مسقط - الشبيبة
صدر عن دار لبان للنشر كتاب «الفكر.. قراءة تحليلية» للكاتب أحمد بن تعيب الكثيري، وهو من الكتب العلمية الباحثة في هذا المصطلح من خلال رؤى متعددة مدعومة بأشكال وجداول للنظر في ماهيّات الفكر وتاريخه والعوامل المشكلة له والتغذية الفكرية والعلاقة بين المعلومات والوعي والسلوك، والتربية والعلم وعلاقتهما بالثقافة وقياس الثقافة، وغير ذلك من الأفكار التي يقدمها الكثيري في إصداره الأول.
ويطرح الكثيري سؤاله «لماذا نتكلم عن الفكر؟»، فيرى «أن كثيرا ما يحدث أن نرى بيننا وبين المحيطين بنا في الأسرة، أو الدراسة، أو العمل، أو في أي ميدان من ميادين الحياة التي نعيشها، بعض الاختلافات في وجهات النظر أو الرغبات أو الطموحات، أو غيرها الكثير من الأمور المشتركة بيننا خلال الحياة، والتي بالإضافة إليها نرى بعض الأشياء التي نتشابه فيها معهم أو نتفق ِعليها بشكل أو بآخر، كالهوايات، أو ما نفضله في المأكل والمشرب أو اللبس أو السفر أو غيره»، مشيرا إلى أنه هذه الاختلافات أوالتشابهات التي بيننا كبشر -سواء كانت سطحية أو عميقة- هي التي ستظهر لنا وللآخرين من حولنا طبيعة أقوالنا وأفعالنا في جميع المواقف التي ستجمعنا في هذه المجتمعات الكبيرة والمتزايدة، موضحا أنها تتجسد في اختياراتنا المتنوعة في اللبس، أو الطعام، أو غيرها، وأيضا في قراراتنا الشخصية والكيفية التي قمنا باتخاذها، وفي أخلاقياتنا وسلوكياتنا البشرية مع أنفسنا، ومع الآخرين..
ويشير الكثير إلى ما يعرف بجسد الفكر لدى الإنسان، والذي يقود بأدوار منها استقبال التغذية الفكرية المتوفرة حوله، وتحليل التغذية الفكرية (فحص وقياس واختبار الأفكار)، وتحديد ما يتم تبنيه، أو رفضه، أو عدم الكتراث به، أو معالجته لبناء الأفكار، ومعالجة وبناء الأفكار، أو التبني المباشر للتغذية الفكرية الواردة، وأخيرا ترجمة التغذية الفكرية التي تم تبنيها أو التي تم معالجتها وبناؤها كأفكار جديدة، إلى أقوال أو أفعال وبأساليب وطرق معينة، موضحا أنه كثيرا ما نسمع عن وصف البعض لآخرين بأن تفكيرهم سطحي أو محدود، وذلك القصد منه: العدد المحدود أو البسيط لعمليات التفكير التي يقوم بها على الفكرة أو الأفكار، التي تأتيه أو التي بداخله، أما الذي يوصف بأن تفكيره عميق فالقصد منه هو: كثرة عمليات التفكير التي ي على الفكرة أو الأفكار، التي تأتيه أو التي بداخله. وبذلك يكون الإنسان الفطن أو الحكيم هو: من يستطيع معرفة متى وأين يتم استعمال عمليات التفكير بشكل سطحي أو بسيط، ومتى وأين يتم استعمال عمليات التفكير بشكل عميق أو معقد، ويجيد التوفيق بينهما أثناء مجريات حياته.
ويشير الكثيري إلى مجموعة من المشاكل الفكرية، حيث يرى أن تحديده للعناصر الأربعة «الثقافة والعلوم وأنماط التربية»: تغذية الفكر، و»العقل والقلب»: جسد الفكر، و»التفكير والتفكر»: عمليات الفكر، و»الأقوال والأفعال»: نتاج الفكر، هذا التحديد مهم لأن فهم هذه العناصر سيسهل علينا لاحقا فهم الكثير من المشكلات التي نواجهها كأفراد أو كمجتمعات، عندما يتعلق الأمر بمفهوم الفكر وكيفية تشخيص مشكلاته ومعرفة ماهيتها، كما أن هذا التقسيم والتصنيف سيسهل علينا فهم آلية التغيّرات التي تحدث، سواء فينا أو حولنا في هذا العالم الم من حيث المتسارع جدا من حيث المتغيرات الأنثروبولوجية.
ويرى المؤلف أحمد الكثيري أن الناس يقومون بتحديد مستويات الفكر حسب المعيار الشخصي أو المجتمعي الذي لديهم، وينظرون من خلاله على أنه كأداة لقياس الفكر، ويرصدها في 15 نقطة، ومنها «الرسالة» التي يعدها أساس المنهجية، والرؤية والأهداف والتربية الأخلاقية والتربية العقلية والتربية النفسية والتربية الجسدية والثقافة السلوكية والوعي والثقافة المعلوماتية وغيرها، وصولا إلى الأفعال أي «الأعمال التي نقوم بها ونوعيتها والوظائف والكيفية التي يتم القيام بها»، معتبرا أن ذلك أحد مقاييس الفكر.