات السياسية والاجتماعية تحتاج الي نهج عميق وثابت من أصحاب المواقف العادلة التي تحترم الجميع مما أهلهم ليكونوا نبراس وقدوة تستثمر عند حصول المعضلات التي ليس لها باب ولا مفتاح ولا مخرج الا السلام والحوار والعيش المشترك واحترام حقوق الآخريين .