علي بن راشد المطاعني
نجاح الصناعة في أي دولة وتطورها ونمو مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ودورها في تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع والبضائع يعتمد على دعم الدولة والمجتمع معا، وبدونهما سنظل نرهن أنفسنا للخارج مهما كانت جودة ومواصفات صناعتنا وغيرها، فإذا لم تنجح الصناعة في الداخل بدعم الحكومة والمجتمع فمن الطبيعي ألا تتحرك شبرا خارجيا والعكس صحيح.
فاليوم الدعم المطلوب من الحكومة؛ ليس للبنية الأساسية المتوفرة في المناطق الصناعية المتكاملة وليس في المزايا والتسهيلات و لا الأطر والتشريعات المحفزة للاستثمار الصناعي؛ وإنما في شراء المنتجات الوطنية لاستدامة الصناعة من الجهات الحكومية نفسها، وكذلك المجتمع وتفضيله لشراء منتجاته لجودتها ومواصفاتها وبعد ذلك دعمها باعتبارها منتجات وطنية؛ وبدون هذين الجانبين المهمين لاستدامة القطاع الصناعي مهما أسدينا الدعم والتسهيلات فلن يستديم القطاع بنموه وتطوره باعتبار أن شراء المنتجات هو المحرك الأقوى لاستمرارية أي مصنع؛ الأمر الذي يتطلب التزاما من الجهات الحكومية والخاصة في كيفية تفضيل شراء المنتجات الوطنية على غيرها، ومحاسبة كل من أخل بهذا الجانب حتى وإن كان في السنوات الفائتة، وتوعية المجتمع بواجباته للنهوض بالصناعة.
لاشك أن الصناعة دعامة التطور في دولة وقاطرة التنمية والتنويع الاقتصادي، وأحد مرتكزات رؤية عمان 2040 ولها استراتيجيات وخطط ولها وزارة خاصة ومؤسسة «مدائن» ومناطق حرة إلى غير ذلك من تسهيلات ودعم مؤسسي؛ إلا أن كل ذلك لا يكفي إذا كانت هناك جهات حكومية معتبرة تشتري منتجات أخرى مشابهة لما تنتجه مصانعنا بدون مبررات اللهم إلا حسدا على مستثمرينا أو لغرض في نفس يعقوب، أو ربما أسباب شخصية؛ فما طرحه أحد رجالات الأعمال من صرخة عما يعانيه القطاع الصناعي ما هي إلا صرخة واحدة من صراخ بح به صوت الصناعيين في السنوات الماضية، فكيف لنا أن نطالب الصناعيين الوفاء بالتزاماتهم تجاه الدولة والمجتمع إذا كانت جهات حكومية نفسها تخل بالتزاماتها في دعم المنتجات الوطنية فكيف نتطلع لتطوير الصناعة، فالخلل في الجهات الحكومية نفسها لغياب عنصر المحاسبة وتعدد الجهات وتشتت الجهود.. وللأسف لا يمكن أن نرتجي تتطور صناعة ونحن نتعامل معها بهذا الحال.. ليعلم الجميع ذلك.
الجانب الآخر المجتمعي أيضا هو أنه لا يستقيم أن نطالب الآخرين الصناعيين والشركات ما نطالب به أنفسنا عندما نتسوق بشراء منتجات أخرى غير منتجاتنا ونطالب في ذات الوقت بتوظيف أبنائنا ودعم المجتمع وغير ذلك.. لا بد أن نكون صادقين مع أنفسنا ونعي أن تطور الصناعة كم متكامل لا يمكن تجزئته واهتمامنا بمنتجاتنا الوطنية ليس ولاء لها بقدر ما أنه بسبب مواصفاتها الجيدة وجودتها التي تضاهي أفضل المنتجات العالمية، وسلامتها من الغش إلى غير ذلك.. لكن للأسف يحدث العكس بدون مبرر مقبول.
الشعوب التي تطورت التفت حول صناعتها مثل الصين وتركيا وغيرها من دول العالم، وجميعها ولاء شعوبها لمنتجاتها قبل أي شيء، لذلك نرى الصناعات الصينية والتركية تغزو الأسواق لنجاحها بالداخل بدعم حكومي ومجتمعي ممنهج.
بالطبع الكثير من الجهات تطرح مناقصات عالمية. تحرم الشركات الوطنية وفي ذات الوقت تطالبها بالتزامات الضرائب والرسوم، ولا تلزم الشركات بشراء منتجاتنا وتطالب بنفس المطالب في تناقض غريب لا يفك لغزه إلا التحقيقات حول ما حدث وأسبابه لكشفه للمجتمع لتبيان الحقيقة.
نأمل أن نكون صادقين في دعم الصناعة حكومة وشعبا إذا رغبنا أن تتطور وعلى المجتمع أن يفضل منتجات بلاده لكي تزدهر وهكذا تمضي عجلة التقدم في أي دولة ومجال لا يمكن أن تتقدم ما لم تكن لها استدامة منظمة من الدعم الحكومي والمجتمعي.